بعد 9 سنوات من حكم قائد الانقلاب.. عقبة دستورية ربما تخيب آمال الحزب الفائز بانتخابات تايلند

صور لمرشح حزب التقدم التايلاندي لمنصب رئيس الوزراء بيتا لامجارونارت 111 المصدر : حسابات الحزب وقياداته
قادة "التقدم" يحتفلون بالحصول على 152 مقعدا حسب النتائج شبه النهائية لانتخابات تايلند (موقع الحزب على الإنترنت)

بانكوك- تمر الذكرى التاسعة للانقلاب العسكري في تايلند بشكل مختلف هذه الأيام، حيث أظهرت انتخابات 14 مايو/أيار الجاري نتائج مفاجئة بل صادمة للتيار الداعم للجنرالات، وتجاوزت توقعات معظم المحللين الذين كانوا يتحدثون عن استمرار رئيس الوزراء في الحكم سنوات قادمة، خاصة بعد تشكيله حزبا آخر كإستراتيجية انتخابية يحل محل الحزب الذي حكم من خلاله البلاد لسنوات ماضية.

وفي 22 مايو/أيار 2014 شهدت تايلند انقلابا عسكريا بزعامة قائد الجيش آنذاك الجنرال "تشان أو تشا" بعد 6 شهور من المظاهرات التي مهدت لإسقاط حكومة "ينغلانك شيناوات". وبعد 3 أشهر من الانقلاب، صار قائد الجيش رئيسا للوزراء ونزع بزته العسكرية.

واصل "تشان أو تشا" حكمه للبلاد بصيغ مختلفة، وكان يتطلع لأن يحكم لسنوات مقبلة، إذا ما فازت الأحزاب الداعمة له بانتخابات الأسبوع الماضي، لكن المفاجأة كانت فوز كيان معارض ليبرالي شبابي جديد هو "حزب التقدم".

وحصل هذا الحزب الجديد على 152 مقعدا حسب النتائج شبه النهائية، ثم تلاه حزب "من أجل تايلند" المعارض، بقيادة عائلة رئيس الوزراء الأسبق شيناواترا التي أُسقط حكمهم لأكثر من مرة، بـ 141 مقعدا. وذلك من مجموع 500 مقعد، بينما لم تفز الأحزاب التي تمثل الجنرالات والعسكر إلا بـ 77 مقعدا.

هذا مع عدم حسم موقف كيانين آخرين هما "الديمقراطي" أقدم أحزاب تايلند، والذي حكم لفترات وكان معارضا لأخرى، حيث حصل على 24 مقعدا فقط، و"فخر تايلند" الذي حصد 70 مقعدا.

تحالف الأحزاب الثمانية

فور هذا الفوز غير المتوقع بمشاركة 75.2% من الناخبين، أعلن عن تشكيل تحالف بقيادة حزب "التقدم" الذي رشح لرئاسة الوزراء، السياسي الشاب بيتا لامجارونارت (42 عاما) ومن المقرر أنه سيعلن في ذكرى الانقلاب عن تفاصيل اتفاق بين 8 أحزاب، بما فيها "من أجل تايلند" (فيو تاي) الذي يترقب حضورا وزاريا جيدا له باعتباره ثاني أكبر الأحزاب.

ويشارك بالتحالف "بناء تايلند" (تاي سانغ تاي) وهو من تيار "من أجل تايلند" بقيادة "سودارات كيورافان" السياسية والوزيرة المعروفة، يليه حزب الأمة (براتشاتشات) بقيادة "وان محمد نور متى" وهو الحزب الذي أسسه ساسة من الأقلية المسلمة عام 2018 وسيمثلهم في البرلمان الجديد بـ 9 مقاعد، ثم الحزب "الليبرالي التايلندي" (سري روام تاي) وأحزاب "الإنصاف" و"القوة الاجتماعية الجديد" و"من أجل التايلنديين".

واعتبر محللون تلك النتائج رفضا لإفرازات آخر انقلابين عسكريين عامي 2006 و2014، وهذا ما أظهره استطلاع المعهد الوطني التايلندي لتنمية الإدارة (نيدا) حيث أكد 90.46% من المستطلعة آراؤهم -بعد الاقتراع بأيام- أنهم سعداء لنتائج الانتخابات، وقال 89.62% إنهم سيصوتون لنفس المرشحين الذين اختاروهم قبل أيام، فيما لو أجريت الانتخابات ثانية.

وقد أظهرت النتائج أن فئات شبابية واسعة تريد التغيير، منهم 3.3 ملايين شاب يصوتون لأول مرة، وكثير منهم اختاروا مرشحين من حزب معارض جديد نسبيا ويقدم مرشحا شابا وطرحا مختلفا في قضايا عديدة.

بينما تراجع الحزب المعارض -الذي ظل في المقدمة لعقدين ماضيين- إلى المرتبة الثانية.

لكن من الواضح أن أغلبية الأصوات تمثل رغبة شعبية بالعودة لأجواء الحريات السياسية، والتعبير عن الرأي في بلد انتعشت فيه الديمقراطية لفترات متقطعة، تخللتها انتكاسات عبر 12 انقلابا خلال عقود.

صور لمرشح حزب التقدم لمنصب رئيس الوزراء بيتا لامجارونارت 333 المصدر : حسابات الحزب وقياداته
مرشح "التقدم" لمنصب رئيس الوزراء لامجارونارت بين قيادات الحزب وأنصاره (موقع الحزب على الإنترنت)

عقبة دستورية

فازت المعارضة بـ 313 مقعدا وهناك مصادر تتحدث عن وصول العدد إلى 316، لكنها ما زالت بحاجة إلى 60 صوتا آخر حتى تصل إلى الحد الأدنى من العدد المطلوب دستوريا للتصويت على منح الثقة للحكومة، وهو 376 صوتا من أصوات النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، ومجموعهم 750 نائبا وسيناتورا.

وبهذا السياق، حذر "فيشتاي راتناتيلاكا نافوكيت" مدير برنامج السياسات وإستراتيجيات التنمية بالمعهد الوطني لتنمية الإدارة (نيدا) من مآلات عدم قدرة "التقدم" ومن معه من أحزاب المعارضة على تشكيل الحكومة سريعا، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى صراع سياسي جديد أو حتى تكرار سيناريو الانقلاب.

لكن قائد الجيش الحالي الجنرال "نارونغبان جيتكايويتاي" أكد أن المؤسسة العسكرية لا تسعى إلى اللجوء إلى انقلاب آخر، وأنها ستسعى إلى الحفاظ على الأمن والإستقرار.

ويقول فيتشاي -في مقال نشره اليوم- إن "بيتا لامجارونارت" حاز شرعية أن يصبح رئيسا للوزراء ويلاقي اعترافا دوليا، مشيرا إلى أن تسلم الحزب الفائز السلطة سيرسخ استقرار البلاد وينهض باقتصادها ويعلي الحياة الديمقراطية فيها، ويعزز من صورتها بين الدول.

وفي المقابل وحسب المقال، فإن عدم حصول مرشح حزب التقدم على الأصوات الكافية قد يؤدي إلى انتكاسة أخرى في مسار الحياة السياسية والواقع الاقتصادي وصورة تايلند أمام العالم، على حد قوله.

وتوقع أيضا تعقد مسار المباحثات بين الأحزاب والنواب وعرقلة تشكيل حكومة خلال الأسابيع القادمة، مما يؤدي إلى تدخل محتمل آخر للجيش أو حدوث مواجهات وصراع جديد بالمشهد التايلندي.

المصدر : الجزيرة

إعلان