لوتان: هل تستحق تايوان أن تخوض من أجلها الولايات المتحدة حربا مدمرة؟
على مدى عقود، لم يكن أحد يعرف كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة إذا غزت الصين تايوان، وقد بذل القادة الأميركيون كل ما في وسعهم لإخفاء موقف واشنطن.
ولكن الرئيس الأميركي جو بايدن كاد ينهي سياسة "الغموض الإستراتيجي" تلك لولا أن مسؤولي البيت الأبيض تراجعوا بعد إعلانه عزم بلاده الدفاع عن تايوان، وأصروا على أن سياسة واشنطن بشأن الجزيرة لم تتغير.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل تعتزم الصين السيطرة على تايوان كما تشير الاستخبارات الأميركية؟
توتر برز إلى الواجهة من جديد.. ماذا يحدث في مضيق تايوان؟
عاجل | وزارة الدفاع التايوانية: رصد 26 طائرة عسكرية و7 سفن حربية صينية في محيط الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة لوتان (Le Temps) السويسرية مقالا للكاتب الصحفي إيان بوروما، يحذر فيه من التأكيد للرئيس الصيني شي جين بينغ أن الولايات المتحدة لن تخوض معركة ضد الصين في تايوان.
وتساءل الكاتب عما إذا كانت سياسة الغموض الإستراتيجي التي تنتهجها واشنطن ما زالت تمثل أداة ردع، بعد أن أصبحت الصين اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه عندما حاولت "تحرير" تايوان من سيطرة القوميين بزعامة رئيسها السابق تشيانغ كاي شيك في الخمسينيات؟
وأشار الكاتب إلى عوامل عديدة قد تشجع الرئيس الصيني اليوم على مهاجمة تايوان من بينها كون بلاده تمتلك أكبر جيش في العالم من حيث العدد، كما تمتلك ترسانة نووية ضخمة.
ومن ضمنها أيضا كون الولايات المتحدة لا تستطيع المخاطرة بحرب نووية، بدليل أنها لم تتدخل مباشرة في أوكرانيا ضد روسيا التي تعدُّ أضعف من الصين، وهناك عامل آخر هو احتمال حدوث تحول سياسي في أميركا إذا انتخب رئيس جمهوري، سواء كان الرئيس السابق دونالد ترامب أو شخصية ذات تفكير مماثل، تريد عزل الولايات المتحدة عن النزاعات في البلدان البعيدة.
تايوان تستحق المخاطرة
وردا على السؤال الذي اختاره الكاتب عنوانا لمقاله "هل تستحق تايوان أن تخوض من أجلها الولايات المتحدة حربا مدمرة؟" رأى بوروما أن الجزيرة تستحق ذلك نظرا لأسباب عديدة.
وقال إن أول تلك الأسباب هو أن تايوان تكتسي أهمية إستراتيجية كبرى، فهي تنتج أكثر من 90% من الرقائق المتطورة في العالم، ومن شأن استيلاء الصين على صناعة الرقائق أن يقلب ميزان القوى لصالحها عالميا، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية وإستراتيجية بعيدة المدى بالنسبة لأميركا والغرب.
وعلاوة على ذلك فإن الهجوم على تايوان يمثل هجوما أيضا على اليابان وكوريا الجنوبية، باعتبار أن سيطرة بكين على بحر جنوب وشرق الصين ستخنق اقتصادات هذين البلدين اللذين سيلجآن إلى الأسلحة النووية إذا فقدا الثقة في قدرة الولايات المتحدة والتزامها بالدفاع عن أمنهما، وهو ما ستكون له عواقب وخيمة.
وخلُص المقال إلى أن نجاح الصين ألهم العديد من الحكام المستبدين في البلدان النامية، وعزز صورة بكين كشريك أكثر كفاءة وقوة وموثوقية من الديمقراطيات الغربية التي غالبا ما تكون فوضوية، وساهم في الدعاية الثقافية لفكرة أن الصين الناجحة ليست بحاجة للحكم الديمقراطي، ومن هنا تأتي أهمية تايوان التي يدحض وجودها أسس النموذج الاستبدادي الصيني وفق المقال.