انتصار حاسم للجيش أم حرب طويلة؟.. تعرف على أبرز سيناريوهات الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع

جنود من الجيش السوداني ينتشرون وسط الخرطوم في ظل مواجهات مع قوات الدعم السريع (الفرنسية)

الجزيرة نت – على أصوات الرصاص وقذائف المدفعية استيقظ أهالي العاصمة السودانية الخرطوم أمس السبت أحد أيام العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، بعد أن تحولت الخلافات بين عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان وقائد الجيش، ونائبه في مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى مواجهة عسكرية شاملة في الخرطوم ومدن مروي وأم درمان والفاشر والأُبَيّض.

ومع دخول المعارك يومها الثاني تتواصل حالة الغموض بشأن مآل المواجهات وحقيقة الأوضاع الأمنية وسط الخرطوم وفي باقي الولايات في ظل التضارب الكبير في الروايات بين الجيش وقوات الدعم السريع وادعاء كلا الطرفين الانتصار في المعركة.

وتعلقت أبرز الروايات المتضاربة بالوضع في القيادة العامة، حيث قال المستشار السياسي لقوات الدعم السريع للجزيرة "ما زلنا نقاتل من داخل القيادة وكثير من الضباط انضموا لنا"، لكن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني نفى ما سماها ادعاءات المتمردين بحصار القيادة العامة بالخرطوم.

في الأثناء، قال الجيش إنه سيطر على مقار الدعم السريع في بورتسودان وكسلا والقضارف والدمازين وكوستي وكادوقلي وكرري، بينما قالت قوات الدعم السريع إنها استولت على برج القوات البحرية بالقيادة العامة في الخرطوم.

وفي محاولة لاستشراف مسار المعارك ورسم سيناريوهات للوضع على الأرض بعد نهاية القتال، استطلعت الجزيرة نت آراء عدد من الخبراء المختصين في الشأن السوداني.

انسحاب حميدتي

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين عوض سليمان، أن البلاد دخلت في حالة معادلة صفرية بين قوات الجيش والدعم السريع، وفي ظل تضارب البيانات بين الطرفين وضبابية المشهد واستمرار معارك الكر والفر بين الجانبين، يمكن أن نكون أمام واحد من 3 سيناريوهات.

السيناريو الأول ووفقا لسليمان يتمثل في انتصار حاسم للجيش المتفوق من الناحية العسكرية، خلال أيام وتصفية قادة الدعم السريع داخل الخرطوم، وقد تحدُث بعد ذلك معارك محدودة داخل عدة ولايات مع من تبقى من قوات الدعم السريع.

ويضيف "أما السيناريو الآخر فيتمثل في تحقيق قوات الدعم السريع مفاجئة تقودها للانتصار عبر تحييد قيادة الجيش أو السيطرة على مقر القيادة العامة والقصر الجمهوري، ولكن الجيش خارج الخرطوم لن يقبل بهذه النتيجة وسندخل في سيناريو حرب طويلة".

و"أما السيناريو الأقرب للواقع فهو أن ينسحب حميدتي بقواته من الخرطوم لأنه ليس من مصلحته البقاء هناك، فهو لا يمتلك خطوط إمداد قوية أو حاضنة شعبية هناك، وبالتالي سيكون مضطرا لأن ينسحب إلى ولاية تسمح له بحرية الحركة.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية على أنه في حال تمكن حميدتي من الانسحاب من الخرطوم ستتغير معطيات المعادلة وسيستعيد توازنه وقد يعيد التواصل مع قواته مع مختلف الولايات ويتمكن من ترتيب صفوفه، والحصول على الدعم العسكري من القوى الإقليمية الداعمة له، وعندها ستدخل الحرب في سيناريو حرب أهلية تشبه حرب الجنوب.

ويشدد سليمان على أن بقاء حميدتي في الخرطوم مسألة وقت لأنها محاصرة إستراتيجيا وسكان العاصمة والولايات المحاذية لها مؤيدون للجيش، في المقابل يمكن الانتقال إلى دارفور والسيطرة على مدينة الفاشر، لافتا إلى أن حميدتي يمكن أن يناور الجيش ويواصل القتال في دارفور التي تمتاز بالبيئة الصحراوية المفتوحة التي اعتاد القتال فيها لسنوات.

وردا على سؤال هل يستطيع حميدتي الانسحاب من العاصمة وقواته محاصرة فيها؟ أجاب، "هناك اتصالات مكثفة بين الطرفين بوساطات دولية رغم البيانات الإعلامية التي تنفي ذلك، ويمكن أن تقود الضغوط الدولية للسماح بانسحاب آمن لقواته من العاصمة.

انقلاب عسكري

من جانبه، يرى الكاتب الصحفي السوداني طارق الشيخ أن هذا الصراع العسكري هو انقلاب عسكري قامت به قيادة الجيش لقطع الطريق أمام التوقيع على الاتفاق الإطاري تماما كما حدث في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 عندما انقلب البرهان على اتفاق تقاسم السلطة مع المدنيين واعتقل الوزراء المدنيين في حكومة عبد الله حمدوك.

ويعتقد الشيخ أن صاحب المصلحة في هذه الحالة هم الإخوان المسلمون ممثلين في حزب المؤتمر الوطني، لأن التوقيع على الاتفاق الإطاري يتعارض مع حلمهم بالعودة لحكم السودان، لأنهم سيخضعون إلى لجان إزالة التمكين وسيحاسبون على جرائمهم وعلى رأسها جريمة قتل المعتصمين في ساحة القيادة العامة، على حد قوله.

ويضيف أعتقد أن هذه المعركة ستنتهي خلال أيام لصالح الجيش الموحد بكل طوائفه ووحداته ضد مليشيات حميدتي، وذلك بحكم الإمكانيات العسكرية والتدريب العالي.

ويرى أن حميدتي يمتلك أوراقا يمكن أن يعرضها على الساحة حول مجزرة القيادة العامة لذلك سيحاولون إسكاته والقضاء عليه.

وختم الشيخ رؤيته بالقول إن الشعب السوداني يقف على الحياد في هذا الصراع وينتظر نتيجة المواجهة، وإذا قرر قادة الجيش تسليم السلطة للمدنيين فسيقفون خلف هذا القرار، أما إذا حاول الإخوان المنتصرون في الحرب العودة إلى السلطة، فسيكون للشعب موقف آخر وسيستمر في المظاهرات والمسار الثوري، وكذلك سيكون هناك موقف للقوى الدولية الداعمة للاتفاق الإطاري.

السيناريو الليبي

بدوره بقول خبير الشؤون الأفريقية في جامعة القاهرة الدكتور بدر شافعي إن المشكلة في السودان هي أننا أمام خلاف بين قوتين كبيرتين مسلحتين بشكل جيد وتنتميان كلتاهما لخلفية عسكرية، وهو ما يجعلنا أمام سيناريو حرب طويلة يصعب حسمها.

ويضيف يمكن للجيش حسم الصراع في الخرطوم ومروي باعتباره الأكثر قوة وتسليحا، لكن الطرف الآخر لن يستسلم بسهولة خاصة أن لديه امتدادات قبلية في ولاية دارفور والدول المجاورة لها مثل تشاد والنيجر، كما أنه تحول إلى مشروع إقليمي ويحصل على دعم كبير من الإمارات وقوات حفتر وشركة فاغنر الروسية.

ويعتقد شافعي أن جهود الوساطة والتهدئة لن تفلح وإن حدثت ستكون مؤقتة وسرعان ما ستعود المواجهة بين حميدتي والبرهان وفي النهاية ربما نصل لحالة أقرب إلى الحالة الليبية، حيث نجد طرفا يسيطر على العاصمة والولايات القريبة منها، بينما يسيطر الطرف الآخر على ولاية دارفور وما حولها، ومن حين لآخر تحدث مواجهات بين الطرفين.

المصدر : الجزيرة

إعلان