في ختام المحادثات بماليزيا.. خارطة طريق للسلام جنوبي تايلند خلال عامين
كوالالمبور- يبدو أن محادثات سلام جنوب تايلند على وشك أن تحصد ثمارها، حيث اختتمت في كوالالمبور الجولة السادسة من محادثات سلام جنوب تايلند، مع إعلان الوسيط الماليزي أن وفدي الحكومة التايلندية والجبهة الثورية الوطنية اتفقا على بناء خارطة طريق لمحادثات سلام شامل ودائم، في غضون عامين (2023 و2024).
وتوقع الوسيط الماليزي ذو الكفل زين العابدين أن تضم عملية السلام جميع الأطراف، من ضمنها المنظمات المنخرطة في الصراع، التي يطالب بعضها باستقلال كامل للمناطق ذات الأغلبية المسلمة الساحقة وعاصمتها "فطاني"، بينما تكتفي أخرى بالمطالبة بحكم ذاتي موسع.
ولم يفصح الوسيط الماليزي عن تفاصيل خارطة طريق المحادثات، لكنه قال في رده على سؤال للجزيرة نت: "لقد تجاوزنا عقدة نقص الثقة التي عادة ما تكون معضلة في حل النزعات وهذا مؤشر إيجابي بالنسبة لي"، مضيفا أن الطرفين أظهرا مستوى عال من تبادل الثقة اثناء المحادثات، وأن الحكومة التايلندية هي من اتصلت بالحكومة الماليزية لاستئناف عملية السلام.
شروط النجاح
في هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية البروفيسور عبد الرزاق أحمد، أن عملية السلام قد لا تصل إلى محطتها الأخيرة دون انخراط جميع الأطراف فيها، وأن مبادرة السلام الماليزية تقوم على هذا الأساس.
وفي حديثه للجزيرة نت، حدد أحمد عدة شروط لنجاح ما يمكن تسميتها وساطة ماليزية أبرزها:
- انضمام جميع المنظمات في جنوب تايلند تحت مظلة واحدة للحوار مع سلطات بانكوك، وتشكيل أجندة موحدة.
- وضع الوسيط الماليزي خطة عمل وإطار زمني للتنفيذ، مستفيدا من خبرته العسكرية السابقة قائدا للقوات المسلحة الماليزية.
- الأخذ بالاعتبار أهمية منطقة فطاني الإستراتيجية بالنسبة لماليزيا، بما يتجاوز محادثات السلام، وبذلك يتعين إقامة خلية خبراء تبحث مستقبل تطوير المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، باعتبارها منطقة حيوية لماليزيا كما هي لتايلند.
- تحلي الحكومتين الماليزية والتايلندية بإرادة سياسية لتنفيذ خطة السلام، وتمكين المنظمات من تحقيق ما يمكن التوصل إليه عبر طاولة المفاوضات.
وبينما أكد ذو الكفل زين العابدين أنه لن يدخر جهدا في الاستفادة من الخبرات السابقة في رعاية عملية سلام جنوب تايلند، دون توضيح سبب فشل الجولات السابقة، فقد فضل عدم الخوض في تفاصيل خارطة الطريق، تاركا ذلك لاتفاق الطرفين.
وشدد وسيط السلام الماليزي على الاستفادة من التجارب الماليزية في رعاية محادثات سلام جنوب الفلبين، التي انتهت بالاتفاق على إقامة كيان جديد أطلق عليه بانغسامورو (شعب مورو)، يتمتع بحكم ذاتي موسع في المناطق ذات الأغلبية المسلمة في جنوب الفلبين.
تفاؤل
في إطار متصل، بعث وصول أنور إبراهيم إلى السلطة في ماليزيا آمالا كبيرة في الأوساط السياسية الماليزية والتايلندية في دفع عملية سلام جنوب تايلند قدما، وذلك نظرا لخبراته وعلاقاته القديمة مع الطرفين، وشعبيته التي يحظى بها في الأوساط السياسية التايلندية باعتباره مناضلا من أجل العدالة والديمقراطية.
كما استبشر كثيرون باختيار قائد الجيش الماليزي السابق الجنرال ذو الكفل بداية العام الجاري لرعاية عملية سلام فطاني، وذلك لقدرته على بناء تفاهم مع جنرالات الجيش التايلندي الذين يهيمنون على مقاليد الأمور، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمناطق المضطربة مثل الجنوب.
وفي هذا السياق، زار رئيس الوزراء الماليزي بانكوك الأسبوع الماضي، واحتلت عملية سلام الجنوب، بحسب ما نقلته وسائل إعلام ماليزية وتايلندية، جانبا مهما في محادثاته مع نظيره التايلندي "برايوت تشان أو تشا".
بينما التقى الجنرال ذو الكفل في وقت سابق رئيس لجنة السلام التايلندية الجنرال وانلوب روغساناو، قبل مشاركته في محادثات كوالالمبور.
الدور الماليزي
ورعت ماليزيا 3 جولات حوار بين ممثلي الحكومة ومنظمات فطاني المسلحة، تتصدرها الجبهة الثورية الوطنية لملايو "فطاني".
وترعى ماليزيا عملية السلام التايلندية منذ عام 2013، وتوقفت بعد استيلاء الجيش على السلطة في تايلند عام 2014، قبل أن تعود مرة أخرى في عام 2019.
ويرى خبراء في النزاع في جنوب تايلند أن الحكومة التايلندية بحاجة لتحريك عملية السلام قبيل الانتخابات العامة المتوقعة منتصف العام الجاري، كما تسعى منظمات جنوب تايلند إلى استغلال الشعبية التي يحظى بها أنور إبراهيم في تايلند، بهدف تحريك قضية فطاني والحصول على حكم ذاتي موسع على غرار الكيان الذي حصل عليه مسلمو جنوب الفلبين، بعد محادثات طويلة برعاية ماليزية.
وبلغت حصيلة المواجهات بين الجيش التايلندي ومنظمات فطاني التي تطالب بالانفصال 7300 قتيل عام 2004، وقال زين العابدين في مؤتمره الصحفي بعد جولة المحادثات الأخيرة، إن الحكومة التايلندية تقر بطبيعة النزاع في منطقة فطاني، مؤكدا حرص بلاده على الوصول إلى سلام شامل ودائم على حدود بلاده الشمالية، والاستفادة من تجربة عملية سلام جنوب الفلبين برعاية ماليزية.