اشتعل فتيل الحرب بين الجيش والمليشيات.. لوبوان: هل يتجه السودان لحرب أهلية؟

سواء أكانت هذه مجرد حلقة دموية عابرة أم بداية نزاع أطول، فهذه أول مواجهة عسكرية في الخرطوم منذ استقلال السودان عام 1956.

Fighting breaks out in Sudanese capital
القتال اندلع في العاصمة السودانية الخرطوم أمس السبت (الأناضول)

منذ بداية الثورة السودانية، يخفي كل من قائد الجيش السوداني اللواء عبد الفتاح البرهان وقائد مليشيا قوات الدعم السريع اللواء محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي"، استياء متبادلا بدافع تحالف المصلحة بينهما من أجل إحباط الانتقال الديمقراطي، غير أن هذه العلاقات الفاترة توترت هذا الأسبوع لتندلع الاشتباكات أمس السبت في بلدة مروي الشمالية، ثم في العاصمة الخرطوم وفي عدة مدن أخرى، ليتفجر التصعيد الذي كان متخوفا منه منذ عدة أشهر.

بهذه الجمل لخصت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية رأي مراسلتها في الخرطوم أوغسطين باسيلي، التي وصفت سحب الدخان التي تملأ سماء العاصمة الخرطوم وقت أذان المغرب، مشيرة إلى استمرار هدير التفجيرات المتقطع بعد حلول الظلام، في صراع مفتوح بين الرجلين القويين في البلاد انطلق بعد التاسعة صباحا بقليل في الخرطوم وبلدتي أم درمان والبحري.

وقد أدت العملية السياسية التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2022 إلى تفاقم هذا التنافس الراسخ، ومنذ رفض قضية إصلاح قطاع الأمن من قبل القوى السياسية المؤيدة للديمقراطية، وفشل مهمة الورشة التي كان من المفترض أن تبت في موضوع دمج قوات الدعم السريع في الجيش، لم يعد أي من الزعيمين يتحمل رؤية الآخر، كما يشير مصدر دبلوماسي.

شرارة مروي

ثم جاءت الشرارة من تحرك 100 مركبة تابعة لقوات الدعم السريع الأربعاء الماضي إلى مروي، حيث تتمركز طائرات مقاتلة سودانية ومصرية، ليندد الجيش بالتحرك، معتبرا أنه خارج عن القانون، مما دفع الجيش للاستيلاء على معسكر قوات الدعم السريع في سوبا، جنوب الخرطوم صباح السبت، لتبدأ المعارك والتصريحات المتناقضة على مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة بين الطرفين طوال يوم السبت.

وعلى قناة الجزيرة القطرية، وجه حميدتي انتقادات لاذعة لشريكه السابق -كما تقول المراسلة- ووصفه بأنه "مجرم"، في حين اتهم البرهان عدوه الآن بإدارة "مليشيا مدعومة من الأجانب"، وذلك في وقت يرى فيه المراقبون أن من له مصلحة في بدء الأعمال العدائية الآن من القائدين هو من يُشتبه في ارتكابه جرائم في أثناء صراع دارفور ومذبحة الاعتصام في الثالث من يونيو/حزيران 2019 والقمع الوحشي الممارس منذ الانقلاب.

شبح الحرب الأهلية

وتخشى باحثة سودانية متخصصة في العسكرة من نشوب "حرب أهلية عندما يختار المواطنون أحد الأطراف على أساس أصله العرقي"، كما حذر مصدر مقرب من قوات الدعم السريع من أن الصراع "إذا امتد إلى ولايات أخرى سيكون كارثة، ومن المرجح أن تنتشر الفوضى على المستوى الدولي"، وذلك في وقت وردت فيه أنباء عن اشتباكات في منطقتي دارفور وكردفان في الجنوب الغربي للبلاد.

وقالت الناشطة داليا عبد المنعم إن دعوات الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لوقف الأعمال العدائية لا تكفي، مشيرة إلى أن السعودية والإمارات ومصر وروسيا والصين التي لم توقف دعمها المالي بسبب الانقلاب كما فعل الغربيون، "يمكن أن يكون لها تأثير أكبر في حل هذه الأزمة من بقية المجتمع الدولي، لأنها تحتفظ بنفوذ كبير على كل من الجيش وقوات الدعم السريع"، كما تؤكد الباحثة المتخصصة في العسكرة.

وختمت المجلة بأنه سواء أكانت هذه مجرد حلقة دموية عابرة أم بداية نزاع أطول، فقد أصبح هذا اليوم أول مواجهة عسكرية في العاصمة منذ استقلال السودان عام 1956.

المصدر : لوبوان