بالفيديو والأرقام.. قصة الحرب والدمار على غزة في عام
مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحولت غزة إلى رماد ولم يتبق شيء في القطاع على حاله، لا البشر ولا الحجر ولا الشجر، هذا الواقع فرضته إسرائيل بقوتها العسكرية وطالت كل مناحي الحياة ليصبح القطاع منطقة منكوبة وغير صالحة للعيش.
ومنذ بداية الحرب على غزة، فرض الاحتلال حصارا شاملا على القطاع ومنع "الماء والكهرباء والغذاء والوقود"، وبدأت تتفاقم معه المأساة الإنسانية، وتعلو صرخات الجوع والألم من المدينة السجينة حيث لا مفر.
ويوما بعد يوم تتكشف حلقات جديدة من مؤامرات حكومة بنيامين نتنياهو الهادفة إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه عبر التهجير القسري، وبدأت رحلة البحث عن النجاة من القصف الإسرائيلي والنزوح من القطاع يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بإنذار إسرائيلي بإجلاء 1.1 مليون فلسطيني، أي ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة من شمال القطاع والتحرك نحو الجنوب.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsشتاء الخيام فصل يفاقم مأساة النازحين في غزة
وبعد مرور عام على الحرب، بات جميع أهالي القطاع في رحلة بحث عن المجهول بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية، ونازحين داخل مناطق فرضتها إسرائيل عليهم، يفترشون الشوارع ويحرقون القمامة للطهي.
لقد وصلت الأزمة الإنسانية في غزة إلى أبعاد كارثية، حيث أدت الحرب المستمرة والتدمير المنهجي للبنية التحتية على يد القوات الإسرائيلية إلى تفاقم الوضع الإنساني، وأثر الدمار بشكل خاص على القطاع الصحي الذي بات هدفا أساسيا لعقيدة التدمير الإسرائيلية.
وبدأ انهيار القطاع الصحي عند اقتحام القوات الإسرائيلية منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مستشفى الشفاء (غربي مدينة غزة)، وهي أكبر مشافي القطاع، وذلك عد حصار دام عدة أيام وتسبب في وفاة مرضى وأطفال حديثي الولادة بسبب نقص الكهرباء والإمدادات.
وبعد مرور أكثر من 70 يوما على بدء العدوان، خرجت معظم مستشفيات القطاع من الخدمة وتوقفت خدمات الإسعاف بفعل القصف والتدمير المتعمدين من الاحتلال.
وعاود جيش الاحتلال الإسرائيلي مهاجمة مجمع الشفاء الطبي (للمرة الثانية) فجر يوم 18 مارس/آذار 2023، حيث جرت اشتباكات عنيفة في محيطه بين قوات خاصة إسرائيلية ومقاومين فلسطينيين.
وجرفت قوات الاحتلال خيام النازحين في ساحة مستشفى كمال عدوان قبل أن تنسحب منه، ودفن عشرات النازحين والمرضى والجرحى وهم أحياء داخل المستشفى وفي محيطه.
وتسبب إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات والأدوية والسلع والبضائع في تفاقم أزمة الغذاء، وعززتها سياسة التجويع وسوء التغذية خاصة بحق آلاف الأطفال.
كما تسبب الاحتلال في كارثة إنسانية حقيقية من خلال منع مئات آلاف الجرحى والمرضى من السفر لتلقي العلاج، أو منع دخول الأدوية اللازمة لهم.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية في محافظات قطاع غزة لدفن شهداء العدوان الإسرائيلي.
فقد لجأ الناس في القطاع لإنشاء مقابر جماعية عشوائية في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية، في ظل صعوبة الوصول إلى المقابر الرئيسية والمنتظمة.
ورصدت الجزيرة جثامين شهداء فلسطينيين تحللت في شوارع بيت حانون (شمالي قطاع غزة)، حيث لم يتمكن الأهالي من دفنها بسبب شدة القصف الإسرائيلي، وتعذر وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدني، وقبل ذلك وردت شهادات عن جثث أخرى تُركت في الطرقات ونهشت الكلاب أجزاء منها.
وتعد المجازر المرتكبة ضد المدنيين واحدة من أكثر الوقائع دموية خلال الحرب، ففي مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال سُميت "مجزرة الطحين"، استشهد أكثر من 112 فلسطينيا وأصيب ما يقارب 800 آخرين، وذلك في نهاية فبراير/شباط 2024 بينما كانوا يصطفون للحصول على المساعدات في وجود القوات الإسرائيلية التي أطلقت النار عليهم.
بالإضافة إلى مجازر: المعمداني التي استشهد فيها 500 فلسطيني، وجباليا والمغازي وشارع الرشيد ورفح، وصولا إلى مجزرة المصلين، وآلاف المجازر الأخرى التي استهدف بها الجيش الإسرائيلي المدنيين العزل.
وفضلا عن ذلك استهداف الاحتلال الصحفيين من أجل إسكات صوت الحقيقة في غزة، حيث واجهوا مخاطر عديدة نتيجة لما ينقلونه من معلومات وأحداث. ويعد استهداف الصحفيين مع أفراد العائلة والمنازل والممتلكات دليلا على تأثيرهم الكبير في الرأي العام، هذا إلى جانب التهديدات والاعتقالات.
لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بإزهاق نفوس الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وإجبارهم على النزوح، بل يواصل بعدوانه خطف البراءة من الأطفال الذين يعانون من فظائع ممارساته اليومية في قطاع غزة.
وقد فاق عدد الشهداء الأطفال في غزة مثيلهم في نزاعات العالم خلال 4 سنوات، فأرقام الأمم المتحدة تظهر أن 12 ألفا و193 طفلا قتلوا في نزاعات حول العالم بين عامي 2019 و2022.
وتمت مقارنة هذه الأرقام مع تقارير وزارة الصحة في قطاع غزة، إذ تشير إلى استشهاد أكثر من 16 ألفا و891 طفلا في القطاع خلال عام من الحرب.
ودعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة مرارا وتكرارا على مدى عام من الحرب "كل دول العالم الحر وكل المنظمات الدولية والأممية إلى الضغط على الاحتلال وعلى الأميركيين من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية وإنقاذ الأطفال".
واختفى صوت الأذان من مساجد كثيرة في غزة خلال الحرب، سواء بفعل القصف والتدمير أو في المناطق التي تحوّلت إلى "مدن أشباح"، إذ سوّت صواريخ وقنابل إسرائيلية مساجد القطاع بالأرض على مدار عام من العدوان.
كما خلّفت الحرب الإسرائيلية دمارا واسعا في الأحياء السكنية والمنشآت المدنية، حيث نسفت مبنى جامعة الإسراء (جنوبي المدينة)، إذ كانت تلك القوات عسكرت فيه 70 يوما واستخدمته قاعدة عسكرية ومركز اعتقال، قبل أن تغادره وتفخخه ثم تنسفه.
وطال القصف المستشفى الجامعي الأول والوحيد في قطاع غزة، والثاني في فلسطين، ومبنى الدراسات العليا ومباني كليات البكالوريوس والمختبرات الطبية والهندسية ومختبرات التمريض، وأستوديو التدريب الإعلامي وقاعة المحكمة التابعة لكلية القانون وقاعات التخرج، وذلك بعد نهب محتويات المباني.
كما نسف الاحتلال المتحف الوطني الذي أسسته الجامعة، والذي يضم أكثر من 3 آلاف قطعة أثرية نادرة نهبها جنود الاحتلال قبل نسف المبنى، ودُمر أكثر من 206 مواقع أثرية وتراثية في غزة.
كما دمرت إسرائيل البنى التحتية في كامل القطاع، بما يشمل 330 ألف كيلومتر من شبكات المياه، و655 ألف متر من شبكات الصرف الصحي، وما يقارب 3 ملايين متر من الطرق والشوارع، وفق خطة تدميرية مدروسة.
وتَعمّد الاحتلال تدمير 700 بئر وإخراجها عن الخدمة بشكل كامل، حتى بات الحصول على المياه في قطاع غزة مسألة صعبة للغاية.
وتجاوزت الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية 33 مليار دولار حتى الآن، إضافة إلى عشرات مليارات الدولارات في صورة خسائر غير مباشرة.
وعن الواقع التعليمي بغزة في ظل الحرب، نتحدث عن خسارة طلاب القطاع العام الدراسي 2023-2024 جراء الحرب المروّعة التي طالت الكوادر والبنية التحتية التعليمية قتلا وجرحا وتدميرا.
وهناك أكثر من 130 مدرسة وجامعة تدمرت بالكامل و336 تدمرت بشكل جزئي، واستُهدف 184 مركز إيواء منذ اندلاع الحرب، من بينها 152 مدرسة تابعة للأونروا، ومدارس حكومية وخاصة مأهولة بالنازحين.
وبدأت رحلة الموت والهرب في قطاع غزة فجر يوم السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو الهجوم الأكبر للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل منذ عقود، ووصف بـ"سبت إسرائيل الأسود"، وشملت العملية هجوما بريا وبحريا وجويا على عدة مستوطنات في غلاف غزة عبر السياج الحدودي، نفذته وحدات الضفادع البشرية من البحر، إضافة إلى مظليين من فوج "الصقر" التابع لكتائب كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وأسفرت العملية خلال ساعاتها الأولى عن مقتل مئات الإسرائيليين بين جنود ومستوطنين. وقال أبو عبيدة إن عدد الأسرى لدى كتائب القسام بين 200 و250، بعضهم جنود.
وعقب العملية خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليعلن أن إسرائيل في حالة حرب ويبدأ الرد بعملية عسكرية ضد قطاع غزة سماها جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، وبدأها بقصف جوي مكثف على القطاع.
بعد أسبوع من توغلات محدودة، شنت إسرائيل هجوما بريا واسع النطاق في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على الشمال، وتعهدت بإطلاق سراح جميع الرهائن والقضاء على حماس.
واتفقت حركة حماس وإسرائيل على الهدنة الأولى والوحيدة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، واستمرت 7 أيام، أُجريت خلالها صفقة تبادل للأسرى، أطلقت حماس بموجبها سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلي، بينما أفرج الاحتلال عن نحو 240 فلسطينيا، وسمح لقوافل المساعدات الإنسانية بالدخول إلى القطاع، قبل أن تنهار الهدنة وتستأنف الحرب في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2023.
وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية وثيقة رسمية تحدثت فيها عن معركة طوفان الأقصى وروايتها لأحداث الهجوم المباغت الذي شنته كتائب القسام وفصائل المقاومة على مستوطنات الغلاف.
وأوضحت حماس في الوثيقة التي جاءت تحت عنوان "هذه روايتنا.. لماذا طوفان الأقصى" أن العملية كانت خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة.