رسائل متبادلة بين البحرين وإيران.. هل تمهد لعودة العلاقات؟
طهران- على النقيض مما سارت عليه العلاقات البحرينية الإيرانية عام 2016 من قطيعة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد يوم من خطوة مشابهة اتخذتها السعودية، لم يتمكن تطبيع العلاقات الذي تم بين الرياض وطهران في مارس/آذار 2023 من إعادة التمثيل الدبلوماسي بين طهران والمنامة.
وكانت المملكة العربية السعودية وعدد آخر من الدول العربية ومنها البحرين قد قطعت علاقاتها مع إيران عام 2016، احتجاجا على اقتحام متظاهرين إيرانيين غاضبين مقر السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها بمدينة مشهد، تنديدا بإعدام الرياض عالم الدين السعودي نمر باقر النمر.
ومع عودة التمثيل الدبلوماسي لكل من الإمارات والكويت مع إيران، أضحت البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تربطها علاقات مع طهران، حتى تناولت وسائل الإعلام العالمية عدة تصريحات علنية لمسؤولين بحرينيين أعربوا فيها عن انفتاحهم لاستعادة العلاقات.
ضوء أخضر
وخلال زيارته لموسكو الشهر الماضي قال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، إن بلاده تتطلع إلى تحسين العلاقات مع إيران، مضيفا أنه لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات بين البلدين.
وفي طهران، رحب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، بتصريحات ملك البحرين، وقال "إنها ستكون محل اهتمامنا"، في حين أعلن رئيس الشؤون السياسية في مكتب الرئاسة الإيرانية محمد جمشيدي -في تصريحات للتلفزيون الرسمي مساء الجمعة الماضي- أن البحرين أرسلت طلبا عبر روسيا للتوسط لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع بلاده.
هذه المواقف الرسمية للجانبين البحريني والإيراني بخصوص تطبيع العلاقات تعتبرها الباحثة في الشؤون السياسية فاطمة خوش نيت، بمثابة إظهار الضوء الأخضر لإعادة التمثيل الدبلوماسي، مضيفة أن الإعلان عن إعادة العلاقات بين إيران والسعودية بوساطة صينية شكّل منعطفا في تعزيز العلاقات بين إيران وبعض الدول العربية.
ولدى إشارتها إلى مكانة دول الجوار في سياسة الحكومة الإيرانية الحالية، عبرت الباحثة -في حديث للجزيرة نت- عن اعتقادها أن تطبيع العلاقات بين الدولتين الجارتين أصبح "شبه مؤكد" عقب عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، مستدركة أن تطبيع العلاقات بين بلادها والمنامة قد تأخر قليلا، لكنها متفائلة بالإعلان عن وضع حد للقطيعة خلال المرحلة المقبلة.
ورأت خوش نيت، أن حادث سقوط المروحية الرئاسية ووفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، ودخول البلاد فترة الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية قد عرقل وتيرة عودة العلاقات، لكنها تعتقد أن الإعلان الرسمي عن عودة التمثيل الدبلوماسي سيكون بعد الانتخابات الرئاسية وتسمية وزير خارجية جديد في الحكومة الإيرانية المقبلة.
وتعتبر الباحثة أن التطورات الإقليمية، وعلى رأسها عملية طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وكذلك الهجوم الإيراني بالمسيّرات والصواريخ على الجانب الإسرائيلي، أدت إلى "تغيير موازين القوة بالشرق الأوسط وتقارب دول المنطقة أكثر فأكثر" حسب قولها.
وعن التغير في سياسة إيران الخارجية، تؤكد خوش نيت أنه لا تغيير يطرأ عليها في حال تغيير الحكومات والوزراء، حيث إن هذه السياسة تُرسم في المؤسسات الرسمية ومن ضمنها وزارة الخارجية.
وأشارت الباحثة السياسية إلى دور وساطة بكين بين طهران والرياض، والتي توجت بالإعلان عن عودة العلاقات بينهما في مارس/آذار 2023، وتوضح أن روسيا تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران وترغب بالقيام بدور الوساطة بين طهران والمنامة، مستدركة بأن بكين ترغب أيضا بتكرار وساطتها لتعزيز مكانتها بالمنطقة.
وساطات شرقية
لكن الباحث السياسي مهدي خورسند يستبعد أن تكون روسيا راغبة بالوساطة بين البحرين وإيران في إطار التنافس الإقليمي مع الصين، مؤكدا أن المنامة هي التي طلبت ذلك من موسكو علنا، وأن سياسات الأخيرة تختلف عن التوجه الصيني في الشرق الأوسط.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى خورسند أن المصالح الصينية في المنطقة كانت قد تأثرت مباشرة بالتوتر الذي سيطر على العلاقات الإيرانية السعودية خلال العقد الأخير، بينما لم يؤثر فتور العلاقات بين طهران والمنامة على مصالح موسكو، مضيفا أن الأخيرة لن تواجه مشكلة حقيقية في وساطتها لتطبيع العلاقات بين البلدين.
ويعتقد الباحث الإيراني، أنه بعد تطبيع العلاقات بين طهران والرياض لم تعد تری المنامة مبررا لاستمرار القطيعة مع جارتها، بيد أن الجانب الإسرائيلي كان يبذل ما بوسعه لمنع التقارب بينهما، ومع تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة والضربة الإيرانية للجانب الإسرائيلي ارتفعت عزيمة البحرين لطلب الوساطة الروسية بشكل علني، بعد أن كانت تعبر عن رغبتها عبر القنوات السرية.
ورأى خورسند أن بلاده ترحب بأي تقارب وتعزيز للعلاقات بينها وبين دول الجوار، نظرا إلى سياستها الخارجية ورؤيتها الداعية إلى ضرورة وجود تعاون ومشاركة بين جميع دول المنطقة لإحلال الأمن فيها، واتخاذ موقف موحد من حضور القوات الأجنبية في المياه الخليجية.
وعلى ضوء التحديات الماثلة في منطقة الشرق الأوسط، يبدو أن قطار تطبيع العلاقات البحرينية الإيرانية قد وُضع على سكته، وأن المنطقة قد تشهد الإعلان عن عودة التمثيل الدبلوماسي بينهما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 28 من الشهر الجاري وتشكيل الحكومة الجديدة.