صرخات الجوع.. رسائل إلكترونية شاهدة على معاناة الغزيين في الحرب

أطفال ينتظرون دورهم للحصول على بعض الطعام من تكية أقيمت في مستشفى الشفاء بغزة (خاص بالجزيرة نت
أطفال ينتظرون دورهم للحصول على بعض الطعام من تكية أقيمت في مستشفى الشفاء بغزة (الجزيرة)

"تخيّل أن يستيقظ طفلك فجرًا يصرخ من زفرات الجوع ولا تجد ما يروي جوفه، كيف سيكون حالك وقتها؟"، بهذه الكلمات عبّر الفلسطيني باسم الحناوي في تدوينه على فيسبوك عن أقسى لحظاته الأبوية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وتابع "الساعة 5 فجرًا، استيقظ الولد يبكي يريد أن يأكل ولا يوجد ما يأكله، لقد غمست الخبز في الماء وأطعمته".

ولم يأكل الجوع بطون الصغار وحدهم خلال الحرب، فقد أصبح الكبار يبحثون عما يسد جوفهم الجاف ليلا.

قصة جديدة مع الجوع يرويها هذه المرة معين الضبة، الذي استيقظ من نومه يشكي الجوع وقلة الطعام، فاضطر لأخذ إحدى وجبات طفله الإغاثية.

وكتب عن قصته قائلا "لا يوجد خبز ولا حتى طحين (دقيق)، هذا المعجون جلبته لابني من الإغاثة، عمره 6 أشهر، يأكله بدلا من الحليب لأنه مقطوع أيضا.. اضطررت لأكله لأني أموت من الجوع. منذ أسابيع قلصنا الوجبات اليومية من ثلاث إلى واحدة، لكن اليوم لا نجد هذه الوجبة".

وتشتكي بطون سكان غزة الجوع منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصارا بريا وبحريا وجويا على القطاع، وأغلق كافة المعابر، وبسط سيطرته على حركة دخول البضائع والمساعدات.

إعلان

ويوم الجمعة الماضي، قال مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية لدى برنامج الأغذية العالمي جان مارتن باور إن "هناك احتمالا قويا بأن المجاعة تحدث أو أنها وشيكة في أجزاء من شمال غزة".

وأكد البرنامج التابع للأمم المتحدة أن عدد الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية ودخلت غزة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي انخفض بشكل كبير، مشيرًا إلى أن 58 شاحنة فقط تدخل يوميا مقارنة بنحو 200 شاحنة كانت تدخل خلال الصيف الماضي.

صرخات الجوع

ووصلت أزمة الغذاء في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة حتى أصبحت صرخات الجوع تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، فالصمت عن الجوع ليس عيبا، كما يقول معين الكحلوت الذي كتب عبر حسابه في منصة إكس "لا أشعر بالخجل عندما أقول نفسي بالأكل.. نفسي بالخضروات والفواكه.. نفسي باللحمة والدجاج.. نفسي بالجبنة واللبن، صدّقوني لقد نسينا طعمها، ونفسي بأشياء ما كنت أحبها لكن لو توفرت سآكلها".

ويختم قائلا "هذا أنا الكبير فما بالكم بالصغار؟".

بينما لا ترى دعاء الشريف في صرخات الجوع أي مبالغة، فهي ترى أن غزة، من شمالها إلى جنوبها، ومن أصغر طفل إلى أكبر شيخ يخلدون إلى النوم جوعى خلال حرب لم ينفك الاحتلال فيها عن إسقاط كل أشكال العذاب على سكان القطاع قصفا وتهجيرا وتجويعا وإبادة.

إعلان

انخفاض تدفق المساعدات أدى إلى مضاعفة أسعار المواد الغذائية في قطاع غزة، وصل بعضها إلى 10 أضعاف، مما جعل نحو 2.2 مليون نسمة في القطاع يشتهون أبسط ما كانت تغرق به موائدهم قبل الحرب الإسرائيلية.

فهذا سمعة يشتهي "المقلوبة وما تحتويه من باذنجان وبندورة وبطاطا، ولو أضيفت لها اللحمة ستكون أحلامنا قد تحققت لأننا نسينا مذاق هذه الأشياء"، كما يسهب في وصفه.

الناشط خالد صافي شارك شيئا من هذه الظاهرة، وأوضح عبر حسابه في منصة "إكس" أن تكلفة إعداد وجبة عشاء لسكان غزة في هذه الحرب، مكونة من طبق بطاطا وآخر باذنجان مع زيتون وبندورة وفلفل أخضر، تصل إلى 40 دولارا.

هي الأسباب نفسها التي أوجعت الصحفي الفلسطيني أسامة العشي، الذي لا يُنكر تكلفة مذاق طبق السلطة وصعوبة توفيره في الحرب، وكتب متمنيا عبر حسابه "جاي على بالي صحن سلطة".

وحتى إبراهيم العزايزة قال في تعليق له إنه "اشترى كيلوغرام الطماطم بـ55 شيكلا (نحو 15 دولارا أميركيا)"، يستذكر في قرارة نفسه الأيام الماضية حين كان يشتري بثمن الكيلوغرام الواحد من الطماطم دجاجتين لعمل أحلى غذاء.

يذكر أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قال إنه لم يتمكن خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي من جلب سوى أقل من 30% من الاحتياجات الغذائية لسكان قطاع غزة.

وبدعم أميركي، تواصل إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلفت آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان