لهذه الأسباب أخفقت فضيحة فساد في إسقاط وزير الدفاع بأوكرانيا
كييف- بعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، ورئيس هيئة الأركان فاليري زالوجني، يُعتبر وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، ثالث رجالات أوكرانيا من حيث الأهمية في خضم الحرب.
وفي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، هزّت قضية فساد أوكرانيا وهددت بالإطاحة بريزنيكوف من منصبه، وذلك بعد الكشف عن أسعار مضاعفة دفعتها وزارته مقابل السلع والمواد الغذائية المخصصة للجنود.
أكبر فساد في الحرب
ورغم أن القضية لا تُقارن بحجم قضايا وفضائح فساد أخرى شهدتها البلاد سابقا، فإنها لاقت أصداء رسمية وشعبية واسعة باعتبارها أكبر قضية تمسّ قطاع الدفاع في ظل حرب روسيا المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.
ودفعت هذه القضية الرئيس زيلينسكي -على ما يبدو- إلى إعلان عمليات تفتيش وتدقيق وإجراء تعديلات حكومية وإصدار مراسيم رئاسية عزل بموجبها عددا من المسؤولين في قطاعات مختلفة.
ومع انتشار الشائعات حول إقالته أو نقله إلى منصب آخر (يُقال إنه وزير الصناعات الإستراتيجية)، دفع الأمر ريزنيكوف إلى القول "لا يوجد مسؤول أبدي، وسأدعم ترشيح خلف لي، ونستخلص النتائج ونواصل الإصلاحات، حتى في أوقات الحرب".
وزير "فعّال"
وفي هذه الأثناء، تحرّك البرلمان الأوكراني فعلا لإقالة ريزنيكوف، لكن الرئاسة حسمت الأمر بالتأكيد على بقائه في منصبه لأنه "يعمل بفعالية مع الشركاء الأجانب فيما يتعلق بإمدادات الأسلحة"، حسب تصريحها.
وقال النائب عن حزب "خادم الشعب" الحاكم، فيودر فينيسلافسكي للجزيرة نت "بمجرد ظهور سوء الفهم حول شراء الطعام كان هناك نقاش حول أن الوزير قد يكون فاسدا أو لا، لكنه يجب أن يتحمل المسؤولية السياسية لأنه اختار فريقه بمفرده وعيّن الأشخاص المسؤولين عن الفضيحة. والنقاش كان يدور حول إمكانية وجود عمليات فساد محتملة أخرى في الوزارة وخاصة فيما يتعلق بشراء السلاح".
لكن نائبة رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان ماريانا بيزوغلا، قالت للجزيرة نت إن "القضية جُمّدت حتى حين. فغالبية الأوكرانيين تشكك فيها، وترى أن هذا ليس وقتها".
وأوضحت بيزوغلا أن إثارة القضية جاءت عشية اجتماع جديد لوزراء دفاع الحلفاء في قمة "رامشتاين" أوائل الشهر، والتهديد بهجوم روسي جديد واسع النطاق، "وهذا يضر بالقدرة الدفاعية للبلاد".
نهج أوروبي
ولكن، لماذا صمتت الرئاسة وانقسم البرلمان، وما مصير الوزير مع استمرار الحرب؟
يقول النائب فينيسلافسكي إن "مناقشة حساب الوزير وإقالته كانت مرتجلة، ونعرف أن إقالته في ظل الحرب يحتاج لقرار رئاسي وهي محتملة مستقبلا، لكن بحث الأمر على المستوى البرلماني مستمر حاليا"، على حد قوله.
ويؤيد ريزنيكوف نفسه استقالة نائبه فياتشيسلاف شابوفالوف، الذي كان مسؤولا عن الخدمات اللوجيستية للقوات المسلحة الأوكرانية.
وقالت وزارة الدفاع، في بيان، إن "استقالة شابوفالوف تأتي التزاما بتقاليد السياسة الأوروبية والديمقراطية، وهي دليل على أن مصالح الدفاع أعلى من أي مكاتب أو كراسٍ. ومثل هذه الخطوة تحافظ على ثقة المجتمع والشركاء الدوليين، وتضمن موضوعية التحقيقات المحتملة. هذه فلسفة فريق وزارة الدفاع".