منها الإجبار على العواء لنيل الطعام.. جرائم الاحتلال ضد الأسرى توحد مظاهرات الضفة
نابلس- "العواء" وسيلة نيل الأسير الفلسطيني طعامه، يقول الأسير المحرر منذ فترة قريبة يسار خالدي، واصفا ما يجري مع معتقلي قطاع غزة والأسرى الفلسطينيين بشكل عام في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ولا يعكس هذا الإجراء حجم الإجرام الذي وصل إليه الاحتلال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي فحسب، بل هو أكثر مرارة على الأسير من القتل ذاته، والذي مارسه السجانون "بكل عنجهية أيضا".
وخرجت، ظهر اليوم الثلاثاء، في معظم مدن الضفة الغربية مظاهرات منددة بانتهاكات الاحتلال نظمتها مؤسسات تعنى بشؤون الأسرى لتسليط الضوء على معاناتهم، لا سيما أسرى غزة في معسكرات "سديه تيمان" و"عناتوت" التي أقامها الاحتلال خصوصا لاحتجازهم.
قمع وجرائم
وفي نابلس كبرى مدن شمال الضفة، نظم المتظاهرون فعالية وسط المدينة، وحملوا الأعلام الفلسطينية ويافطات وصورا تظهر جانبا من ممارسات الاحتلال القمعية بحق الأسرى وتندد بجرائمه، وهتفوا رفضا لذلك.
وفي شهادته للجزيرة نت، أفاد الأسير المحرر يسار خالدي بأن الاحتلال فصل منذ بداية الحرب بين أسرى غزة والأسرى الآخرين، ومنع الاتصال بهم، وتعامل معهم كأرقام طبعها على زيهم الرمادي الموحد.
وأضاف أن الاحتلال أجبرهم على ترديد نشيد السلام الوطني الإسرائيلي، كما أجبرهم -تحت التعذيب- على شتم غزة وقيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وخاصة قائدها يحيى السنوار. لكن أكثرها مرارة، يتابع، "إجبار الأسرى على العواء للحصول على حصتهم من الطعام، وبعد أن يجثوا على ركبهم يأخذون الصحون بأفواههم وعبر أسنانهم".
وتوَّج الاحتلال كل هذا بجرائم القتل التي طالت العشرات منهم (نحو 40 أسيرا باعترافه) حتى الآن، والتي لم تتمكن أي مؤسسة فلسطينية أو دولية حقوقية من توثيقها بفعل منعهم من الوصول للأسرى بسجون الاحتلال ومعسكراته.
آلية نضالية
وكل تلك الجرائم وغيرها دفعت الفلسطينيين بالضفة -كما يقول قدورة فارس وزير هيئة شؤون الأسرى (جهة رسمية)- إلى إطلاق فعاليات تندد بجرائم الاحتلال وتبث رسائل أهمها أن يمثلوا -كجماهير غاضبة- صوت الأسرى وأن يوصلوا صرخاتهم للعالم بأنهم يُقتلون ويعذَّبون ويجوَّعون.
وأضاف للجزيرة نت أن العمل الشعبي آلية نضالية تساند الحركة الأسيرة في دعوتها إلى العمل للضغط على الاحتلال لكف يده عن الأسرى، وأنهم باتوا يعلقون آمالهم على توسيع نطاق العمل الشعبي وتحويله لفعل يومي بالقرى والمخيمات والمدن ليشكل حالة شعبية متنامية وناهضة لمساندة غزة شعبا وأسرى.
ووصف فارس ما يحدث في معسكرات "سديه تيمان" و"عناتوت" ومختلف سجون الاحتلال بأنها "فظاعات تُرتكب في القرن الـ21". وقال إن ما يحدث في تلك المعسكرات لا يقل خطورة ولا سوءا عما يواجهه الأسرى في بقية السجون، لأن السياسات والتعليمات صادرة من عقلية واحدة لجنود الاحتلال وأمن السجون، "فقتل الأسرى وقع في سجون عوفر والنقب ومجدو وسديه تيمان وغيرها".
بدوره، يرى محمد دويكات عضو لجنة التنسيق الفصائلي بنابلس أن هذه الفعاليات هدفها بالأساس تحريك الشارع الضفاوي، ودعوة كل أبناء الفصائل والقوى الفلسطينية إلى وقف انتهاكات الاحتلال والتصدي لسياساته الدموية.
كما أن هذه المظاهرات تبعث رسائل تنذر باشتعال الأوضاع والانفجار بالضفة، قبل أن تطالب المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية والمجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤولياته تجاه ما يجري للأسرى، حسب دويكات.
وإضافة للقتل المباشر للأسرى في معسكراته، أكد دويكات أن ما جمعوه من شواهد على جرائم الاحتلال عديدة، أهمها التقييد لأيام وأسابيع مما أدى إلى بتر أعضاء من أجسادهم، "كما تُركوا للكلاب لتنهشهم".
مصير مجهول
وعلى غرار نابلس، وجهت جنين وقلقيلية ورام الله رسائلها المباشرة إلى الاحتلال الإسرائيلي، وقال منتصر سمور رئيس نادي الأسير -للجزيرة نت- إن فعالية اليوم تميزت برسالتها الموحدة بكل مدن الضفة تنديدا بجرائم الاحتلال ونصرة لأسرى غزة خاصة.
وتشير معطيات هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني إلى استشهاد 18 أسيرا فلسطينيا في سجون الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ممن تم توثيق أسمائهم.
كما قُتل العشرات من الأسرى الغزيين في معسكرات الاحتلال، ليرتفع العدد الكلي لشهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 255 شهيدا، يحتجز الاحتلال جثامين 27 منهم، وفق المصادر ذاتها.
ورغم كشف سلسلة من التحقيقات والتقارير استنادا إلى شهادات من معتقلي غزة عن جرائم التّعذيب المروّعة التي أدت إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة، يرفض الاحتلال حتى اليوم الكشف عن هوياتهم، عدا عن عمليات الإعدام الميدانية التي جرت بحق آخرين.
وفي حين اعتقلت إسرائيل أكثر من 9 آلاف فلسطيني في الضفة منذ الحرب على غزة، واعتقلت أكثر من 4 آلاف مواطن غزي، وأفرجت حتى الآن عن حوالي 1500 منهم، لا يزال مصير من تبقى مجهولا، ويمنع الاحتلال زيارتهم أو أي معلومة عنهم.