يتجول في شوارعها وبين معالمها.. تطبيق يوثق حارة المغاربة بعد 56 عاما على هدمها من قبل الاحتلال

تحديث وتوسيع ساحة البراق على حساب حارة باب المغاربة.
الاحتلال هدم حارة المغاربة بعد أيام من هزيمة 1967 (الجزيرة)

القدس المحتلة- بعد مرور 56 عاما على هدمها، تعود حارة باب المغاربة في القدس من جديد ولكن عبر تطبيق جديد ثلاثي الأبعاد يجسد تفاصيل الحارة التي هدمها الاحتلال بعد أيام من هزيمة العرب في الحرب التي شنتها إسرائيل يوم الخامس من يونيو/حزيران 1967 على 3 من دول جوارها العربي.

وهدمت إسرائيل حارة باب المغاربة بالكامل عقب احتلال القدس، وذلك من أجل توسيع ساحة البراق (حائط المبكى) لليهود وإقامة حي للمستوطنين (حارة اليهود) على أنقاض الحارة.

ويسمح التطبيق الجديد المعروف باسم حي المغاربة بالقدس (Jerusalem Maghrebi Quarter)، والموجود عبر الهواتف الخليوية وأجهزة الحواسيب اللوحية بالتجوال في حارة المغاربة وشوارعها وبين معالمها، حيث يوثق التطبيق حارة المغاربة في القدس القديمة قبل احتلالها وهدمها لتوسيع ساحة البراق (حائط المبكى).

ووفقا لصحيفة "هآرتس"، فإن التطبيق الذي يروّج له في الفضاء الإلكتروني يأتي إصداره بمناسبة مرور 56 عاما على احتلال القدس، وهو يجسد حارة المغاربة قبل هدمها من قبل الاحتلال لتوسيع ساحة البراق وإقامة الحي اليهودي على أنقاضها.

تل باب المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى.
تل باب المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى (الجزيرة)

التهجير القسري

ويستعرض التطبيق حارة المغاربة بشوارعها ومنازلها وأزقتها التي تم توثيقها واستحداثها قبل هدم الحارة، وتسنّى ذلك عبر تقنية الأبعاد الثلاثية التي تمكن المتصفحين من التجوال في الحارة التي كانت قائمة وملاصقة لساحة البراق قبل حرب 1967.

وتعود حضارة حارة المغاربة وتاريخها إلى ألف سنة، حيث أقيمت هذه الحارة العربية من قبل مجموعات من الحجيج والمقاتلين الذين قدموا من المغرب العربي وشمال أفريقيا ممن شاركوا في الفتوحات الإسلامية واستقروا بالقدس.

وعمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 10 و11 يونيو/حزيران 1967، وبعد 4 أيام على احتلال القدس، إلى هدم حارة المغاربة بالكامل وإخفاء آثارها ومعالمها عن وجه الأرض.

وأجبرت سلطات الاحتلال سكان حارة المغاربة العرب والفلسطينيين البالغ تعدادهم ألف نسمة في ذلك الوقت على مغادرة الحارة قسرا، ومن ثم قامت بهدم منازلها وتدميرها، وذلك من أجل توسيع ساحة البراق (حائط المبكى) لليهود وتوطين المستوطنين.

كنس ومدارس دينية ومراكز تهودية أقيمت على أنقاض حارة المغاربة التي هدمها الاحتلال خلال حرب الأيام الستة بالعام 1967.
كنس ومدارس دينية ومراكز تهودية أقيمت على أنقاض حارة المغاربة (الجزيرة)

مواد أرشيفية

الباحث الفرنسي فنسن لأمير المتخصص في الكشف عن المواد الأرشيفية المتعلقة بحضارة مدينة القدس وتاريخها استعرض في كتابه الجديد تاريخ حارة المغاربة ونشأتها، وكواليس مخطط هدمها من قبل السلطات الإسرائيلية عند احتلال القدس.

ودأب الباحث الفرنسي الذي يترأس منظمة فتح القدس (open jerusalem)، التي تعمل على الكشف عن المواد الأرشيفية المتعلقة بالقدس من خلال كتابه "في ظل حائط المبكى"، على ابتكار وتطوير مشروع التطبيق الهادف إلى استعادة ملامح وأجواء حارة المغاربة قبل هدمها.

ولإنجاز هذا التطبيق، استعان الباحث الفرنسي بعشرات الصور والمشاهد والخرائط لحارة المغاربة، المحفوظة في الأرشيف العثماني في مدينة إسطنبول التركية، وكذلك في الأرشيف الإسرائيلي ومحفوظات جمعيات ومؤسسات إسلامية ومسيحية بالقدس.

بقايا آثار لحارة المغاربة المهدمة، حيث حولت هذه الآثار لجزء من حديقة توراتية ومتحف تهويدي بالمكان.
بقايا آثار لحارة المغاربة المهدمة حيث حولت هذه الآثار إلى جزء من حديقة توراتية (الجزيرة)

جولة افتراضية

وعبر هذا التطبيق سيكون بإمكان المتصفحين العودة إلى دواليب تاريخ حارة المغاربة، والتجوال بها افتراضيا والعيش بها، والتنقل بين أزقتها قبل هدمها.

وعن حارة المغاربة وما تعرضت له فور احتلال القدس، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مؤلف الكتاب وصاحب فكرة التطبيق قوله إن "الحديث يدور عن أشهر المواقع في العالم، حيث لا يعرف الناس ما حل بها، وما كان هناك، يجب كسر جدران الصمت والكتمان التي أحيطت بالمكان".

وأضاف الباحث الفرنسي "كم كنا محظوظين، فالحديث يدور عن أكثر المواقع في العالم الموثق، فهناك كثير من الصور، لكن المشكلة التي واجهتنا أن 90% من الصور التقطت من الزاوية نفسها، والتحدي الأبرز الذي واجهنا هو إيجاد صور متنوعة ومتعددة وثقت والتقطت من زوايا مختلفة، بغية استحداث واستعادة الحارة قبل هدمها".

وأوضح الباحث الفرنسي أن هذا النموذج أنشئ للتطبيق بالتعاون مع الوكالة الإيطالية للأبحاث الثلاثية الأبعاد، ومركز أبحاث العلوم الإنسانية الرقمية في جامعة مودينا وريجيو إميليا.

كنس ومدارس دينية ومراكز تهودية أقيمت على أنقاض حارة المغاربة التي هدمها الاحتلال خلال حرب الأيام الستة بالعام 1967.
الاحتلال طمس معالم حارة المغاربة عقب هدمها في عام 1967 (الجزيرة)

تحفيز الذاكرة

ويعود التطبيق إلى حياة حارة المغاربة إلى الذروة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث كانت تضم الحارة قرابة 80 مبنى سكنيا ومساجد ومدارس وساحات وشوارع.

وحسب لامير، فإن لاجئي حارة المغاربة تعرفوا من خلال التطبيق على الأماكن، وأوضح "لقد عرضت الصور على كبار السن وحفزت ذاكرتهم، قالوا: نعم هذا منزلي وهذا هو المكان الذي لعبنا فيه. لقد فعلنا ذلك لاستعادة الذاكرة".

وفي المستقبل، يخطط الباحثون لإضافة شهادات للاجئي حارة المغاربة إلى التطبيق أيضا، ومعلومات أثرية عن الحفريات التي أجريت في ساحة البراق، ومنطقة الحائط الغربي للمسجد الأقصى الملاصق للحارة المغاربة المهدمة.

جدار الصمت

وأوضح لامير للصحيفة الإسرائيلية أن "99% من الأشخاص الذين يأتون إلى ساحة الحائط الغربي لا يعرفون ما كان هناك، وليس لديهم أي فكرة ولا يهم إذا كانوا إسرائيليين أو أجانب أو حجاجا أو سائحين".

وعندما تروي القصة، حتى للإسرائيليين المتدينين واليمنيين الإسرائيليين، يقول الباحث الفرنسي إنهم "يجدون اهتماما بها، وقد يقولون إنه كان يجب تدمير حارة المغاربة، لكن عليهم أن يعرفوا ما كان هناك".

وبرأيه، فإن المشروع والتطبيق يحاولان إضفاء حضور جديد على حارة المغاربة بعد نسيانها، "فهذا المكان مكان مبدع، لقد التقط ملايين الأشخاص صورا للحائط الغربي. إنها في أذهاننا جميعا، لقد فكرنا عبر هذا التطبيق في كيفية كسر جدار الصمت حول حارة المغاربة، وكيف يمكننا السماح للناس فهم التاريخ وتجربته".

المصدر : الجزيرة

إعلان