الجزيرة نت تستطلع آراء خبراء حول تعديل قانون الحشد الشعبي بالعراق

الحشد الشعبي تأسس عقب اجتياح تنظيم الدولة المدن العراقية صيف 2014 (رويترز)

بغداد- أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض الثلاثاء 7 فبراير/شباط الانتهاء من مسودة تعديل قانون هيئة الحشد ومسودة قانون الخدمة والتقاعد لأفراد الهيئة، واللتين ستعرضان على البرلمان للتصويت عليها، مؤكدا أن هذه الإجراءات من شأنها ضمان الحقوق والواجبات وتنظيم عمل الهيئة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أشارت فيه الهيئة لقبول الكثير من أفراد الهيئة في الكليات العسكرية أملا بالوصول إلى تأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد الشعبي أسوة بأكاديميات وزارتي الدفاع والداخلية، بحسبه.

فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العراقي
الفياض كشف عن الانتهاء من إعداد مسودة لتعديل قانون الحشد (الجزيرة)

قانون الحشد

أقر البرلمان العراقي مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بأغلبية الأعضاء، وسط انسحاب تحالف القوى العراقية السني آنذاك والذي كان يضم ممثلين عن المحافظات السنية الست، ليستمر الجدل حول عمل الهيئة وواجباتها واستحقاقاتها بعد 7 سنوات على تشريع القانون.

وكان الحشد الشعبي قد تأسس فعليا عقب اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للعراق في يونيو/حزيران 2014، عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني فتوى "الجهاد الكفائي" بهدف مواجهة تمدد التنظيم في البلاد.

ووفق القانون -المكون من 3 مواد تتعلق بتنظيم عمل هيئة الحشد الشعبي- يعتبر الحشد جزءا من القوات المسلحة العراقية، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء)، بيد أنه صنف هيئة الحشد على أنها تشكيل مسلح مستقل يتألف من قيادة وهيئة أركان وصنوف وألوية مقاتلة.

ورغم تشريع القانون، يبدو أنه لم يكن كافيا بصيغته الأولى لمعالجة الإشكالات في تنظيم عمل الهيئة، وذلك وفق معاون رئيس أركان الحشد لشؤون العمليات ياسر العيساوي الذي أوضح -في تصريح صحفي منتصف العام الماضي- أن الحشد لا يمتلك معسكرات خاصة حتى الآن، كما أن قادة الحشد ومنتسبيه البالغ عددهم أكثر من 169 ألف مقاتل لم يأخذوا دورهم وامتيازاتهم الأساسية مما يستدعي إجراء تعديلات على قانون الهيئة، بحسب تعبيره.

وبعد مرور نحو 7 أعوام على تأسيس هيئة الحشد، تبرز تساؤلات حول أهمية تعديلات القانون، والضرورات التي تستدعي تأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالهيئة، وما يمكن أن يمثله تعديل القانون بالنسبة للحشد، فضلا عما إذا سيواجه تعديل القانون بذات الحساسية التي كانت حاضرة بين القوى السياسية المرة الأولى.

العقابي يؤكد أن مسودة تعديل قانون الحشد مشابه لقانون وزارتي الدفاع والداخلية
مهند العقابي: تعديل قانون الحشد لا يثير حساسية طرف معين بقدر ما يسعى للتنظيم (الجزيرة نت)

تعديل القانون

وحول التعديلات، أوضح المتحدث باسم هيئة الحشد مهند العقابي أنها تتعلق بالبنية القانونية والتنظيمات التقاعدية وتثبيت الرتب العسكرية لمنتسبيه، بما في ذلك المناصب وهيكلية الهيئة بشكلها العام، وذلك بغية وضع الحشد في إطار الدولة وإضفاء الخصوصية الحكومية عليه، وفق تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد أن تعديل القانون جرى بمعية خبراء من وزارتي الدفاع والداخلية، وبمشاركة مكتب رئيس الوزراء ووزارة التخطيط وأطراف معنية أخرى ومختصين في القانون وذلك بهدف أن يكون شبيها بقانوني الدفاع والداخلية، ولتكون مؤسسة الحشد في ذات السياق القانوني، مشيرا إلى أن الأمر لا يثير حساسية طرف معين بقدر ما يسعى لتنظيم الحشد.

وتعليقا على ذلك، قال عضو اللجنة القانونية النيابية ورئيس كتلة سند، مرتضى الساعدي، إن القانون الذي أقر عام 2016 رافقه إخفاقات في التطبيق من قبل الجهة ذات العلاقة بالدولة، لافتا إلى ضرورة استكمال وتشريع هذا القانون من أجل تنظيم واجبات هيئة الحشد واستحقاقاتها المعنوية والمادية.

المحمدي يرى أنه لا داعي لتأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد الشعبي
محمد المحمدي: قضية تأسيس أكاديمية خاصة بالحشد لم تطرح بعد ليتم الإقرار بشأنها (الجزيرة نت)

وجهة نظر قانونية

وأوضح الساعدي -في حديثه للجزيرة نت- أن جميع القوانين قابلة للتعديل من قبل البرلمان بحكم القانون، لذلك لا يوجد خلاف على أن يكون هناك تعديل على مسودة قانون تطرحها الحكومة أو هيئة الحشد، أو حتى من قبل نواب في البرلمان، مؤكدا أن الأهمية تكمن بتشريع قانون يعطي المساحات الكافية للهيئة.

وتعليقا على ذلك، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان محمد المحمدي "لغاية الآن لا يوجد شيء عن القانون في البرلمان، بيد أن لجنة الأمن والدفاع تعمل على سن مجموعة قوانين تتعلق بالمؤسسات الأمنية والعسكرية، مثل قانون المخابرات والأمن الوطني" وإن تلك القوانين لا تزال بحاجة لمراجعات، وإنهم في البرلمان يتفقون مع أي قانون يخدم مصلحة البلاد.

إلى ذلك، أكد الخبير القانوني حيدر الصوفي -للجزيرة نت- إمكانية تعديل القانون شريطة ألا يتعارض مع القوانين الأخرى، مثل قانون التقاعد الموحد، موضحا ضرورة تأسيس مديرية للتقاعد خاصة ضمن هيئة الحشد تعمل حلقة ما بين الهيئة ودائرة التقاعد العامة.

أكاديمية عسكرية

في غضون ذلك، اختلفت وجهات النظر فيما يخص مساعي هيئة الحشد لتأسيس أكاديمية عسكرية، وهو الأمر الذي عده الخبير العسكري علاء النشوع مخالفة قانونية ودستورية لأن الدستور لا يعترف بأي تشكيلات عسكرية خارج إطار المؤسسة العسكرية المتمثلة بوزارة الدفاع التي ترتبط بها أعلى مؤسسة عسكرية في البلاد وهي رئاسة أركان الجيش.

وتكمن المخالفة القانونية في أن الحشد لا يمتلك صلاحيات دستورية على اعتباره هيئة وليس وزارة، كما يوضح النشوع، مبينا أن إقرار قانون للحشد يعد مخالفا للدستور على اعتبار أن تشكيل الهيئة لا يخضع للقوانين والأنظمة العسكرية التي أقرها القانون العسكري العام والخاص، وأن المنتمين لها والمشرفين عليها لا ينتمون للمؤسسة العسكرية ولا يحملون أي شهادات ورتب عسكرية معترف بها قانونا، على حد تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد النشوع أن تشكيل أكاديمية عسكرية يحتاج بالضرورة إلى اعتراف حكومي يُسنُ بقانون حيث إن الشهادة العسكرية التي يحملها الضابط تعادل شهادة بكالوريوس في العلوم العسكرية.

ويعود عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، فيقول إن أكاديمية وزارة الدفاع تفي بالغرض، كما أن هناك ضوابط تنظيمية أخرى تجري على جميع المؤسسات العسكرية، لافتا إلى أن كل ما يطرح يتم النظر فيه من النواحي الإيجابية والسلبية، وبناء عليه فإن قضية تأسيس أكاديمية خاصة بالحشد لم تطرح بعد ليتم الإقرار بشأنها.

الكناني يرى أن تأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد الشعبي لا تعد مخالفة قانونية لكن ستثقل كاهل الحشد
عدنان الكناني: تأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد سيثقل كاهله (الجزيرة نت)

تعدد الآراء

أما العقابي، فقد بين أن قانون الحشد مشابه لقانوني الدفاع والداخلية. وبناء عليه، يمكن إنشاء أكاديمية خاصة بالحشد أسوة بالداخلية والدفاع اللتين تمتلكان أكاديميات عسكرية خاصة، لا سيما أن الصنوف القتالية للحشد قد تختلف بعض الشيء عن الوزارتين، متسائلا في الوقت ذاته "لماذا لم تكتف وزارة الداخلية بأكاديمية الدفاع؟" ومنوها إلى أنه سيتم الاعتماد على خبراء من الداخلية والدفاع في حال تأسيس هذه الأكاديمية.

من جانبه، يرى الخبير العسكري عدنان الكناني -في حديثه للجزيرة نت- أنه لا حاجة لكلية خاصة لتدريب وتأهيل الضباط في هيئة الحشد، مبينا أن بإمكان هذه الهيئة الاستعانة بالكلية العسكرية، فضلا عن أن تأسيس أكاديمية خاصة سيثقل كاهل الحشد بما تطلبه ذلك من المدربين والمعلمين، بحسبه.

تشكيلات الحشد

ورغم أن معاون رئيس أركان الحشد ياسر العيساوي كشف عن أن عدد أفراد الحشد يبلغ نحو 169 ألفا، فإن المتحدث باسم الهيئة تجنب -خلال حديثه للجزيرة- الخوض في تفاصيل تشكيلات الحشد العسكرية.

وبحسب دراسة نشرها المؤرخ والباحث بالشؤون الأمنية والإستراتيجية هشام الهاشمي مطلع يوليو/تموز 2020، قبيل أيام من اغتياله، فإن الحشد يتكون من نحو 119 فصيلا، من بينها 67 فصيلا شيعيا، 4 منها تتبع للمرجعية الشيعية في النجف، مقابل 43 فصيلا سنيا و9 فصائل أخرى للأقليات، في حين يبلغ عدد منتسبي الحشد نحو 165 ألف مقاتل، منهم 110 آلاف من الشيعة و45 ألفا للسنة و10 آلاف للأقليات.

المصدر : الجزيرة