سنوات من التحقيقات بلا إجابات.. ما علاقة ترامب بروسيا؟
مع قرب الانتخابات الأميركية وتصاعد التوترات في أوكرانيا، أعاد تقرير لفورين بوليسي النظر في علاقة المرشح الجمهوري دونالد ترامب بروسيا.
فبعد سنوات من البحوث التي قادتها عدة جهات حكومية من مكتب التحقيقات الفدرالي إلى وزارة العدل والكونغرس لا يزال هناك غموض كبير حول طبيعة العلاقة، وحتى الآن لا يزال من غير الواضح إن كان ولاء ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مدفوعا بمصالح متبادلة أو بإعجاب شخصي بالأنظمة الاستبدادية أم شيئا أكثر خطورة.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsلوفيغارو: هكذا فقدت فرنسا نفوذها في أفريقيا
ويؤكد التقرير، بقلم كاتب العمود بالصحيفة مايكل هيرش، أن روسيا تدخلت في الانتخابات الأميركية الحالية بشكل مباشر لدعم حملة ترامب، وذلك باستخدام تقنيات متطورة شملت الذكاء الاصطناعي ومصادر إعلامية مزيفة، ونشرت موسكو معلومات مضللة ووظفت شخصيات أميركية للتأثير على الرأي العام.
وأفاد مسؤول في الاستخبارات الأميركية أن هذا التدخل كان "أكثر تطورا وجرأة من المحاولات السابقة"، واستهدف بشكل خاص الولايات المتأرجحة بهدف تعزيز فرص فوز ترامب في الانتخابات.
اتهامات بتقويض العدالة
ولفت التقرير إلى الإحباط المتزايد بين المحققين الذين فشلوا في استخراج المزيد من المعلومات في بحوثهم، ومن أهم هذه التحقيقات تحقيق مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق روبرت مولر الذي استهدف التدخل الروسي في الانتخابات، وكشف مولر أنه واجه ضغوطا سياسية حالت دون تتبع علاقات ترامب المالية مع روسيا بشكل كامل.
ووفق أندرو ويسمان، الذي قاد التحقيقات مع مولر، فإن بعض أفراد الفريق تجنبوا الاستمرار خشية رد فعل ترامب العدائي، وبالرغم من أن التحقيق استمر 22 شهرا ولم يثبت تواطؤ ترامب بشكل قطعي، فإنه كشف عن تدخل روسي “ممنهج” لدعمه.
وحسب التقرير، كانت صلات رئيس حملة ترامب لعام 2016 بول مانافورت مع روسيا من أبرز ما أثار مخاوف المحققين، فقد تعامل مانافورت بشكل رئيسي مع الضابط في الاستخبارات الروسية كونستانتين كيليمنيك، وهو مقرب من رجل الأعمال الروسي أوليغ ديريباسكا المرتبط بالكرملين، ووصفت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ هذا التواصل بأنه تهديد كبير للأمن القومي، ولكن -كتقرير مولر- منعت مخاوف وانقسامات داخلية ومحدودية صلاحيات اللجنة التعمق في التحقيقات.
وفي هذا الصدد، عبر أندرو ماكابي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي، عن استيائه من عدم الوصول إلى نتائج حاسمة، مؤكدا أن هناك الكثير من "الأدلة غير المكتملة" التي تشير إلى وجود علاقات مشبوهة بين ترامب وروسيا، وقال: "نحن نستحق أن نعرف الحقائق الحقيقية، وعدم حصولنا عليها يبقي الكثير من التساؤلات بلا إجابات".
علاقات مالية قديمة
وأوضح التقرير أن ترامب اعتمد بشكل كبير على استثمارات مالية روسية لإنقاذ مشاريعه منذ التسعينيات، وبينما ترددت البنوك الأميركية في التعامل معه، ساعدت الاستثمارات الأجنبية والروسية في إنقاذ أوضاعه المالية، ومن بين المستثمرين رجال أعمال من أصول روسية سوفياتية، بما في ذلك تييفيك عريف، رئيس "مجموعة بايروك"، ورجل الأعمال فيلكس ساتر، المتهم بعلاقات مع المافيا الروسية.
ووفقا لمصادر التحقيقات، فإن هذه الاستثمارات ساعدت في تعزيز إمبراطورية ترامب العقارية بعد سلسلة من الإخفاقات المالية، وفي عام 2008، صرح ابنه دونالد ترامب جونيور قائلا: "نسبة كبيرة من استثماراتنا تأتي من روسيا".
اجتماعات سرية
أشار التقرير إلى سلسلة من اللقاءات السرية بين ترامب وبوتين، كان بعضها بعيدا عن أعين المسؤولين الأميركيين، وورد في تحقيق مولر أن ترامب قد التقى بوتين دون حضور أي مترجمين أو شهود من الجانب الأميركي، مما يثير مخاوف المراقبين حول المواضيع التي نوقشت والالتزامات التي قد يكون ترامب قد تعهد بها.
ترامب قد التقى بوتين دون حضور أي مترجمين أو شهود من الجانب الأميركي، مما يثير مخاوف المراقبين حول المواضيع التي نوقشت والالتزامات التي قد يكون ترامب قد تعهد بها
وأشار رئيس تحرير واشنطن بوست بوب وودورد، في كتابه "الحرب" إلى أن ترامب واصل الاتصال ببوتين حتى بعد انتهاء فترة رئاسته، وأجرى ما يصل إلى 7 مكالمات هاتفية مع الزعيم الروسي، حتى إنه طلب من أحد مساعديه مغادرة الغرفة أثناء مكالمة خاصة مع بوتين في منزله، وغالبا ما أثنى على أفعال بوتين بما فيها حرب أوكرانيا، ووصف مدير الاستخبارات الوطنية السابق دان كوتس سلوك ترامب بأنه “مقلق”.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة واحتمال عودة ترامب للبيت الأبيض، تظل هذه التساؤلات حول علاقاته مع روسيا عالقة في أذهان الأميركيين، مما يثير مخاوف جديدة بشأن كيفية تعامل الإدارة الأميركية مع موسكو مستقبلا، ومدى تأثير ذلك على الأمن القومي الأميركي وعلى استقرار التحالفات الدولية.