لاريجاني ونصير زاده في دمشق.. أهداف الزيارات "تحت النار"
طهران- لم يمض سوى يوم واحد على ختام زيارة علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إلى سوريا ولبنان، حتى بدأ وزير الدفاع الإيراني العميد طيار عزيز نصير زاده زيارة رسمية إلى دمشق، التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد وكبار القادة العسكريين والأمنيين.
وعلى غرار لاريجاني الذي نقل رسالة من المرشد الإيراني الأعلى إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في زيارته الأخيرة إلى بيروت، قال وزير الدفاع الإيراني لدى وصوله إلى دمشق إنه "بناء على توصيات قائد الثورة الإسلامية مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم إلى سوريا الصديقة".
وأشار الضيف الإيراني الذي يزور دمشق لأول مرة منذ تشكيل الحكومة الإيرانية في أغسطس/آب الماضي، إلى أن سوريا لديها مكانة إستراتيجية في سياسة بلاده الخارجية، مضيفا أنه والوفد المرافق له سيبحثون مع المسؤولين السياسيين والعسكريين في دمشق عدة مسائل مشتركة في مجال الدفاع والأمن، لتوسيع وتطوير العلاقات في هذا المجال بين البلدين.
وتأتي زيارة المسؤولين الإيرانيين عقب تهديدات إسرائيلية باغتيال الرئيس السوري بشار الأسد، وشن تل أبيب هجمات متكررة لقطع الطريق البري الواصل بين سوريا ولبنان، وذلك تزامنا مع تصعيد القصف المتواصل على كل من لبنان وقطاع غزة.
قراءة عسكرية
وفي ظل الحديث عن مقترح أميركي لتسوية بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، يعتبر القيادي السابق وأحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري الجنرال المتقاعد حسين كنعاني مقدم، أن زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى دمشق تأتي استكمالا للجهود الإيرانية المتواصلة دعما لحلفائها في سوريا ولبنان، وللتنسيق بين حلقات محور المقاومة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد كنعاني أنه لا يمكن النظر في زيارة نصير زاده من دون أخذ زيارة علي لاريجاني بالحسبان، موضحا أن الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة في التوقيت الراهن تحتم على طهران أن تعزز دعمها الدبلوماسي لقادة محور المقاومة بما يتناسب ودعمها للميدان.
ووصف المتحدث سوريا بأنها تمثل "الجبهة الأمامية لمحور المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي"، مؤكدا ضرورة تفويت الفرصة على العدو من تسجيل انتصار في المعركة المتواصلة، وإفشال مخططاته التي يراهن على إنجاحها مع وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ورأى أن محور المقاومة يتعرض لحرب عسكرية وسياسية وإعلامية هائلة، من أجل تقويض قدراته ونزع سلاحه، مؤكدا أن "التنسيق بين طهران ودمشق والمقاومة الإسلامية في بيروت يرمي إلى إفشال المخططات الصهيوأميركية، الرامية إلى تعويض الهزيمة العسكرية عبر انتصار سياسي، تسجله من بوابة مفاوضات وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني".
وعلى ضوء العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان والهجمات المتكررة على سوريا، يرى القيادي السابق في الحرس الثوري أن التطورات الإقليمية تفرض على كل من طهران ودمشق تنفيذ المعاهدات الثنائية بحذافيرها لمواجهة الخطر الإسرائيلي، ومن ضمن تلك المعاهدات الإستراتيجية الدعم العسكري والاستشاري والأمني.
كما أن الحضور الإيراني في سوريا والدعم العسكري والتسليحي لها يعززان من صمود فصائل المقاومة، بحسب كنعاني الذي يؤكد أن جميع الخيارات مطروحة لدعم المقاومة في مواجهة الهجمة الإسرائيلية، ومنها مدها بمقاتلين متطوعين للقيام بعمليات برية، وكذلك مستشارين عسكريين وحتى أسلحة نوعية في حال اقتضت الضرورة.
ولدى إشارته إلى التهديد الإيراني بتنفيذ عملية "الوعد الصادق الثالثة" ردا على القصف الإسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني الشهر الماضي، يرى القيادي السابق بالحرس الثوري أن جزءا من الزيارات الإيرانية إلى سوريا يأتي في إطار وضع النقاط على حروف خطة العملية التي ستشارك فيها فصائل المقاومة الأخرى، والتنسيق لليوم التالي من العملية.
قراءة سياسية
من ناحيته، يلمس السفير الإيراني السابق في النرويج وسريلانكا والمجر، عبد الرضا فرجي راد، في تكثيف المسؤولين الإيرانيين زياراتهم إلى سوريا ولبنان على وقع التصعيد المتواصل على كل من دمشق والضاحية الجنوبية لبيروت "رسالة دعم لأصدقاء طهران وتحدٍّ لتهديدات العدو".
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح فرجي راد أن إصرار المسؤولين الإيرانيين على زيارة الأصدقاء تحت النار تأتي في سياق التنسيق السياسي، واستمرار طهران بتقديم شتى أنواع الدعم لحلفائها في سوريا ولبنان في خضم الحرب المتواصلة، كما أنها تأتي في سياق استكمال تقديراتها حول التهديدات الإسرائيلية.
ورأى أن اختيار لاريجاني ونصير زاده للاجتماع بالمسؤولين السوريين في التوقيت الراهن نابع من أهمية الرسائل التي ترسلها طهران إلى دمشق، التي تتعرض لتهديدات إسرائيلية خطيرة وتتلقى مطالب حساسة عبر قنوات أجنبية ومقترحات مغرية مقابل التخلي عن دعم المقاومة.
وتابع فرجي راد أن إيران تواصل مشاوراتها عن كثب مع الجانب السوري، لدراسة التهديدات الإسرائيلية من جهة، والتنسيق مع الحلفاء من جهة أخرى، بشأن المفاوضات السياسية المستمرة معهم تحت النار، وكذلك تجديد الدعم لفصائل المقاومة، والتأكيد على عدم تخلي حلقاتها عن البعض الآخر في المحور.
وكان وزير الدفاع الإيراني والوفد المرافق له قد التقى اليوم الأحد في دمشق، كلا من نظيره السوري الجنرال علي محمود عباس، ورئيس هيئة الأركان الفريق عبد الكريم محمود إبراهيم، وكذلك اللواء كفاح ملحم رئيس مكتب الأمن الوطني، وناقش معهم قضايا وصفت بأنها "ذات اهتمام مشترك" تتعلق بالدفاع والأمن في المنطقة وتعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة الإرهاب وتفكيك بنيته.