نيويورك تايمز: انتخابات مزلزلة تدفع أكثر دولة ديمقراطية استقرارا بآسيا نحو الفوضى

Officials of the election administration committee count ballots for Japan's general election in Tokyo on October 27, 2024. - Japan's scandal-hit ruling party fell short of a majority for the first time since 2009 in snap elections on October 27, media projections showed, a blow to new Prime Minister Shigeru Ishiba. (Photo by Richard A. Brooks / AFP)
الانتخابات البرلمانية اليابانية التي جرت يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2024 قد تحول اليابان التي كانت مستقرة لفترة طويلة إلى دولة تهزها الفوضى (الفرنسية)

لطالما تمكنت اليابان على مدى سنوات من مقاومة الموجات الشعبوية التي اجتاحت أوروبا والولايات المتحدة حيث طالب الناخبون الساخطون بتغيير جذري، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وفي تعليقها على نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، يوم الأحد، التي وجه فيها الناخبون اليابانيون لطمة "مدوية" للحزب الحاكم، تشير الصحيفة الأميركية إلى أنه كانت هناك مؤشرات تدل على أن إحباطهم قد يحول واحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارا في المنطقة إلى أكثرها فوضى.

وقد خسر الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان الأغلبية في البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد المنصرم، وذلك للمرة الأولى منذ 2009، مما يمثل انتكاسة مريرة لرئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا الذي دعا إلى هذه الانتخابات المبكرة على أمل تعزيز سلطته.

لا يزال الوسط قويا

وبدا في الوهلة الأولى أن تيار الوسط قد صمد، ورغم أن الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي هيمن على الساحة السياسية في اليابان معظم حقبة ما بعد الحرب، خسر أغلبيته في مجلس النواب في البرلمان، فإن حزب الديمقراطيين الدستوريين، الذي فاز بثاني أكبر عدد من المقاعد بعد الحزب الليبرالي الديمقراطي، هو الآخر حزب وسطي نسبيا.

لكن المشكلة تكمن في أن أحزاب الأقلية في أقصى اليسار وأقصى اليمين حصلت على مقاعد، وفق تقرير مراسلة الصحيفة موتوكو ريتش في طوكيو.

وفي حين أن شيغيرو إيشيبا، الذي اختاره الديمقراطيون الليبراليون رئيسا للوزراء قبل شهر واحد فقط، ألقى باللوم في الأداء الكئيب للحزب على الفضائح المالية داخل الحزب الحاكم، قال محللون إن الشعور بالظلم بين الناخبين أعمق بكثير.

وقال كونيهيكو مياكي -وهو دبلوماسي ياباني سابق يعمل الآن مستشارا خاصا في معهد كانون للدراسات العالمية في طوكيو- إن السنوات الـ30 الماضية التي اتسمت بالركود وتدهور مستويات المعيشة، خاصة بالنسبة للشباب، أشاعت حالة من الإحباط.

حان "يوم القيامة"

وأضاف أن الحكومات التي قادها الحزب الليبرالي الديمقراطي تمكنت حتى الآن من احتواء سخط الناخبين بسبب ثبات الأجور ونقص العمالة وشيخوخة السكان السريعة، لكنه أردف بأن "يوم القيامة قد حان" الآن في اليابان، وأن "سدنة الوضع الراهن من الديمقراطيين الليبراليين قد بلغتهم الرسالة".

ووفقا للصحيفة، فإن هذه "البلبلة" غير المعتادة وحالة الفوضى الانتخابية أشاعت غموضا حول من سيتولى قيادة الحكومة في المستقبل. وأمام الحزب الليبرالي الديمقراطي المتعثر 30 يوما فقط لمحاولة إقناع مزيد من الأحزاب للانضمام إلى ائتلاف يحكم البلاد في الفترة المقبلة. ويُنظر إلى المعارضة على أنها من غير المرجح أن تكون قادرة على تجاوز انقساماتها وتشكيل حكومة.

وقد كانت الضغوط تتزايد منذ سنوات من جوانب عدة، في خضم مشهد سياسي "هادئ بشكل مخادع"، حيث بدا أن الشعب الياباني سيتعامل كالمعتاد مع الوضع إلى أجل غير مسمى.

ومع فوز 8 أحزاب معارضة بمقاعد في البرلمان، سيكون من "الصعب للغاية" عليها تقديم رؤية جديدة موحدة للبلاد.

لقد بدأ التشرذم والاستقطاب

ونقلت نيويورك تايمز عن جيرو ياماغوتشي -وهو عالم سياسي في جامعة هوسي في طوكيو- القول إن "التشرذم والاستقطاب في النظام الحزبي برز في هذه الانتخابات".

وتابع أنه في حين أن الاختيار يمكن أن يكون أحد علامات الصحة السياسية، فإن احتمال فرار الناخبين إلى الأحزاب ذات المواقف الأكثر تطرفا يمكن أن يتسبب في أضعاف خطير جدا للديمقراطية.

ورغم أنه من الواضح أن الناخبين أرادوا إبلاغ رسالة إلى الديمقراطيين الليبراليين، فإنه ليس من الواضح -برأي الصحيفة- أنهم اختاروا بديلا ثابتا.

لا رؤية واحدة لليابان

ومن جانبها، قالت كريستي غوفيلا، الأستاذة المشاركة في معهد نيسان للدراسات اليابانية في جامعة أكسفورد: "إن تنوع الأحزاب التي حققت مكاسب في هذه الانتخابات يظهر أنه لا توجد رؤية واحدة متماسكة للمضي قدما في اليابان".

وتعتقد مراسلة الصحيفة في تقريرها أن أحد الأسباب التي جعلت الديمقراطيين الليبراليين قادرين على الصمود في وجه السخط العام لفترة طويلة هو أن شينزو آبي، السياسي الموهوب الذي كان أطول رئيس وزراء ياباني خدم لفترة طويلة، فرض الانضباط الحزبي وأقنع الجمهور بأن الاستقرار أكثر أهمية من التغيير الشامل.

ولكن بعد اغتيال آبي في عام 2022، ازداد استياء الجمهور بسبب الفضائح الناشئة التي ظلت مخفية.

المصدر : نيويورك تايمز

إعلان