خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه سيناريوهات التصعيد في ساحل اليمن
صنعاء – تحدثت مصادر يمنية عن توجهات أميركية بريطانية لمحاولة السيطرة على سواحل وموانئ اليمن على البحر الأحمر الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) منذ عام 2015.
ولم يستبعد الخبير العسكري اللواء خالد غراب، في حديث للجزيرة نت، أن يتحوّل الأميركيون والبريطانيون إلى سيناريو السيطرة على الساحل اليمني على البحر الأحمر.
وقال إن ذلك "خيار مطروح ندرسه ونأخذه على محمل الجد ونستعد له". لكنه يعتقد أن "قواعد الاشتباك ستظل في وضعها الحالي، ولن يسعى الأميركيون إلى التصعيد".
وفيما يتعلق بقدرة الحوثيين على إغلاق البحر الأحمر إذا تصاعدت المواجهة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، قال اللواء غراب إن "الإغلاق بشكل كامل لن يكون إلا إذا حاول الأميركيون أن يصعدوا، وإذا ورطوا الاتحاد الأوروبي والناتو في العدوان على اليمن، فستكون هناك معركة كبيرة، ولن نستطيع أن نفرق بين السفن الحربية الموجودة بالبحر، وسيكون الوضع معقدا والملاحة الدولية ستتأثر بشكل كامل".
وأوضح "نحن لم نغلق البحر الأحمر، بل الأميركيون هم من عسكره، وعندما بدأ عدوانهم على اليمن طلبوا من سفن العالم الابتعاد عن باب المندب والتوجه إلى رأس الرجاء الصالح".
وردا على سؤال يتعلق بإمكانية توقف التصعيد في البحر الأحمر في حال التوصل إلى اتفاق يوقف العدوان على غزة، اعتبر الخبير العسكري أن قرار اليمن كان واضحا وهو منع السفن الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر حتى يدخل الغذاء والدواء إلى قطاع غزة ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني.
ثأر يمني
لكنه لفت إلى أن الأميركيين والبريطانيين تورطوا في العدوان على اليمن، وقال "نحن لدينا ثأر معهم بعد أن سفكوا دماء اليمنيين حيث قتلوا 10 جنود في البحر الأحمر و5 في البر، وجرح آخرون بقصفهم الأراضي اليمنية".
وعما إذا كان الثأر اليمني سيتسبب في حرب كبرى مع الأميركيين والبريطانيين، أكد اللواء غراب أن "الدماء اليمنية ليست رخيصة، وعلى الأميركيين أن يدفعوا الثمن، وفي ثقافتنا لا نقبل الضيم ولا أن يُمارس علينا الظلم والاستكبار، ودماء الشهداء لن تذهب هدرا".
وأضاف "إذا توسعت الحرب، وتواصل العدوان الأميركي البريطاني على اليمن، فإن أنفه سيمرغ في التراب وفي البحر، ولدينا أسلحة ذات تقنيات عالية قادرة على أن تصل إلى الأهداف البعيدة".
وتابع اللواء غراب "لقد تمرسنا على الحروب وأشكال الاشتباك القتالي المتعددة، وقواتنا بنيت في ظل أن العدو يسيطر على الجو، ولذلك قواتنا تعتبر هلامية ولن يستطيعوا الوصول إليها. كما بنيت القوة الصاروخية بشقيها الإستراتيجي والبحري على أساس أن العدو مسيطر جوا وبحرا، في حين صواريخنا تنطلق من جغرافية اليمن كاملة، ولدينا المجال الواسع للتخفي الذي أصبحنا متمرسين عليه، ولن يستطيع العدو الوصول لأهدافه وتدمير قدراتنا الصاروخية".
احتمال ضعيف
من جانبه، قال الخبير العسكري العميد عبد الغني الزبيدي إن "هناك احتمالا ضعيفا لاحتلال الشريط الساحلي لليمن في البحر الأحمر". واعتبر تصاعد الاستهدافات الأميركية البريطانية عمليات انتقامية أكثر منها نوعية، ذلك بأن الضربات على صنعاء ومحافظات أخرى تستهدف المعسكرات والقواعد التي تم قصفها عشرات المرات خلال السنوات التسع الماضية.
وعما إذا دعمت الولايات المتحدة وبريطانيا القوات الحكومية للتحرك نحو الحديدة والسيطرة على الشريط الساحلي، قال الزبيدي للجزيرة نت إن القوات اليمنية تعرف أنها مدعومة من السعودية والإمارات، ومن ثم هي لا تخضع للقرار الأميركي فيما يتعلق بأي تحرك بري باتجاه موانئ الحديدة وبقية الساحل على البحر الأحمر.
دعم لوجيستي
في المقابل، يرى الخبير العسكري البحري الدكتور علي الذهب أن "كل الاحتمالات واردة"، ولكن ليس بمفهوم الاحتلال الأجنبي، بل بالدعم اللوجيستي للقوات اليمنية الحكومية لاستئناف العمليات باتجاه المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على ساحل البحر الأحمر، "والتي باتت تشكل تهديدا لمصالح الدول الكبرى".
وقال الذهب للجزيرة نت إن القلق العالمي ليس من الحوثيين ومما اقترفوه من تهديد للملاحة الدولية، بل من دخول إيران إلى البحر الأحمر ووجودها فيه من خلال جماعة الحوثيين، مما سيشكل تهديدا جدّيا لمصالح أميركا والغرب.
وإذا لم يمتثل الحوثيون لمطالب أميركا وبريطانيا بوقف استهداف السفن بالبحر الأحمر، فـ"يبدو أن سيناريو السيطرة على الساحل اليمني سيكون هو القرار الحتمي إذا كانت أميركا وبريطانيا تريدان إزالة خطر الحوثيين"، وفق قول الذهب.
ولكنه قال إن ذلك "سيكون عبر الدعم اللوجيستي للقوات الحكومية خاصة تلك الموجودة في ميناء ميدي ومنطقتي حرض وحيران بمحافظة حجة شمال محافظة الحديدة وأيضا القوات المشتركة بجنوبها والموجودة في ميناء المخاء ومنطقتي الخوخة وحيس، والتي كانت أحاطت بمدينة الحديدة في عام 2018، ودخلت بعض أحيائها، وكادت تسيطر على مينائها الرئيسي".
الضوء الأخضر
ويعتقد الخبير العسكري علي الذهب أن القوات الحكومية ستتحرك للسيطرة على الحديدة والساحل اليمني على البحر الأحمر أذا أُعطيت الضوء الأخضر والإمكانات اللازمة.
وأشار إلى أن الحوثيين أنهكوا خلال الفترة الماضية، واستنزفت قدراتهم الصاروخية والمسيّرة سواء الهجومية أو الدفاعية، وضربت مناطق ومصادر التهديد لديهم، ومن ثم اختلت موازين القوى، وإذا استمروا في عملياتهم تجاه السفن سيزدادون ضعفا، وستنزف قدراتهم طالما أن الطرف الثاني -وهو القوات الحكومية- لم يطلق رصاصة واحدة حتى الآن، وقد يحصل على دعم لا نظير له من القوات الأميركية والبريطانية خاصة على صعيد الدعم الجوي.
ولفت الخبير العسكري إلى أهمية السواحل اليمنية على البحر الأحمر بالنسبة للحوثيين، حيث تعد:
- أولا: مصدرا مهما لتسريب السلاح خاصة الصواريخ والمسيّرات إليهم.
- وثانيا: تُدر الموانئ وخاصة الحديدة والصليف ورأس عيسى عليهم عائدات مالية كبيرة، وتعزز خزينتهم الحربية، كما تعزز موقفهم الاقتصادي وسيطرتهم المجتمعية.