ماذا تبقى لسكان شمال غزة بعد عمليات النسف والتدمير الإسرائيلية؟

شارع الهوجا في مخيم جباليا الذي دمره الاحتلال بشكل كامل قبل أيام خلال حصاره مخيم جباليا
شارع الهوجا دمره جيش الاحتلال بشكل كامل قبل أيام خلال حصاره مخيم جباليا (الجزيرة)

غزة- "كيف نتعافى من هذه الحرب؟" يُجيب الفلسطيني أبو محمد المدهون على اتصال من أحد جيرانه يبلغه بنسف جيش الاحتلال الإسرائيلي منزله الثالث في بيت لاهيا، خلال العملية العسكرية الأخيرة شمالي غزة.

ولم يلتئم جرح الستيني أبو محمد بتدمير الاحتلال منزله وحرق عمارة سكنية يملكهما في بيت لاهيا خلال الأشهر الأولى من الحرب على غزة.

وكان أحد هذه البيوت الثلاثة قد قصفها الاحتلال الإسرائيلي في معركة "سيف القدس" عام 2021 وأُعيد ترميمه.

ويقول أبو محمد للجزيرة نت إن "الحسرة والبؤس أكلا من وجوه العائلة التي لم تكن تتصور أن تعيش يوما كهذا، وأن تفقد كل ما كانت تملك بين عشية وضحاها".

ولم يبق لأبو محمد وعائلته مأوى يسكن فيه شمال غزة، لكنه يجزم في حديث للجزيرة نت على العودة هناك والعيش فوق أنقاض منازله المدمرة عوضا عن تجربة نزوح صعبة سئم تفاصيلها إلى أن استقر به الحال بخيمة في دير البلح وسط القطاع.

وتقول الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية إن جيش إسرائيل يتعمد نسف ما تبقى من منازل شمال غزة لتهجير السكان قسريا وإجبار النازحين على عدم التفكير بالعودة مطلقا إلى تلك المنطقة، لكن أبو محمد يقول إن "أهالي غزة مصممون على العودة لمنازلهم وإن المحتل لن يحقق أهدافه".

إعلان

دمار هائل

وتؤكد بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية أن جيش إسرائيل دمر 34 ألفا و476 مبنى في محافظة شمال غزة بشكل كلي أو جزئي منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 6 سبتمبر/أيلول 2024.

ولليوم الـ18 على التوالي يواصل جيش الاحتلال عمليته البرية الثالثة شمال غزة، وبترسانته العسكرية ينسف المنازل والمعالم في مناطق متعددة شمال غزة عبر القصف الجوي أو تفخيخ وتفجير المنازل والمربعات السكنية، أو باستخدام الروبوتات والبراميل المتفجرة.

وحصلت الجزيرة نت على صور للأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار في 4 مناطق مختلفة شمال غزة هي الفالوجا وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون.

وبمراجعة صور الأقمار الصناعية يظهر الدمار الهائل في هذه التجمعات خلال أكتوبر/تشرين الأول 2024 مقارنة بنفس الموقع في الفترة التي سبقت بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.

بيت حانون قبل وبعد الحرب
الأقمار الصناعية تكشف تدمير جيش الاحتلال 95% من مباني بيت حانون شمال غزة (الجزيرة)

مناطق منكوبة

وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في غزة محافظتي غزة وشمال القطاع "منطقتين منكوبتين" ولم تعودا صالحتين للعيش، بسبب الدمار الهائل الذي خلفه الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وعلى صعيد شمال غزة، أوضح الدكتور محمد المغير مدير عام إدارة الإمداد والتجهيز في جهاز الدفاع المدني بقطاع غزة -للجزيرة نت- أن نسبة الدمار في البنية الحضرية والمساكن بالمحافظة التي تضم بلدة جباليا ومخيمها، وبلدة بيت حانون، وبيت لاهيا قُدرت بنحو 95%، في حين باتت البنية التحتية مدمرة كليا بنسبة 100%.

وتبلغ مساحة شمال غزة 62 كيلومترا مربعا، وتشكل 17% من إجمالي مساحة القطاع البالغة 365 كيلومترا مربعا.

وألقى جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 83 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة منذ بدء العدوان، مما حول مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام والأنقاض.

إعلان

بينما قالت وزارة الأشغال في غزة إن أكثر من ربع مليون وحدة سكنية تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي وباتت غير صالحة للسكن، مشيرة إلى أن أكثر من 80% من الطرق تعرضت للتدمير الكلي وهي بحاجة إلى إعادة تأهيل شامل.

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة، خلّفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية.

وتواصل إسرائيل هذه الحرب على مرأى ومسمع من العالم كله متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بقطاع غزة المحاصر.

المصدر : الجزيرة

إعلان