لوتان تحكي المعاناة اليومية لمدرس تحت القصف في غزة
قالت "لوتان" إن قصف الجيش الإسرائيلي للمكان -الذي يفترض أن يكون موجودا فيه القائد العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمد الضيف– قضى على آخر مظهر مما يدعي جيش الاحتلال أنها مبادئ يحافظ عليها في مذابحه المستمرة في غزة.
وأوضحت الصحيفة السويسرية -في تقرير بقلم لويس ليما- أن القنابل الإسرائيلية في ذلك القصف تسببت في مقتل أكثر من 90 شخصا وإصابة نحو 300 آخرين، معظمهم نساء وأطفال، وذلك بعد عملية أخرى لتحرير 4 محتجزين، قام الجيش أثناءها بمذبحة شبيهة، قتل فيها ما لا يقل عن 200 شخص وجرح أكثر من 400 آخرين.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsلوفيغارو: هكذا فقدت فرنسا نفوذها في أفريقيا
البقاء على قيد الحياة
ومع ذلك لا يزال مصير الضيف غير معروف -كما تزعم الصحيفة- رغم أن القوات الإسرائيلية وضعته منذ فترة طويلة على قوائم الأشخاص الذين تنوي قتلهم، بل ويقال إن إسرائيل حاولت اغتياله 6 مرات خلال 20 عامًا الماضية، وهي تعتبره أحد مدبري هجوم حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وللوقوف على جزء من قصة المأساة المستمرة في غزة، اتصلت "لوتان" هاتفيا بمدرس الفرنسية في غزة زياد مدوخ الذي قال "ربما يكون من المفاجئ لكم أن الناس لم يتحدثوا مطلقا عن مصير الضيف -الأيام الأخيرة- فالسياسة ومصير الفصائل من حماس والجهاد الإسلامي لا تدخل في أحاديثهم اليومية، لأن كل ما يشغلهم طوال الأشهر التسعة الماضية هو أن يأووا إلى مضاجعهم وهم على قيد الحياة، ويستيقظوا اليوم التالي كذلك".
ويقول مدوخ، رئيس قسم الفرنسية جامعة الأقصى في غزة ومنسق مركز السلام إنه لا يجد الكلمة التي تصف حياته الشخصية، رغم إتقانه الفرنسية، فهل هي حياة جارية أم مكررة أم عادية؟ فهو قد فر مع عائلته 7 مرات، ويسكن الآن مع 45 شخصا غرب مدينة غزة التي لا يزال يعيش فيها أكثر من 400 ألف شخص، رغم الدمار والحرمان.
وأثناء قصف مخيم المواصي قرب خان يونس، حيث أكد الجيش أنه رصد الضيف، أكد الإسرائيليون أنه لم يكن هناك أي مدنيين عمليا، وقالوا قبل ذلك إنها "منطقة مسيجة تسيطر عليها حماس" وذلك ما يناقض كون الجيش الإسرائيلي نفسه أعلنها "منطقة إنسانية" ووجه إليها آلاف المدنيين.
خنق السكان
ويعتقد المعلم الفلسطيني أن "هدف إسرائيل ليس مهاجمة الفصائل، ولا حتى تحرير المحتجزين الإسرائيليين الباقين" لأن جيش الاحتلال الذي يعد من أكثر الجيوش كفاءة في العالم يمكنه بسهولة استهداف هؤلاء الأشخاص مع تجنب المدنيين، ولكن الأمر يتعلق أساسا بخنق السكان الفلسطينيين، وكل الوسائل جيدة لتحقيق ذلك" بالنسبة لجيش الاحتلال.
وهكذا هو اليوم "العادي" لمدرس الفرنسية في غزة، حيث "سعر كيلو الأرز 40 يورو، والسكر 45 يورو، والحصول على مياه الشرب صعب للغاية، وكذلك العثور على ألواح شمسية صغيرة للحصول على الكهرباء وللتمكن من الوصول إلى المعلومات. ومستشفيات غزة كلها مدمرة أو خارجة عن الخدمة. ويمكن أن تحدث انفجارات في أي وقت، لتضطرك إلى مغادرة المنزل مرة أخرى".
ورغم أن الجيش الإسرائيلي لا يقوم بتوغلات بهذا الجزء من المدينة الوقت الحالي، فقد تمركزت دباباته على بعد أقل من كيلومترين، ويقول مدوخ "في المنطقة المجاورة مباشرة لمنزلنا، مات 60 شخصا بسبب المجاعة أو عواقبها. إن حياتنا اليومية العادية محاولة منع عائلتنا من التعرض لنفس المصير".
تجنب نكبة جديدة
وعقد معلم الفرنسية، وهو أحد الفلسطينيين المعروفين بأوروبا، العديد من اللقاءات والمؤتمرات لصالح السلام في الماضي، ولكنه منذ أكتوبر/تشرين الأول لم يغادر غزة، لأنه يرفض أن يساعد في "النكبة الجديدة" بتهجير الفلسطينيين قسرا كما حدث عام 1948.
وخلص مدوخ إلى أن "الحسابات السياسية" لا تهمهم في غزة "نحن جميعا نترقب أخبار وقف إطلاق النار المحتمل. في غزة لم يعد هناك أي أفق. وبينما يتم تدمير المدارس، لا أحد يعرف ماذا سيحدث لمئات الآلاف من الأطفال. لم يعد أحد يعمل، لقد ضاع كل شيء. وقف إطلاق النار هو الأمل الوحيد الذي نتطلع إليه".