قصة يندى لها الجبين.. غارديان: معاناة غزة لن تنتهي بانتهاء الحرب
معدل الوفيات المذهل الذي رأيناه بالفعل لا يعكس بشكل كامل الألم والبؤس البشري الذي يعانيه سكان قطاع غزة، إذ إن وفيات الحرب لا تنتج فقط عن العنف المباشر، ولا تتوقف عندما يتوقف القتال.
هذا ما استهلت به صحيفة غارديان البريطانية افتتاحية لها أوضحت فيها أن المدنيين والمقاتلين يتعرضون، على حد سواء لإصابات سابقة، أو للجوع والمرض في أعقاب النزاع، غير أنه على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي تعطيل إنتاج الغذاء، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وتعليق الخدمات الطبية مثل اللقاحات الروتينية، إلى وفيات في وقت السلم تعزى في النهاية إلى الحرب، ويتأثر بها أكثر من غيرهم الأطفال والنساء.
فالمعاناة تفوق الخيال بعد مقتل أكثر من 27 ألفا، وتعرض عشرات الآلاف الآخرين لجروح في كثير من الحالات مع إصابات تغير حياتهم، وماذا عن أولئك الذين تطلق عليهم اليوم العبارة المخيفة "أطفال جرحى لم يبق أحد من عائلتهم على قيد الحياة" تتساءل غارديان؟.
وللتدليل على ما وصلت إليه الأمور من تدهور مروع، أوردت الصحيفة قصة يندى لها الجبين حدثت هذا الأسبوع، إذ ذكرت طبيبة أطفال كيف أن جراحا رفض التدخل معها لمعالجة رضيع وقع ضحية إحدى القنابل قائلا إن لديه حالات يجب أن تكون لها الأولوية.
وعلقت الطبيبة على ذلك بالقول "حاولت أن أتخيل ما هو الشيء الأكثر إلحاحا من طفل عمره عام واحد بلا يد ولا ذراعين ورجله مخضبة بدمه".
ورغم ترحيب الصحيفة بجهود وقف إطلاق النار وأملها في أن يتحول ذلك إلى وقف دائم للحرب، فإنها لفتت إلى أنه عندما تنتهي الحرب في نهاية المطاف، سيترك الناجون وسط الأنقاض، وسوف تنتشر الأمراض المعدية بسهولة أكبر في تلك المناطق المكتظة بالسكان والمفتقرة للصرف الصحي المناسب.
ومن المحتمل، حسب الصحيفة، أن يكون ما بين 50 إلى 62% من المباني في غزة قد تضررت أو دمرت، وهذا هو ما دفع بالاكريشنان راجاغوبال، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن الملائم، للمطالبة، هذا الأسبوع، بإدراج جريمة "قتل المنازل" -التدمير الجماعي للأحياء- في القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي.
ورغم أنه ليس هناك الكثير مما يمكن لأعمال الإغاثة أن تفعله للتخفيف من مثل هذه الكارثة، حسب غارديان، فإن الصحيفة حذرت من أن التعليق الجماعي لتمويل وكالة الأونروا سيشكل ضربة موجعة لتلك الأعمال.
وختمت غارديان افتتاحيتها بما كتبه أليكس دي وال هذا الأسبوع، وهو المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في جامعة تافتس، أن "الأطفال الفلسطينيين في غزة سوف يموتون بالآلاف، حتى لو تم رفع الحواجز أمام المساعدات اليوم".
وأضاف أن كل يوم يتم فيه تعليق التمويل، وإعاقة المساعدات، وتساقط القنابل، سيجعل الأمور أسوأ، ليس لإسرائيل فقط، بل كذلك لأولئك الذين يواصلون إمدادها بالأسلحة، في حين يقطعون تمويل الأونروا، فهؤلاء تجب مساءلتهم كذلك.