محمد شياع السوداني: لا استهداف للمكون السني والعرب أخطؤوا إستراتيجيا بتخليهم عن العراق

رأى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن العراقيين استبشروا بما سماه التغيير بعد 2003، لكنهم اصطدموا بالإرهاب وبسوء الإدارة واستفحال الفساد، مؤكدا في سياق آخر أن العرب ارتكبوا خطأ إستراتيجيا بابتعادهم عن العراق في مرحلة ما بعد الاحتلال.

وقارن السوداني -الذي حلّ ضيفا على حلقة (2023/4/9) من برنامج "المقابلة"- بين عراق ما قبل الاحتلال وعراق ما بعده، وقال إن أقلية كانت تحكم قبل 2003 وكانت هناك طائفية غير واضحة ومحصورة في أصحاب القرار، ولم تكن هناك حريات إلى درجة أن المواطن يتعرض للاعتقال بمجرد حلم راوده عن النظام، في حين أنه بعد 2003 أصبحت هناك حريات وتعبير عن الرأي، والسلطة بات أساسها الشعب، والشيء الأهم أن العراقيين تمكنوا من الحفاظ على التداول السلمي للسلطة، والنضج في العملية السياسية وفهم النظام السياسي.

ورُغم الصورة الجميلة التي رسمها لمرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين، فإن رئيس الوزراء العراقي أقر بأن البلاد شهدت فوضى أثرت على التنمية والخدمات، فقد حصل تراجع على مستوى الاقتصاد وسوء الإدارة واستفحال الفساد، والعزوف الشعبي عن المشاركة في الانتخابات، لكنه قال إن العراقيين استوعبوا الدرس في ظل الأزمات السياسية والأمنية التي مرّت عليهم، وبدؤوا في فهم حدود الديمقراطية والحريات وأن يعيشوا سوية في بلدهم دون إلغاء الآخر.

واستبعد في نفس السياق أن يكون المكوّن الشيعي قد سيطر على العملية السياسية في عراق ما بعد 2003، مؤكدا أن هذا المكون في كل الانتخابات ينال النصف زائد واحد مما يمكنه مثلا من تشكيل الحكومة وحده وانتخاب رئيس وزراء، غير أنه يؤمن بأن الأمور لا يمكن أن تدار دون مشاركة باقي المكونات، وقال إنه شخصيا باعتباره رئيسا للوزراء ليست لديه صلاحية مطلقة، وهناك فصل بين السلطات البرلمانية والقضائية.

لا استهداف للمكون السني

كما نفى وجود استهداف للمكون السني في العراق باعتباره جزءا من النظام السابق، وقال إن جزءا من هذا المكون كان رافضا لما سماها عملية التغيير، لكن مع مرور الوقت أصبح الكل يؤمن بأن العملية السياسية باقية، مبرزا أن المكون تعرّض هو أيضا للظلم من قبل النظام السابق وتعرّض للبطش من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الذي تسلل للمناطق السنية.

واعتبر أن من مصلحة النظام السياسي الحالي في العراق ألا يذهب وراء خلفيات قومية أو دينية، وأنه شخصيا يتخذ قراراته ليس وفق نزعة شخصية ورؤية خاصة بل انطلاقا من مصلحة العراق والعراقيين، مشيرا إلى أن التنوع هو عامل قوة بالنسبة للعراقيين وليس عامل ضعف.

وبشأن عودة العراق إلى الساحة العربية والإقليمية والدولية، رأى المسؤول العراقي أن بلاده تعرضت للاحتلال بقرار من مجلس الأمن الدولي، وبعد 2011 بدأت تحكم بمؤسساتها، وعقدت القمة العربية في بغداد عام 2012 ولم يكن ذلك بإرادة إيرانية أو أميركية، قائلا إن "واحدا من الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبها العرب كان ابتعادهم عن العراق" في تلك الفترة، وإن العرب اقتنعوا بضرورة عودتهم للعراق وليس بعودة العراق للعرب.

كما اعترف العرب -بحسب السوداني- بأن تهديد تنظيم الدولة لم يكن تهديدا للعراق وحده بل للمنطقة كلها، مؤكدا أن العراق حارب التنظيم نيابة عن المنطقة.

وتطرق رئيس وزراء العراق في الجزء الثاني من حواره مع برنامج "المقابلة" إلى مسيرته الشخصية والمهنية، وكشف أن والده أعدم من طرف النظام السابق بسبب عضويته في حزب الدعوة، وكان هو في العاشرة من عمره، مما أثّر على نفسيته. وتحدث عن نشاطه في حزب الدعوة والمناصب التي تولاها وصولا إلى ترشيحه من قبل الإطار التنسيقي في يوليو/تموز 2022 لتولي منصب رئيس الوزراء، خلفا لمصطفى الكاظمي الذي تولى رئاسة الحكومة في مايو/أيار 2020.

المصدر : الجزيرة