أبنية آيلة للسقوط.. تصدعات وهزات ارتدادية تضاعف معاناة سكان اللاذقية

اللاذقية- ضرب جديد من الخوف والمعاناة يبرز في محافظة اللاذقية السورية جراء الزلزال الذي ضرب البلاد قبل أسبوع، حيث لا يزال السكان في حالة من الهلع الشديد خشية أن تسقط أبنيتهم المتصدعة فوق رؤوسهم مع تزايد أعداد الهزات الارتدادية التي تطال المدينة بين الحين والآخر.
فإلى جانب الانهيارات التي شهدتها أبنية في مناطق متفرقة من المدينة هناك مئات وربما آلاف الأبنية التي أصابتها تصدعات وشقوق دفعت الأهالي إلى مغادرة منازلهم والانتقال للعيش عند أقاربهم أو في الملاجئ المؤقتة الخاصة بضحايا الزلزال.
ومع استحالة العيش في ملاجئ مشتركة لمدة طويلة وازدحام ملاجئ أخرى تضطر أسر تضررت مساكنها إلى مغادرة الملاجئ نحو شقق تستأجرها في المناطق الأكثر أمنا في اللاذقية أو في محافظات أخرى، فيما تلجأ أسر إلى منازل قدمها متطوعون للأهالي المنكوبين في حادثة الزلزال، في حين لا تزال بعض العائلات مرابطة في بيوتها المتصدعة بانتظار تقييم اللجان الفنية مدى سلامتها من الناحية الإنشائية.

أعباء مادية
ويكاد لا يخلو حي من أحياء اللاذقية من أبنية متصدعة وأخرى متهالكة يتجمع ركام بعض أجزائها تحت شرفاتها كنذير شؤم على احتمال تداعيها في أي وقت من الأوقات.
مشهد عام يصفه الحاج علي (64 عاما) -وهو أحد سكان حي العوينة المتضرر من الزلزال- بـ"المرعب"، قائلا إن هذه الأبنية "مصبحة امسّاي"، في إشارة منه إلى إمكانية سقوطها في أي لحظة.
ويضيف الحاج الستيني في حديثه للجزيرة نت "لقد تشقق عدد من جدران شقتي، وأضطر وأفراد أسرتي إلى مغادرة المنزل نحو الشارع من 5 إلى 6 مرات يوميا منذ حدوث الزلزال، فكلما قرأنا خبرا عن زلزال أو هزة ارتدادية نخلي الشقة فورا".
ويتابع "وإلى الآن لم تصل اللجنة الفنية لمعاينة منزلي رغم تسجيلي في لوائحها، وأنا مسن وبالكاد باستطاعتي المشي، فكيف بي وأنا أهبط وأصعد يوميا".
أما وئام (32 عاما) -وهو من سكان امتداد المشروع العاشر وسط المدينة- فاضطر إلى استئجار منزل في حي آمن نسبيا باللاذقية ونقل أثاثه إليه بعد أن ثبت أن شقته غير آمنة.
يقول وئام للجزيرة نت "لقد اقترضت مبلغا كبيرا من والدي حتى تمكنت من الانتقال إلى هذه الشقة، ولا أعلم إن كان بإمكاني تحمل هذه النفقات الإضافية في حال لم يكن منزلي في المشروع العاشر آمنا للسكن مرة أخرى".

ذعر وقلق
وكحال عائلة وئام والحاج علي يخيم الذعر والقلق على العائلات المنكوبة في أحياء عدة من اللاذقية خشية أن تلاقي مساكنهم مصير المساكن المنهارة في المدينة، فيما يضاعف لجوؤهم إلى استئجار الشقق معاناتهم، وسط أسوأ أزمة معيشية وخدمية تشهدها مناطق النظام السوري منذ نحو 12 عاما.
وأخلى عدد كبير من سكان أحياء "العوينة"، و"المشروع العاشر"، و"الأميركان"، و"السجن" في المدينة منازلهم بعد أن باتت غير آمنة، واتجه غير المقتدرين منهم إلى مركز الإيواء في جامع عمر بن الخطاب القريب من هذه الأحياء.
ولم تتمكن اللجان الفنية المعنية بالكشف عن الأبنية في هذه الأحياء من إصدار تقييمها النهائي حتى اللحظة، في حين لا تزال مئات العائلات المنكوبة تبحث عن مساكن بديلة في ظل ازدحام الملاجئ المخصصة لهم وتواضع المساعدات المقدمة لهم.
مبادرات لإيواء المنكوبين
وأطلقت مؤسسة غسان الجديد التنموية في المحافظة مبادرة لتأمين سكن بديل لمتضرري الزلزال في مدن وقرى الساحل السوري عبر تقديم بدلات إيجار شقق للمتضررين تمتد من 6 أشهر وإلى نهاية العام بحسب حجم الضرر وحاجة الأسر.
وذكرت وزارة الإدارة المحلية في حكومة النظام اليوم الأحد أن عدد الملاجئ في المحافظة بلغ 32 ملجأ.
وبلغ عدد الأبنية التي انهارت بشكل كامل في اللاذقية 65 بناء، أما الآيلة للسقوط فهي أكثر بكثير، بحسب قائد الدفاع المدني العميد جلال داود.