محللون: مفاوضات إنهاء الحرب عبثية ونتنياهو يراهن على عودة ترامب
القدس المحتلة- رغم التفاؤل الذي تبديه الإدارة الأميركية بشأن احتمال التوصل إلى تسوية لوقف الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، فإن قراءات لمحللين قللت من احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حزب الله، بسبب الشروط التي يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تحمل في طياتها انتهاكا لسيادة الدولة اللبنانية.
وفي ظل هذا التفاؤل يقف الشرق الأوسط على أهبة الاستعداد لتطورين دراماتيكيين، وسط استمرار القتال في لبنان وغزة، وتجديد الاتصالات بمحاولة للتوصل إلى اتفاقات على الجبهتين، الأول يتعلق بالتهديد بتبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، والثاني مرتبط بنتيجة الانتخابات الأميركية القريبة والفترة الانتقالية بين إدارة جو بايدن والإدارة المقبلة.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsواشنطن بوست: كاش باتيل خيار خطير وغير مؤهل لقيادة مكتب التحقيقات الفدرالي
وأمام هذا المشهد الضبابي بشأن سيناريو إمكانية وقف الحرب من عدمه، توافقت قراءات المحللين فيما بينها أن نتنياهو يدير المفاوضات مع الإدارة الأميركية وحده، ويعتبر هو صاحب القول الفصل بكل ما يتعلق بوقف إطلاق النار واستمرار الحرب على الجبهة الشمالية، وذلك بمعزل عن توصيات وموقف المؤسسة العسكرية بشأن أهداف الحرب المعلنة وتحقيقها.
وأجمعت التقديرات أن نتنياهو تعمد التناغم مع مبادرة واشنطن بشأن المفاوضات لإمكانية وقف الحرب، من أجل كسب الوقت وتجنُّب أي ضغوطات من البيت الأبيض، واستمرار المراوغة، وترحيل حسم موقفه بشأن وقف إطلاق النار إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري بالخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
شروط تعجيزية
قال الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، إن نتنياهو الذي يحظى بدعم ائتلاف حكومي من 68 عضوا في الكنيست يدير مفاوضات وقف إطلاق النار على جبهة لبنان منفردًا، مشيرا إلى أن المفاوضات من وجهة نظر نتنياهو صورية، وقد وافق عليها من أجل إرضاء الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يبدي رغبة بمثل هذه المباحثات قبل انتخابات الرئاسة الأميركية.
وردا على سؤال للجزيرة نت ما إذا كان نتنياهو لديه التوقيع الحصري على أي وقف لإطلاق النار في لبنان، قال شلحت إن "نتنياهو هو صاحب القول الفصل بشأن استمرار الحرب، وقد وضع شروطا تعجيزية لا يمكن من خلالها التوصل إلى وقف إطلاق النار، وهي الشروط التي تنتهك سيادة الدولة اللبنانية، وتمنح إسرائيل حرية العمل العسكري في لبنان".
ومن خلال مراجعة تصريحات نتنياهو وطرحه بشأن أي تسوية على الجبهة الشمالية مع لبنان، يمكن القول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بحسب قراءة شلحت، يهدف إلى صياغة "قرار 1701 متطور"، يدمج في بنوده القرار رقم 1559 الذي ينطوي على تجريد حزب الله من سلاحه.
وعليه، يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي إن "هذه المفاوضات التي يصوغها ويضع شروطها نتنياهو عبثية ولن توصل إلى نتيجة، إلا إذا قدمت تنازلات من حزب الله ولبنان تتجاوب مع المطالب الإسرائيلية المبالغ فيها، وهذا مستبعد وغير متوقع".
ويعتقد شلحت أن نتنياهو الذي يراهن على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يواصل المراوغة وكسب الوقت لفرض معادلات جديدة مع لبنان، كما أنه سيستغل الفترة الانتقالية بعد الانتخابات الأميركية حتى لو بقي الحزب الديمقراطي في السلطة للاستمرار في الحرب، إذ يشعر أنه لا يوجد ضغط حقيقي يمارَس عليه من أميركا لوقف إطلاق النار.
وأشار الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أنه حتى لو ذهب نتنياهو بهذه الفترة نحو إنهاء العملية البرية المحدودة في جنوب لبنان من أجل إرضاء أميركا، فهذا لا يعني انتهاء الحرب، لافتا إلى أن إدارة بادين تدير مفاوضات خاضعة للانتخابات، وهي تبث أجواء من التفاؤل لتجنب أي تطورات سلبية من شأنها أن تؤثر على نتائج الانتخابات.
وخلافا للتفاؤل الأميركي الذي يأتي مغايرا للوقائع العملية الميدانية، نبّه شلحت إلى وجود لهجة تصعيدية من قبل الجانب الإسرائيلي الذي يرفض وقف إطلاق النار، ويعارض أي تسوية على الجبهة مع لبنان، ويعتقد أن وقف القتال فيها يكون من خلال حسم الحرب لصالح الجيش الإسرائيلي.
مصالح شخصية
القراءة عينها استعرضها المتحدث باسم كتلة "السلام الآن" آدم كلير، الذي أوضح أن نتنياهو يعتبر الحرب في لبنان مسألة شخصية، ووقفها يعني ملاحقته قانونيا بقضايا جنائية، مشيرا إلى أن نتنياهو الذي من المتوقع أن تتجدد محاكمته بقضايا فساد وخيانة الأمانة خلال الفترة المقبلة، سيواصل المراوغة بالمفاوضات والمناورة باستمرار القتال لإبعاد الأنظار عن محاكمته.
ورجح المتحدث الإسرائيلي للجزيرة نت أن وجهة نتنياهو استمرار الحرب في ظل أجواء عامة بإسرائيل تزعم تحقيق إنجازات حتى وإن كانت تكتيكية، حيث يستغل ذلك من أجل الهروب إلى الأمام، مشيرا إلى أن ما يساعده في نهجه هذا أن لديه ائتلافا واسعا ومتماسكا يمنحه القدرة على المناورة والقوة لعمل كل ما يريد.
ويعتقد كلير أن نتنياهو يُخضع السياسة العامة في إسرائيل لمصالحه الشخصية، وقد برزت لديه ميزة خلال الحرب متعددة الجبهات أنه يخضع مؤسسات الدولة إلى مصالح ائتلاف حكومته، بحيث إن أكثر توصيف يطلق على نتنياهو أنه "مفكك الدولة" من أجل استمرار حكومته وبقائه على كرسي رئاسة الوزراء.
وبعيدا عن المجريات العسكرية للحرب، يعتقد المتحدث أن هناك عوامل داخلية وأخرى خارجية من شأنها أن تؤثر على موقف نتنياهو بشأن الموافقة على وقف إطلاق النار من عدمه، بحيث إن العوامل الداخلية تتعلق بحجم الخسائر البشرية للجيش الإسرائيلي، بينما العوامل الخارجية تتعلق بممارسة ضغوطات حقيقية من قبل الإدارة الأميركية الجديدة.
لكن بغض النظر عن هوية الفائز بالانتخابات الأميركية، يقول كلير إنه "من الممكن أن يستخدم بايدن الفترة الانتقالية لإغلاق الحسابات مع نتنياهو، وأول موعد محتمل لذلك، في غضون أسبوعين تقريبا، حيث من المتوقع مناقشة الحرب في مجلس الأمن"، متسائلا "هل سيتمكن بايدن من تجنب استخدام الفيتو الأميركي على مقترحات فرض عقوبات على إسرائيل، إذا لم توافق على وقف إطلاق النار؟".
وبالتالي السؤال الذي يطرح، حسب ما يقول كلير، هو موقف الإدارة الأميركية الجديدة سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين من الحرب على الجبهتين الجنوبية والشمالية، ورجح أن واشنطن ستكون متحررة من تداعيات وتأثيرات الانتخابات، "وبالتالي فإن الإدارة الجديدة في واشنطن قد تمارس ضغوطا على نتنياهو تلزمه بقبول وقف إطلاق النار".