ناج من الزلزال في أنطاكيا: لم تحن ساعة الحداد ولا يزال الحزن بالنسبة لنا رفاهية

بعد أسبوع من الزلزال وفي أكثر شريان دمارا في مدينة أنطاكيا التركية، حيث يعيش العديد من اللاجئين السوريين، لا يزال الناجون وأقارب الضحايا في عين المكان ينتظرون "أو يشاركون" في إزالة الركام على أمل إخراج الجثث من تحت الأنقاض لدفنها بالقرب من الحدود التركية السورية.
فلا راحة ولا ظلام ولا هدوء خلال ساعات الليل وسط أنقاض أنطاكيا، لا بالنسبة لعمال الإنقاذ في عملهم الدؤوب تحت الأضواء مع جرافاتهم، ولا لأولئك الذين ينتظرون ثمار أبحاثهم.
هكذا بدأت هالة قضماني موفدة صحيفة ليبراسيون Liberation الفرنسية الخاصة إلى منطقة الزلزال التركي السوري تقريرها الذي حاولت فيه وصف الأوضاع، لافتة إلى أن الناجين والباحثين عن أخبار ذويهم تجمهروا في جماعات صغيرة بدرجة حرارة تقارب التجمد.
وتتقدم الموفدة إلى 3 نساء جالسات على كراسي عثرن عليها في الركام، تقول إحداهن إنها وصلت لهذا المكان من مدينة أضنة بحثا عن أختها وزوج هذه الأخت وأطفالهما الثلاثة.
وتعلق قائلة "لم يعد لدينا أي أمل في العثور عليهم على قيد الحياة ولكننا ما زلنا ننتظر، وسننتظر على الأقل لنرى جثامينهم" دون أي انفعال واضح وهو ما تفسره المرأة بقولها "دموعنا قد جفت الأيام الثلاثة الأولى.. لكن أعصابنا مشدودة".
وتعتبر تداعيات الزلزال، وفقا لقضماني، صعبة للغاية للناجين، إذ ينصب اهتمامهم كليا على محاولة إنقاذ الأحباء من تحت الأنقاض وترتيب الجثث لدفنها، لكن يجب أيضًا إيواء العديد من الأشخاص الذين لا مأوى لهم وتزويدهم بالاحتياجات الأساسية من غذاء وتدفئة ومنتجات للنظافة، لأن المساعدات الإنسانية المنظمة تغمرها الاحتياجات الهائلة، وبفضل تضامن العائلات والأصدقاء، يجد الكثيرون ملاذًا في مناطق أخرى من أنطاكيا أو المدن التركية البعيدة.
وخلال تبادل الناس التعازي في شارع أنتيوش بهذه المدينة المنكوبة، تقول الكاتبة مبرزة مقارنات لدرجات سوء الحظ، فالجميع يواسي نفسه لمصيره وهو يرى بجانبه من هم أسوأ حظا منه، فالناجون يشعرون بأنهم محظوظون أكثر من الموتى، خاصة أولئك الذين عانوا لساعات وأيام تحت الأنقاض دون أن يتمكن أحد من إنقاذهم، أما من لم يفقد أحدا من أفراد عائلته فإنه لا ينفك يحمد الله، والأسوأ حسب أحد الناجين "ذاك الطفل الذي كان الناجي الوحيد من أسرته ووجد الآن نفسه يتيمًا؟ أو أولئك الآباء الذين فقدوا واحدًا أو أكثر من أطفالهم؟".
ويرى أحدهم أن الأفضل لمن فقد بعض عائلته أن يكونوا جميعا قد قضوا نحبهم وهو معهم، وهو ما يعلق عليه آخر بقوله "حتى لو حزن عليهم أبناء العم أو الجيران".
أما هذا الرجل، المدعو هاشم والذي لا يزال يريد البحث في شقة عمته للعثور على جثث أحبائه، فإنه يلخص لموفدة الصحيفة ما حل به من أسى وكآبة قائلا "ساعة الحداد لم تحن بعد والحزن بالنسبة لنا رفاهية لا يزال يتعذر علينا الوصول إليها".