قيادات بجبهة الخلاص للجزيرة نت: الرئيس التونسي دخل منعرجا جديدا لإسكات المعارضة
تونس- رغم محاولات المنع من قبل الشرطة، فإن جبهة الخلاص المعارضة في تونس استطاعت كسر الحواجز الأمنية للتظاهر في قلب العاصمة، وأكدت قيادات الجبهة أن الرئيس قيس سعيّد دخل منعرجا جديدا لإسكات صوت المعارضة عبر الاعتقالات والمحاكمات الجائرة، وفق تعبيرهم.
وقبل انطلاق مسيرتهم صباح اليوم الأحد نحو المسرح الوطني بشارع الحبيب بورقيبة (وسط العاصمة)، اصطدم المتظاهرون بقوات الأمن التي طوقت الطرق بالحواجز، في حين حذر أحد الكوادر الأمنية عبر مكبرات الصوت المتظاهرين من مغبة التقدم، لكن المتظاهرين كسروا الحصار.
وأعلمت السلطات الأمنية في ما بعد النيابة العمومية في العاصمة تونس بما عدّته خرقا للقانون بتنظيم مظاهرة غير مرخص لها وتعطيل المرفق العام، في إشارة إلى عدم التقيد بقرار والي تونس الذي منع تنظيم مظاهرة جبهة الخلاص بحجة وجود "قضايا تآمر على أمن الدولة".
ومن غير المستبعد -وفق بعض المراقبين- أن يتم رفع دعوى قضائية ضد قيادات أخرى من جبهة الخلاص المعارضة على خلفية تنظيمهم هذه المسيرة، في وقت تتصاعد فيه التوقيفات الأمنية والمحاكمات بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة في حق معارضين ونشطاء.
انتصار على السلطة
وقال القيادي بجبهة الخلاص الحبيب بوعجيلة إن المتظاهرين حققوا اليوم انتصارا على والي تونس ومن ورائه السلطة التي انتهكت حق التظاهر السلمي "بتبريرات واهية"، مؤكدا أن الشارع المناهض "لانقلاب" الرئيس قيس سعيّد لن ترهبه الاعتقالات والمحاكمات.
ورفع مئات المتظاهرين اليوم شعارات مناهضة لما عدّوه "انقلابا على السلطة وقمعا للمعارضين"، ومنها "يسقط يسقط الانقلاب" و"يا للعار يا للعار المسيرة في حصار" و"لا خوف لا رعب السلطة بيد الشعب"، كما رفعوا صور السياسيين الموقوفين وأعلام تونس.
ويقول الحبيب بوعجيلة -في تصريح للجزيرة نت- إن الرئيس قيس سعيّد دخل في منعرج جديد من الصراع مع جبهة الخلاص المعارضة عبر "تلفيق التهم الكيدية والإيقافات العشوائية واستهداف الحريات"، مؤكدا أنه يستخدم أجهزة الدولة لملاحقة معارضيه ومحاصرتهم وإنهاكهم.
رفض الانصياع
من جهته، قال الأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي في تصريح للجزيرة نت إن نظام الرئيس قيس سعيّد يحاول استعمال أداة المنع والقمع لإخماد صوت المعارضة، مؤكدا أن جبهة الخلاص رفضت الانصياع لقرار والي تونس لأنه لا يوجد أساس قانوني لمنع مسيرة سلمية.
وبسؤاله عن قراءته لأسباب عدم السماح بتنظيم مسيرة جبهة الخلاص بينما تم السماح لمظاهرة الاتحاد العام التونسي للشغل أمس الأحد بالعاصمة، قال إن النظام يستعمل المنع بالتدرج بالسماح لجهة دون أخرى، لكن المنع سيشمل الجميع إذا التزموا الصمت.
وأكد المكي أن جبهة الخلاص ستواصل تحركاتها للمطالبة بإطلاق سراح المسجونين السياسيين ومواجهة الانقلاب واستعادة مبادرة الشارع ضد هجمة التوقيفات والملاحقات القضائية التي تهدف إلى بث الرعب والخوف في صفوف معارضي النظام، وفق تعبيره.
ومن المنتظر أن تنظم جبهة الخلاص المعارضة وقفات تضامنية أسبوعية بداية من الأربعاء المقبل في قلب العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، ومن غير المتوقع أن يوافق والي تونس على تنظيم هذه الوقفات، مما قد يجعل سيناريو الاصطدام بين قوات الأمن والمتظاهرين مفتوحا على كل الاحتمالات.
تضييق لا يتوقف
من جهة أخرى، قال القيادي في حركة النهضة الإسلامية محمد القوماني -الذي شارك في المسيرة- إنه رغم عدم ارتكاب عنف في حق المتظاهرين من قبل رجال الأمن، فإن مسيرة اليوم شهدت قبل بدايتها محاولات كبيرة لمنعها وتحذير قيادات جبهة الخلاص من تنظيمها.
وأضاف القوماني -في تصريح للجزيرة نت- أن التضييق على مسيرة جبهة الخلاص اليوم سبقته مضايقات أخرى لمسيرات سابقة، مشيرا إلى أن أخطر منع وقع في حق مسيرة نظمتها حركة النهضة الإسلامية يوم 14 يناير/كانون الثاني 2022، وتوفي إثرها متظاهر يدعى رضا بوزيان.
ويرى القوماني أن الرئيس دخل في منعرج جديد من الصراع مع خصومه بعد استحواذه على جميع السلطات عقب التدابير التي اتخذها في 25 يوليو/تموز 2021، التي قام بمقتضاها بحل البرلمان وإلغاء الدستور وحل المجلس الأعلى للقضاء.
وقال "نحن نعيش في دكتاتورية ناشئة"، مشيرا إلى أن حملة الإيقافات الأمنية والمحاكمات لا تستهدف فقط حركة النهضة التي كانت طرفا أساسيا في الحكم بعد الثورة، بل تستهدف جميع النشطاء السياسيين والنقابيين والإعلاميين المناهضين للانقلاب، وفق تعبيره.
في المقابل، يؤكد أنصار الرئيس أن حملة الإيقافات لم تكن عشوائية، وإنما استهدفت مجموعة من السياسيين ورجال الأعمال المتعلقة بهم شبهات فساد مالي وقضايا تآمر على أمن الدولة بهدف خلق أزمات في توزيع السلع.