كيف قضى النازحون شمالي سوريا ليلتهم الأولى بعد الزلزال؟

مواصلة البحث عن ناجين تحت ركام منازلهم شمال سوريةفي سياراتهم ومواصلة البحث عن ناجين تحت ركام منازلهم شمال سورية
جهود فرق الإنقاذ والمدنيين تتواصل للبحث عن ناجين عالقين تحت ركام المنازل شمال سوريا (الجزيرة نت)

إدلب- "لم نستطع النوم طيلة الليل وبقيت أنا وأطفالي مستيقظين داخل سيارتي في الشارع المقابل للبناء الذي نعيش فيه". هكذا قضى السوري أحمد الشيخ وعائلته من منطقة سرمدا (شمالي إدلب) الليلة الأولى التي أعقبت الزلزال الذي ضرب سوريا فجر أمس الاثنين وتكررت هزاته الارتدادية لاحقا.

وقال الشيخ للجزيرة نت "خلال وقوع الزلزال حملت أطفالي من شقتي السكنية في الطابق الثالث ونزلنا إلى الشوارع رغم البرد الشديد، ولم نستطع العودة إلى المنزل خوفا من زلزال جديد".

حمل الشيخ وعائلته القليل من الملابس أثناء هروبهم ولجؤوا إلى السيارة منذ صباح الزلزال أمس الاثنين وحتى اليوم التالي. وقال "جلبنا بعض البسكويت والماء ولم ننم طيلة الليل لأنه لا مكان نلجأ إليه في ظل العاصفة المطرية".

وحسب فرق الدفاع المدني، فقد ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا (حيث تسيطر المعارضة) إلى أكثر من 700 قتيل وأكثر من 2000 مصاب في حصيلة مرشحة للازدياد بشكل كبير بسبب وجود مئات العائلات تحت الأنقاض، حيث تتواصل عمليات الإنقاذ وسط صعوبات كبيرة وهطول أمطار غزيرة وحدوث هزات ارتدادية.

وارتفع عدد الأبنية المنهارة بشكل كلي إلى 210 وأكثر من 440 دمرها الزلزال جزئيا، كما تصدعت آلاف المباني في مناطق شمال غربي سوريا.

أمام المباني المدمرة

وفي الليلة الأولى بعد الزلزال باتت أعداد كبيرة من المدنيين أمام الأبنية المدمرة بحثا عن أقربائهم العالقين، إذ يقدر أن آلاف المدنيين -بينهم نساء وأطفال- لا يزالون عالقين تحت أنقاض مبانيهم ولم تستطع فرق الدفاع المدني الوصول إليهم.

من بين هؤلاء عبد الله الشرتح الذي فقد عمه وعائلته كلها تحت الأنقاض في منطقة حارم (شمالي إدلب)، ولا يزال بعد 24 ساعة من الزلزال يحمل معولا ويبحث عنهم آملا وجودهم أحياء.

يقول الشرتح للجزيرة نت "عمي وزوجته و3 من أولاده تحت الأنقاض، وسمعنا أصواتهم يستغيثون، وحاولنا مع فرق الدفاع المدني طيلة الليل انتشالهم ولكن من دون جدوى".

ووفق الشرتح، فإن أعداد الضحايا في منطقة حارم وحدها تجاوزت ألف مدني، وتوقع أن يصل العدد الكلي للمصابين في المنطقة نفسها إلى 5 آلاف، بالنظر إلى عدم وصول الدفاع المدني إلى العديد من المواقع المدمرة.

دمار كبير ومعدات محدودة

وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني التابع للمعارضة) حالة الطوارئ في شمال غربي سوريا بعد الزلزال الكارثي الذي تسبب في انهيار أبنية سكنية بأكملها، واستنفر جميع المتطوعين لمساعدة المحتاجين.

ورغم عدم إصابة أي من أفراد الخوذ البيضاء، فقد تضرر العديد من أفراد أسرهم في كل من سوريا وتركيا بشكل مباشر من الزلزال، ولا يزال كثير منهم محاصرين تحت الأنقاض.

وأدى التوزيع الجغرافي الواسع للزلزال، وما نتج عنه من أضرار في جميع أنحاء شمال غربي سوريا؛ إلى ضعف قدرة فرق الإنقاذ المحدودة، وتركز أكبر عدد من الأضرار في محافظة إدلب التي شملت إدلب المدينة وكلا من سرمدا وجسر الشغور وحارم وسلقين والدانا وأطمة، وريف حلب وشملت الأتارب وترمانين وجندريس وأعزاز وعفرين.

وقال فريق الخوذ البيضاء إن "هناك حاجة ماسة إلى معدات بحث وإنقاذ إضافية ومعدات ثقيلة وقطع غيار ووقود بسبب كثرة عدد المباني المنهارة والأضرار التي لحقت بالمعدات الموجودة وغير الكافية لتلبية الاحتياجات العاجلة".

ودعت الفرق جميع المنظمات الإنسانية والجهات المانحة الدولية إلى تقديم الدعم المادي ومساعدة المنظمات التي تستجيب لهذه الكارثة ومساعدة ضحايا الزلزال بشكل عاجل.

مدنيين في سياراتهم ومواصلة البحث عن ناجين تحت ركام منازلهم شمال سورية
آلاف العالقين فروا إلى السيارات والحافلات ومخيمات النازحين (الجزيرة نت)

مخيمات النازحين أكثر أمنا

وقام متطوعون بنصب الخيام في إحدى الحدائق المركزية بمدينة الباب (شرقي حلب) لإيواء الأهالي المنتشرين في العراء، في حين أعلنت إحدى شركات الحافلات في محافظة إدلب عن استقبالها المدنيين مع توفير التدفئة داخلها، وذلك من أجل إيواء أكبر قدر منهم.

في هذه الأثناء، نزحت معظم العائلات التي تعيش في الأبنية السكنية شمالي إدلب إلى مخيمات النازحين التي صارت أكثر أمنا بسبب أن أسقفها مصنوعة من الصفيح أو مغطاة بالنيلون.

ومن هؤلاء السوري بشار الكامل الذي قام بنقل عائلته بعد وقوع الزلزال إلى خيمة شقيقه في منطقة سرمدا (شمالي إدلب)، خوفا من وقوع زلزال جديد بعد تصدع البناء السكني الذي يعيش به.

وقال الكامل للجزيرة نت إن "الخيمة صغيرة ولا يمكن أن تسعنا أنا وعائلة شقيقي، ولكننا مجبورون للبقاء فيها والنوم عندهم هذه الليلة، وذلك بعد تحذيرات من وقوع هزات ارتدادية خلال الساعات المقبلة".

وأضاف الكامل أن "المخيمات لم يصبها أي أذى بسبب الزلزال وهي أكثر أمنا لعدم وجود طوابق وأسقف، لذلك فإن معظم العائلات التي تعيش في الأبنية السكنية لجأت للخيام لإيواء عائلاتها حتى تنتهي الهزات الارتدادية".

المصدر : الجزيرة