كيف تفاعلت جامعات لبنان مع الحراك العالمي المناصر لغزة؟
بيروت- انخرط طلاب ببعض جامعات لبنان في الحراك العالمي للتضامن مع غزة، ونظموا تظاهرات ووقفات احتجاجية داخل حرم الجامعات، طالبت بوقف العدوان الإسرائيلي فورا على القطاع المحاصر.
كما طالب الطلاب بإنهاء العقود أو الاتفاقيات أو الرعايات مع أية شركة مُدرجة في قائمة حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس"، وبالرفض القاطع لاستضافة أي مُطبّع أكاديمي أو دبلوماسي في حرم الجامعات، بالإضافة إلى زيادة التركيز على القضية الفلسطينية داخل الصفوف ورفض التعتيم عليها.
وتحت شعار موحّد "طلاب، عمال ضد الاحتلال"، نظم الحراك الطلابي وقفاته في عدة مؤسسات أكاديمية، من بينها الجامعة الأميركية في بيروت، والجامعة اللبنانية الأميركية-فرع بيروت، وجامعة بيروت العربية بكل فروعها، والجامعة اللبنانية الدولية في البقاع وبيروت، والجامعة اللبنانية-الحدث، وغيرها.
انخراط وتضامن
ورفع الطلاب المشاركون الأعلام الفلسطينية ولافتات تدعم الفلسطينيين، وهتفوا بشعارات مؤيدة للمقاومة، ونصرة للقدس، وطالبوا بوقف العدوان على غزة.
تقول الطالبة هبة دهيني، من كلية الإعلام في جامعة العلوم والآداب اللبنانية للجزيرة نت، "إن وقفتنا التضامنية اليوم هي أقل ما يمكن فعله من أجل فلسطين، وقد يتساءل البعض ما الفائدة من هذه التحركات أمام الكفاح المسلح والمقاومة بالسلاح؟ لكننا نعتبر أنها سلاح من نوع آخر".
وبرأيها، فإنه في هذا العصر الرقمي "يمكن لملصق واحد أو جملة واحدة أن تحرّض". وتضيف أن وقفتهم هي إعلان عن انخراطهم وانضمامهم وتضامنهم مع فلسطين، خاصة غزة، وعن مشاركتهم في معركة "طوفان الأقصى" حتى التحرير القريب، إن شاء الله، وفق تعبيرها.
بدوره، يلفت الطالب جواد صبرا من الجامعة نفسها، إلى أن مطلبهم الوحيد هو إيقاف الإجرام والعدوان "الصهيوني" على أهل فلسطين، وأن رسالتهم ليست محصورة بهم كشعوب عربية فقط، بل أصبحت عالمية، وهذا ما يجري في مظاهرات الجامعات الأميركية.
ويؤكد للجزيرة نت أنهم أرادوا من مظاهرات الجامعات في لبنان إيصال "رسالة من القلب إلى القلب" لأهلهم في غزة، لأنهم يشاهدون "إجراما واستبدادا يرتكبه العدو الصهيوني تجاههم".
سلاح الكلمة
وفي الجامعة اللبنانية الأميركية-فرع بيروت، دعا الطلاب إدارة الجامعة إلى مقاطعة إحدى الشركات المنتجة للحواسيب والمعدات اللازمة، وإزالة جميع منتجاتها بتهمة دعمها للإبادة في غزة من الحرم الجامعي، وذلك وفقا لمعايير حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان.
وتقول ميس طفيلي، طالبة صحافة بالجامعة اللبنانية الأميركية-كلية الفنون والعلوم، للجزيرة نت، إنهم يقفون في الجامعة ليعلنوا مقاطعتهم الكاملة لجميع الشركات الداعمة لإسرائيل، وإنهم يطالبون إدارتهم بوقف جميع الاتفاقيات التي تبرمها مع تلك الشركات.
كما يقفون اليوم لدعم جميع المتظاهرين الطلاب في أميركا، وتتابع "للأسف، تفوقوا علينا وسبقونا، ولكن نحن هنا نبذل قصارى جهدنا للتضامن وإيصال صوتنا". وتؤكد طفيلي أنهم لا يستطيعون حمل السلاح كطلاب جامعة والانضمام للقتال في الجنوب اللبناني، إلا أنهم قادرون على التحرك، وأقل ما يمكنهم فعله هو التظاهر والتعبير، لأن كلمتهم هي سلاحهم ويجب عليهم استخدامها.
من جهته، يقول الطالب محمد أبو سمهدانة، من قطاع غزة ومقيم في لبنان للدراسة بالجامعة اللبنانية الأميركية-كلية العلوم "نحن هنا لنسجل موقفا، لأن الموقف في هذا الوقت سلاح، حيث تعرض كل من سجل مواقف لصالح فلسطين للضرب والعقوبة والحصار".
ويؤكد أنهم لن يخافوا من العقوبات ولا من الحصار، وأنهم مصممون على إثبات وجودهم وتضامنهم مع أهلهم في غزة، حتى لو بالقليل، مشددا على أن صوتهم هو سلاحهم الوحيد في هذا الوقت.
مسؤولية مشتركة
وفي الجامعة الأميركية ببيروت، يدعو الطلاب إدارة الجامعة إلى إعلان الكشف المالي، والشفافية الكاملة بخصوص توزيع الرسوم الدراسية والاستثمارات المالية، وإلى مقاطعة وسحب الاستثمارات، وإنهاء أي نوع من العلاقات مع الشركات المتهمة بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي، وفق بيان صادر عن حراك "طلاب، عمال ضد الاحتلال".
وبحسب الطالبة نورهان حسنية، من الجامعة المذكورة، فإنهم يشاركون في هذا الحراك ليثبتوا أن المقاومة ليست مقتصرة على جانب واحد، بل هي مسؤولية مشتركة، والجميع قادرون على المشاركة فيها، وعلى أن يكونوا ضد الاحتلال.
وطالبت حسنية، في حديث للجزيرة نت، وكذلك زملاؤها، إدارة الجامعة بسحب جميع المنتجات الداعمة للاحتلال من مؤسستهم.
من جانبها، تقول مريم فارس، من جامعة هايكازيان-كلية العلوم السياسية، للجزيرة نت، إنهم يتضامنون مع غزة وأهلها، وأهل الجنوب الذين يتعرضون للقصف والعدوان، وإنهم لا يريدون استقبال أشخاص "متصهينين" في الجامعة، حسب قولها، ويرفضون استخدام كل المنتجات التي يجب مقاطعتها.
كما يطالبون -وفق مريم- بحرية التعبير عن آرائهم ومواقفهم داخل الفصول الدراسية وفي الحرم الجامعي، أو في أي مكان آخر، وتؤكد "نحن نؤمن بأننا لدينا الحق في التعبير، مثلما نفعل الآن".
ويأتي هذا التحرك في لبنان على وقع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الطلابية في جامعات الولايات المتحدة، منذ أكثر من 10 أيام، واتساع رقعتها أميركيا، وعربيا، ودوليا، منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة الذي تجاوز يومه الـ200.