المحكمة العليا بأميركا تنظر في دستورية منع ترامب من الترشح
واشنطن – تستمع المحكمة العليا الأميركية اليوم الخميس إلى حجج وحجج مضادة في واحدة من أكثر القضايا الانتخابية أهمية في تاريخ الولايات المتحدة.
وسيبدو السؤال المحوري حول التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي، والذي تم تبنيه في حقبة الحرب الأهلية في ستينيات القرن التاسع عشر، بوصفه أساسا يمكن معه منع دونالد ترامب من شغل أي منصب حكومي.
وستنظر المحكمة العليا، التي تتكون من 9 قضاة، منهم 3 ليبراليين عيّنهم رؤساء ديمقراطيون و6 محافظين عينهم رؤساء جمهوريون و3 منهم عيّنهم ترامب نفسه، في قضية من ولاية كولورادو، حيث قضت المحكمة العليا بأن ترامب غير مؤهل ليكون على بطاقة الاقتراع الخاصة بالانتخابات الرئاسية في الولاية.
يذكر أن الولايات الأميركية تدير انتخاباتها بصور غير مركزية، وهي التي تحدد كل القواعد والإجراءات التنظيمية الخاصة بها. وستُجرى الانتخابات التمهيدية في كولورادو في الخامس من مارس/آذار القادم.
واتخذت محكمة ولاية كولورادو العليا قرارا بعدم أهلية ترامب للترشح في الانتخابات بسبب دوره في أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021، وما تراه من دعمه تمردا على الحكومة الأميركية، ومر القرار بأغلبية 4 أصوات مقابل 3.
معضلة التعديل الـ14
هذه هي المرة الأولى التي تخلُص فيها المحكمة العليا في أي ولاية أميركية إلى أن بند عدم الأهلية، الذي تم تبنيه إبان حقبة الحرب الأهلية في التعديل الدستوري الـ14، ينطبق على كل من منصب الرئاسة وتصرفات الرئيس السابق. ورفضت المحاكم العليا في ولايتي مينيسوتا وميشيغان شكاوى مماثلة خلال الأسابيع الماضية.
وتشير كل استطلاعات الرأي حاليا إلى أن ترامب هو المتقدم بوضوح ليمثل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية القادمة، وفاز ترامب بالانتخابات التمهيدية لكل الولايات التي جرت فيها حتى الآن، رغم مشكلاته القانونية التي ليس لها تأثير يُذكر في دعم الناخبين الجمهوريين حتى الآن.
توصلت المحكمة العليا في ولاية كولورادو إلى أن بند التمرد في حقبة الحرب الأهلية في الدستور يستبعد دونالد ترامب من شغل المناصب الحكومية، في حين خلصت محاكم ولايات أخرى إلى نتائج معاكسة.
وترى محكمة كولورادو أن ترامب وقف وحرص على الفوضى والعنف ليقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، في محاولة لوقف التصديق على فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
ويشير نص التعديل الدستوري رقم 14، الذي أُقر عام 1868، في فقرته الثالثة إلى أنه "لا يجوز لأي شخص أن يشغل منصبا حكوميا أو عسكريا سبق له القسم باحترام دستور الدولة ثم اشترك بعد ذلك في أي تمرد أو عصيان ضدها، أو قدم عونا ومساعدة لأعدائها".
هل شارك ترامب في التمرد؟
ويبرز خلاف عميق بين الفقهاء الدستوريين حول ما إذا كانت أحداث "6 يناير" تمثل تمردا، وإذا كان الأمر كذلك فهل هناك بند غامض في الدستور يمنع دونالد ترامب من شغل منصب سياسي مرة أخرى؟
ويقول ديفيد بليت، مؤرخ الحرب الأهلية الأميركية بجامعة ييل، إن "التمرد، إذا نظر المرء إلى تعريفاته، هو عندما تنخرط مجموعة من الناس معا في مقاومة سلطة الحكومة الفدرالية بالقوة لتحقيق هدف عام كبير، وماذا يمكن أن يكون أكثر أهمية من إلغاء نتائج انتخابات شرعية؟".
وأضاف "لم ينخرط الغوغاء في العنف فحسب، بل غزوا مبنى الكابيتول الأميركي، وكسروا أبوابه وحطموا نوافذه، مما أدى إلى وقوع وفيات، كما أدى إلى جميع أنواع الإصابات لدى عشرات الأبرياء. إنها معجزة لأنه لم يكن هناك المزيد من الأسلحة النارية".
من ناحية أخرى، يجادل فريق ترامب القانوني بأن الرئيس السابق كان ببساطة يمارس حقه في التشكيك في نتائج الانتخابات طبقا للتعديل الدستوري الأول المتعلق بحرية الرأي، ولم يحث أي شخص على ارتكاب العنف.
كذلك يعتمد فريق ترامب على أن الأخير لم يشارك في تمرد، وأن القسم الثالث في التعديل الـ14 غير قابل للتطبيق لأن ترامب لم تتم إدانته، كما أن منصب الرئيس لا يقع ضمن محظورات التعديل الدستوري الـ14.
ويحذر خبراء قانونيون من الشق السياسي، وهو الأكثر خطورة، في حكم المحكمة العليا، فبينما يناقش القضاة هذه الأسئلة الدستورية، هناك سؤال سياسي ملح بالقدر نفسه، وهو إذا دعمت المحكمة العليا حكم ولاية كولورادو وغيرها من الولايات، فماذا سيعني ذلك للديمقراطية الأميركية؟ ماذا سيحدث لو لم يستطع ملايين الأميركيين الإدلاء بأصواتهم لدونالد ترامب بسبب حكم دستوري لم يسمع به سوى عدد ضئيل فقط من الناخبين؟