رغم انعدام فرص الفوز.. لماذا يترشح كثيرون لسباق الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

مرشحين في الحزب الجمهوري لسباق الترشح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
6 مرشحين حتى الآن في انتخابات الرئاسة التمهيدية بالحزب الجمهوري الأميركي (وكالات)

واشنطن- تمنى الرئيس السابق دونالد ترامب للسيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية تيم سكوت "حظا سعيدا" بعد أن أعلن ترشحه للرئاسة عام 2024 منافسا لترامب.

وبإعلان سكوت، يرتفع عدد المترشحين الساعين للظفر ببطاقة الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة 2024 إلى 6 مرشحين، في حين يتوقع أن ينضم للسباق بين 8 و12 مرشحا إضافيا خلال الأيام والأسابيع القادمة، من أهمهم نائب الرئيس السابق مايك بينس، وحاكم ولاية فلوريدا ورون ديسانتيس، والنائبة السابقة بمجلس النواب عن ولاية وايومنج وليز تشيني.

ويثير ارتفاع عدد الساعين لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية الكثير من الأسئلة حول العالم، خاصة مع انعدام أي فرص واقعية للفوز، في وقت لا يبدو أن هناك أي حظوظ حقيقية كما تشير استطلاعات الرأي إلا لمرشحين اثنين فقط: هما دونالد ترامب ورون ديسانتيس.

وجاءت نتائج استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي بي إس" (CBS) على أكثر من ألف ناخب جمهوري في الفترة من 27 إلى 29 أبريل/نيسان الماضي؛ داعمة لفرصة التنافس الثنائي بين ترامب وديسانتيس.

وفاز ترامب بأصوات 58% من المصوتين، وديسانتيس بنسبة 22%، في حين لم يتخط أي مرشح آخر حاجز 5%، وجاءت بقية نتائج المرشحين والمرشحين المحتملين على النحو التالي: مايك بينس (نائب ترامب السابق) 5%، وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة وسفيرة بلادها في الأمم المتحدة أثناء حكم ترامب نيكي هيلي 4%، ورجل الأعمال الملياردير فافيك راوسوميري 3%، والسيناتور تيم سكوت 2%، وحاكم ولاية أركنساس السابق أشا هاتشيتسون 0.07%.

ولم تختلف تلك النسب عن غيرها من استطلاعات الرأي المختلفة التي أُجرت منذ بداية العام.

FILE PHOTO: Florida Governor Ron DeSantis attends the Florida Family Policy Council Annual Dinner Gala, in Orlando
حاكم ولاية فلوريدا ورون ديسانتيس أقوى منافسي ترامب داخل الحزب الجمهوري (رويترز)

الخوف من ديسانتيس

دخل تيم سكوت ذو الأصول الأفريقية سباق الترشح بالحزب الجمهوري رسميا، متعهدا بمواجهة "اليسار الراديكالي" وجلب الإيمان وسياسات داعمة لقطاع الأعمال إلى البيت الأبيض، حيث يسعى إلى قلب المنافسة التي هيمنت عليها حتى الآن تحركات الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم فلوريدا ورون ديسانتيس، الذي من المتوقع أن يدخل المعركة في الأيام المقبلة.

ولم يفوت الرئيس ترامب فرصة دخول سكوت سباق الترشح من دون مهاجمة ورون ديسانتيس، وتمنى ترامب لسكوت حظا سعيدا، وأشاد بإنجازات السيناتور أثناء عمله جنبا إلى جنب مع ترامب أثناء سنوات حكمه.

وكتب ترامب في منصة "تروث سوشيال" (Truth Social) المملوكة لمجموعة ترامب "حظا سعيدا للسيناتور تيم سكوت في دخول السباق التمهيدي الرئاسي الجمهوري المملوء بكثير من الناس، وتيم يعد خطوة أكبر من ورون ديسانتيس، الذي لا يمكن انتخابه، لقد أنجزت الكثير مع تيم، وكانت هناك إنجازات كبيرة وناجحة للغاية، حظا سعيدا تيم!"

ورغم حصول سكوت على نسبة لم تتعد 2% من أصوات المصوتين الجمهوريين في مختلف استطلاعات الرأي، فقد ذكر أنه سيواصل استثمار الموارد والوقت في ولايات أيوا ونيوهامبشاير وكارولينا الجنوبية، وهي أولى 3 ولايات تشهد انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية.

ترشح من أجل الفوز.. لكن!

وفي 2006، عندما أعلن السيناتور باراك أوباما ترشحه للرئاسة، قال إن أحد أهم العوامل التي أثرت على قراره هو سؤال إذا كان بإمكانه الفوز، وبالطبع كانت الإجابة نعم، ويدل ذلك على جدية المرشح، وفي السياسة الأميركية يتطلب الترشح للرئاسة أو أي منصب عام رفيع قدرا كبيرا من المثابرة والمهارة والموارد المالية الضخمة، وينعكس هدف ذلك كله في جذب وإقناع الناخبين للتصويت، وفي النهاية يفوز شخص واحد بالسباق.

لماذا يترشح كثيرون بلا فرصة للفوز؟

ورغم عُمق الاختلافات السياسية والأيديولوجية بين الحزبين الرئيسيين: الجمهوري والديمقراطي، إضافة إلى الاختلافات الداخلية في إدارة كل حزب، فإن الحزبين يعرفان ظاهرة افتقار أغلب المرشحين بالقدر نفسه لأي فرصة للفوز، ومع ذلك يتكدس المرشحون.

ورغم انتماء المرشحين للحزب نفسه، فإنهم يعملون على إظهار الفروق بينهم تجاه مختلف السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وفي النهاية يرى كل واحد منهم أنه قام بدوره لتوحيد الحزب حول المرشح النهائي.

أهداف ونتائج مختلفة للترشح

يدخل البعض سباق "الرئاسية" مدركا أنها فرصة جيدة للظهور الإعلامي، بحيث يصبح وجها مألوفا بما قد يخدم أهدافه الأخرى بعيدا عن الوصول للبيت الأبيض.

وتشير تجربة الانتخابات الأخيرة، سواء التي فاز بها ترامب عام 2016 التي نافسه فيها 16 مرشحا، أو تلك التي فاز بها جو بايدن عام 2020 ونافسه فيها 22 مرشحا؛ إلى اختيار كثير من المنافسين لشغل مناصب رفيعة في إدارة منافسهم القديم.

وعلى سبيل المثال، ظفر المرشح بن كارسون بمنصب وزير الإسكان والتنمية البشرية في عهد الرئيس دونالد ترامب، كما اختار الرئيس بايدن المرشح السابق بيت بوتيتيغ وزيرا للنقل في إدارته، واختار المنافسة السابقة له كامالا هاريس نائبة للرئيس.

كما يهدف مرشحون آخرون إلى بدء مسيرة التعرف على المانحين والمتبرعين للسباقات المستقبلية، وهناك من يستغل خوضه السباق للترويج لكتاب جديد، أو للسعي لشغل وظيفة تلفزيونية مرموقة، كما تنهال على كثير من المرشحين عروض لإلقاء خطب مدفوعة الأجر، أو عروض للانضمام لمجالس إدارات مختلفة، أو للتدريس في الجامعات.

ويقول المرشح الجمهوري السابق مايك هاكابي عن خوض سباق الترشح وهزيمته مرتين "إنها وسيلة للترويج الذاتي، بل إن أفضل طريقة للترويج الذاتي هو الترشح للرئاسة؟"

واستفاد هاكابي، وهو حاكم سابق لولاية أركنساس، من حملتين رئاسيتين خاسرتين لينتشر بين الدوائر المحافظة في ولايات الجنوب الأميركي، وروج لنفسه لاحقا في كل مكان عبر برامج تلفزيونية وإذاعية وبيع ملايين النسخ من الكتب والمطبوعات.

كما ظفر عضو الكونغرس السابق عن ولاية بنسلفانيا ريك سانتورم بوظيفة محلل سياسي بشبكة "سي إن إن" (cnn) وذلك بعد خسارته سباقي انتخابات عامي 2012 و2016.

في حين يشير القس آل شاربتون، الذي سعى للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي عام 2004، إلى أن التجربة ساعدته في الدفاع عن الحقوق المدنية وزادت نفوذه الشخصي، مما وسع فرصه رغم أنه لم يقترب أبدا من الانتصار في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.

المصدر : الجزيرة