قائد الناتو السابق: أميركا ضعيفة أمام الصين وروسيا
قال القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك إن الولايات المتحدة لم تكن تواجه إبان الحرب الباردة سوى دولة واحدة هي الاتحاد السوفياتي، لكنها اليوم تواجه خصوما أكبر وأقوى عبر جبهة أوسع بكثير.
وفي مقال نشرته له صحيفة "يو إس توداي" الأميركية بالتزامن مع انعقاد قمة دول الناتو السنوية التي تستضيفها واشنطن العاصمة احتفالا بمرور 75 عاما على تأسيس الحلف، قال كلارك (أميركي الجنسية) إن على الأميركيين أن يدركوا أن "أصدقاءهم" في أوروبا خائفون بسبب الحرب المستعرة في أوكرانيا منذ عامين، وتلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام السلاح النووي، والتحالف الناشئ بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية الذي يستهدف أميركا "المنشغلة" بانتخابات رئاسية "شرسة" وتحزبات "مريرة".
اقرأ أيضا
list of 2 itemsجوناثان كوك: إسرائيل تريد إنهاء المهمة التي بدأتها واشنطن بعد 11 سبتمبر
وأضاف "حلفاؤنا الأوروبيون يتطلعون لإشارة تدل على وجود قيادة أميركية قوية، لا تكتفي بإطلاق خطب رنانة فقط"، لافتا إلى أن أمام الولايات المتحدة فرصة لإثبات قوتها بعد أن أجازت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ مؤخرا قانون إقرار الدفاع الوطني الذي يحدد ميزانية ونفقات وزارة الدفاع الأميركية. ومع ذلك، فإن قائد الناتو السابق يعتقد أن هذه الفرصة لن تتحقق إلا بتخصيص مزيد من الاعتمادات بموافقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
لا دور ريادي
ولكن هل واقع الحال في الولايات المتحدة يتيح لها ممارسة الدور الريادي الذي طالما اضطلعت به في الناتو خلال الحقب الماضية؟، تتساءل الصحيفة.
في الحقيقة، كان كلارك صريحا عندما قال إن مصالح أميركا العالمية وإستراتيجياتها وقدراتها الدفاعية "غير متوازنة إلى حد كبير"، وهو أمر "لا يخفى على خصومنا أو حلفائنا في الناتو وشرق آسيا" الذين يرون "تصريحاتنا الشجاعة تجاه الصين، في وقت تتقلص فيه قواتنا البحرية، وتبحر السفن بدون أطقم كاملة العدد".
ويضيف أن هؤلاء الخصوم أو الحلفاء يرون معا أن "قواتنا المسلحة المتقلصة" تتحرك جيئة وذهابا "من تدريب إلى تدريب على معدات عتيقة، وتحاول جاهدة استيعاب الدروس المستفادة من حرب أوكرانيا وتنفيذها على أرض الواقع".
الجنود منهكون والعتاد قديم
ويواصل كلارك الكشف عن واقع الحال في المؤسسة العسكرية الأميركية، مشيرا إلى أن الجنود الأميركيين وعائلاتهم "منهكون"، وأن الخصوم والحلفاء يسمعون تقارير عن طائرات قديمة تابعة للقوات الجوية أو تقاعدت مبكرا "لأننا لا نستطيع تحمل تكاليف صيانتها"، و"يشعرون بحرارة التحديث النووي الروسي دون رد فعل من أميركا".
وأوضح أن الرئيس الصيني شي جين بينغ عبَّر عن ذلك بوضوح وهو يودع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عقب انتهاء زيارته لموسكو العام الماضي، حينما صرح بأن هناك "تغيرات لم نشهد مثلها منذ 100 عام، ونحن من يقود هذه التغييرات".
وكان الزعيم الصيني يعني بذلك -وفق كلارك- أنه يستطيع أن يرى الضعف الأميركي، وانهيار النفوذ الأميركي، ومجموعة جديدة من المؤسسات القادرة على خنق آمال القيادة الأميركية التي أنفقت المليارات من الدولارات لتعزيز الديمقراطية والحرية.
إذا سقطت أوكرانيا
بيد أن كلارك يرى أن قانون إقرار الدفاع الوطني للعام المالي 2025 يمثل بداية جيدة لمعالجة ذلك الضعف بضخه 25 مليار دولار زيادة على المخصصات المالية المدرجة في الميزانية التي طلبتها إدارة الرئيس جو بايدن.
وفي ظل تهديد روسيا بوضع أسلحتها النووية في الفضاء، يتساءل الجنرال الأميركي المتقاعد "هل لدى أميركا الوسائل لردعها أو صدها إذا دعا الأمر؟ وهل بمقدور القيادة الأميركية حماية شعبها من التهديدات الصينية والروسية والإيرانية الخطيرة لتدمير شبكة الطاقة الكهربائية الأميركية وترك مئات الملايين بدون كهرباء؟".
ويستمر في تساؤلاته قائلا "إذا سقطت أوكرانيا، هل ستكون الألوية الأميركية المنتشرة في المقدمة والمزودة، ربما، بنحو 200 دبابة، كافية لدرء اندلاع حرب أوسع في أوروبا؟ وهل ستُرهب حاملتا طائرات أميركيتان، وحفنة من القاذفات بعيدة المدى، وعشرات فقط من الصواريخ المضادة للسفن، الصين؟ وهل يمكن لأميركا التصدي "للإرهابيين" والعدوان القادم من إيران عندما تعلن أنها أصبحت دولة تمتلك أسلحة نووية؟".
الجواب على هذه الأسئلة وبكل وضوح، -كما يقول كلارك- هو "لا!".
وجوب زيادة الموارد
وخلص إلى أن الوقت قد حان للاعتراف بأن العقوبات المبتكرة والدبلوماسية الماهرة ووحدة الحلفاء في مؤتمرات القمة لا يمكن أن تكون بديلا عن تفعيل المزيد من موارد القوة الصارمة.
وقال إن الأمن القومي الأميركي يمر بلحظة فارقة بالغة الأهمية، مما يتطلب من الكونغرس بغرفتيه، والشعب الأميركي، أن يولوا اهتماما فوريا وإيجابيا لاقتراح السيناتور الجمهوري روجر ويكر الداعي إلى اتخاذ إجراءات محددة لتوفير الرادع، والحاجة إلى إضافة 55 مليار دولار هذا العام، وزيادة ميزانية الدفاع إلى ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة.