أحكام بحق عمران خان بعدة قضايا.. ماذا ينتظره في المرحلة المقبلة؟

People chant slogans as they condemn the shooting incident on a long march held by Pakistan's former Prime Minister Imran Khan, in Wazirabad
الحكومة الباكستانية تخشى من صدامات مع أنصار عمران خان في حال اعتقاله (رويترز)

إسلام آباد- تلقّى رئيس الوزراء الباكستاني السابق وزعيم حزب "إنصاف" عمران خان، أمس الثلاثاء، مذكرة توقيف غير قابلة للإفراج بكفالة، بسبب عدم مثوله أمام المحكمة على خلفية ما عُرف بقضية توشاخانا (مستودع الهدايا).

وكان من المقرر توجيه الاتهام إلى عمران في قضية "توشاخانا" (حيث اتُّهم بالتضليل بشأن هدايا تلقاها أثناء شغله منصب رئاسة الوزراء)، لكن محاميه طلب من المحكمة إعفاءه من جلسة الاستماع لأنه اضطر إلى المثول أمام محاكم أخرى. وكانت قد أُجّلت لائحة اتهامه مرتين من قبل في القضية نفسها فدفع ذلك المحكمة إلى إصدار مذكرة توقيف بحقه.

وكانت محاكم أخرى في المجمع القضائي نظرت أمس الثلاثاء في قضيتي "الإرهاب" و"محاولة القتل" المتهم بهما عمران خان، فأجلت محاكمته فيهما إلى 9 مارس/آذار الجاري، بينما تأجل إلى موعد غير محدد النظر في قضية التمويل المحظور للحزب.

Former Pakistani Prime Minister Imran Khan
عمران خان يواجه 4 دعاوى قضائية يقول أنصاره إنها تهدف للضغط السياسي عليه وعلى حزبه (الأناضول)

قضايا متعددة

ومنذ إسقاط حكومته في أبريل/نيسان الماضي، يواجه عمران خان ملاحقات قضائية يعدّها البعض ذات دوافع سياسية للضغط عليه، وهي:

  • القضية الأولى (توشاخانا) التي صدر بموجبها أمر توقيف بحقه: يُتهم عمران خان ببيع بعض الهدايا التي أهديت إليه وهو في منصب رئيس الحكومة، وذلك ممنوع في القانون الباكستاني، مما تسبب بإصدار حكم من لجنة الانتخابات يقضي باستبعاده من أي منصب سياسي أو منعه من الترشح في انتخابات حتى 5 سنوات.
  • القضية الثانية (قضية الإرهاب): اتُّهم خان بالإرهاب والتحريض على القتل بسبب تجمع أعداد كبيرة من مناصريه احتجاجا على قرار لجنة الانتخابات، حيث اتهمتهم الحكومة بتكسير وتخريب الممتلكات العامة.
  • القضية الثالثة (التمويل المحظور): وكانت تراوح مكانها منذ عام 2014، حيث حققت لجنة الانتخابات في تلقي حزبه (إنصاف) تحويلات مالية بملايين الدولارات من الخارج. وأكدت اللجنة في أغسطس/آب الماضي أن الحزب "تلقى تمويلا خارجيا غير شرعي من 16 حسابا مصرفيا سريا".
  • القضية الرابعة (التحريض على القتل): اتُّهم عمران خان بالتحريض على القتل بحق أحد قيادات حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) وعضو البرلمان الوطني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ حيث رفع موشين نواز رانجا دعوى ضد خان بعد تعرضه للهجوم من قبل أنصار حزب "إنصاف" خارج مقر لجنة الانتخابات في إسلام آباد.
إعلان

محاولة ضغط

منذ الإطاحة به من منصبه في رئاسة الوزراء بعد حجب الثقة عنه وعن حكومته، يرى عمران خان وأنصاره أن الحكومة الحالية -المكونة من تحالف من عدة أحزاب- تسعى بكل الطرق للتضييق عليه والتقليل من شعبيته، وخاصة عبر الدعاوى القضائية.

وفي هذا السياق، قال الأمين العام لحزب إنصاف فرع إسلام آباد، محمد نصير جانجوا، للجزيرة نت، إن الأحكام الصادرة بحق عمران خان ليست إلا محاولة للضغط عليه وعلى حزبه، وإن الحكومة الحالية تسعى للتضييق والضغط على رئيس الحكومة السابق وجعله منفيا في الخارج.

ويتفق مع ذلك الصحفي والمحلل السياسي جاويد رانا الذي قال "من الواضح أن الحكومة تضغط على المحاكم والقضاة من أجل الضغط على عمران خان في القضايا المتهم فيها".

وبرأي رانا -في حديثه للجزيرة نت- فإن السبب وراء ذلك هو إدراك الحكومة أن وجود عمران خان في الشارع وقيادته للحملة الانتخابية سيكون مؤثرا في الوقت الذي فقدت فيه أحزاب الحكومة شعبيتها.

وعن التحركات المستقبلية لحزب "إنصاف" بعد هذه الأحكام، قال نصير جانجوا إن "عمران خان يحظى بدعم كبير من الشارع الباكستاني وهذا هو سبب قوته"، كما قال إن "حزبه لا يركز كثيرا على هذه الأحكام، وإنما على التجهيز للانتخابات الإقليمية في كل من البنجاب (شرق) وخيبر بختونخوا (شمال غرب)".

epa10483709 Supporters of opposition political party Pakistan Tehreek-e-Insaf (PTI) fill up the registration form for a "Jail Bharo Tehreek" (voluntary court arrest) as PTI kickstart the countrywide voluntary court arrest movement, in Peshawar, Pakistan, 22 February 2023. PTI has launched a campaign in Lahore to protest what it views as an attack on its rights and the nation's economic decline under the PDM government. The Jail Bharo campaign for Haqeeqi Azaadi is a non-violent protest led by Imran Khan. Former prime minister Imran Khan made the announcement on 22 February via Twitter, saying the voluntary court arrest movement is a non-violent protest aimed at countering alleged constitutional violations. EPA-EFE/RAHAT DAR
محاكمات عمران خان تجري وسط واقع سياسي صعب تمر به باكستان (الأوروبية)

احتمالات ضعيفة لاعتقاله

كان عمران خان مهددا بالاعتقال سابقا فيما يتعلق بقضية الإرهاب التي اتهم بها في أغسطس/آب الماضي، لكن المحكمة منحته كفالة ما زالت تتجدد حتى الآن. كما أن المخاوف من اعتقاله دفعت أنصاره إلى التجمع حول مكان إقامته وإطلاق وسم "عمران خان خط أحمر"، فتسبب ذلك في مخاوف من إثارة العنف في حال اعتقاله.

واليوم يتكرر المشهد مرة أخرى، وتُطرح التساؤلات حول إمكانية اعتقاله في ظل الواقع السياسي المشحون، وخاصة مع بعض التغيرات التي طرأت على المؤسسة العسكرية بتعيين قائد جديد للجيش في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

إعلان

وفي هذا السياق، يقول الصحفي والمحلل السياسي محمد مهدي إن من الواضح أن هناك قضايا مسجلة ضد عمران خان يمكن اعتقاله فيها. ويتساءل: لماذا لم يُعتقل حتى الآن؟

ويعلّل مهدي -في حديثه للجزيرة نت- ذلك في عدة أسباب، من بينها أن حزب "إنصاف" ما زال لديه دعم في الدوائر الحاكمة، إضافة إلى أنه من المهم أن يكون الوضع الاقتصادي للبلاد قادرا على القيام بمغامرة سياسية كبيرة في باكستان، واعتقال عمران خان أمر كبير، وفق وصفه.

ويضيف مهدي "قد تكون هناك حالة من القلق وتريد الحكومة تجنبها. ورغم عدم اعتقاله حاليا، فإن هذا سيحدث بالتأكيد في المستقبل، وبحلول ذلك الوقت سيتم الاستعداد لهذا الاعتقال". ويتوقع المحلل أن ذلك لن يحدث حتى يُتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

من جانبه، يقول جاويد رانا إن هذه التهم الموجهة لعمران خان لا تمتلك الأدلة الكافية، وإن خان يحاول قدر الإمكان حشد أكبر عدد من مناصريه للتجمع بأعداد كبيرة في الشوارع في يوم المحاكمة، ومن ثم الضغط على الطرق أو تعطيلها، وهذا يعطي مقدمة للحكومة حول انعكاسات اعتقاله على الساحة.

واقع سياسي ساخن

في هذا السياق، يعتقد جاويد رانا أن القضايا المتهم بها عمران خان ستستمر في المحاكم دون قرار أو حكم نهائي على المدى القصير. وسيعتمد ذلك على التغير السياسي الذي يمكن أن تشهده البلاد في الأشهر القادمة، فإذا انقلبت الموازين السياسية لمصلحة عمران خان فإن هذه القضايا ستتلاشى مع الوقت.

ويرى رانا أنه لا يمكن الحسم في قرارات القضاء حاليا، لأن هناك انقسامات داخل مؤسسات الدولة ما بين مؤيدين ومعارضين لعمران خان، إضافة إلى انقسامات مماثلة داخل مؤسسة القضاء.

ويعتقد رانا أن تحديد موعد الانتخابات في البنجاب وخيبر بختونخوا يعدّ إنعاشا لحزب "إنصاف"، لأنه يبدو من الواضح أن الحزب سيفوز في هذين الإقليمين المهمين، برأيه.

إعلان

أما مهدي فيرى أن عمران خان في ظل القضايا التي تلاحقه يواجه أيضا مشكلة تتمثل في إمكانية تفكك حزبه السياسي وهو يكافح لإنقاذه.

المصدر : الجزيرة

إعلان