قصص مؤلمة للاجئين سوريين بألمانيا فقدوا ذويهم في الزلزال المدمر

برلين- كأن بين الحزن والسوريين رابطا يكاد لا ينفك على مدى السنوات الـ12 الأخيرة، فمن مأساة القتل والتهجير القسري ومخيمات اللجوء، مرورا بقوارب الموت وصل أخيرا قطار الحزن إلى محطة لم تكن في الحسبان، حيث كارثة الزلزال المدمر شمال سوريا وجنوب تركيا التي يتكدس فيها اللاجئون السوريون.

كان خبر الزلزال صاعقا للسوريين المغتربين، فقد توزعت مشاعرهم بين الشمال السوري والجنوب التركي، حيث جاءت الأخبار تحمل نعي الأهل والمحبين والأصحاب في الشمال والجنوب.

الجزيرة نت رصدت 3 بيوت عزاء في ألمانيا (أحد بلاد اللجوء السوري)، في ميونخ وفرانكفورت وباد فيلد باد.

لسان حال الجميع كان الألم حول عدم استطاعتهم الوقوف إلى جانب أهلهم في هذه المحنة أو حتى تشييعهم، حيث لا يستطيع السوري دخول تركيا منذ عام 2016 إلا بفيزا يحتاج استخراجها نحو شهرين، كما ناشد بعضهم السلطات السماح بجلب من تبقى من العائلات، خاصة مع وجود أطفال فقدوا كل أسرهم ولا يوجد لهم سوى أقارب تمنعهم القوانين والحدود من رعايتهم.

الأب بسام العلي
بسام جميل العلي قضى مع 11 من أسرته وضيوفه في كهرمان مرعش (الجزيرة)

نجاة طفل وخسارة 12 من أسرة واحدة

في ميونخ، يعتصر الحزن الممزوج بالعجز نضال جميل العلي من جبل الزاوية في إدلب السورية.

وصل العلي ألمانيا لاجئا مشيا على الأقدام عام 2015، في حين بقي أخوه الوحيد بسام وأسرته في كهرمان مرعش التركية، حيث قضى هو وأسرته في الزلزال، فيما نجا من الأسرة طفل مصاب ليس له سوى عمه في ألمانيا.

في حديثه للجزيرة نت، يقول العلي "حين علمت بالزلزال اتصلت مباشرة بأخي فلم يرد، وبعد محاولات متعددة للوصول لمن يعرفه أخبرني أحد المعارف في المنطقة أن منزل أخي أصبح على الأرض ولا يعرف أحد مصير أسرته، بقيت يومين على أمل أن يكونوا أحياء، حتى وصلني خبر وفاتهم ونجاة طفل".

تفاصيل مؤلمة رواها العلي عن 12 ضحية من أسرة أخيه بسام (51 سنة)، فضلا عن 4 ضحايا آخرين كانوا في زيارة بيت أخيه، وهم سيدة و3 أطفال، موضحا أن إخراجهم من تحت الأنقاض تم في اليوم الخامس، حيث تنوعت وسائل الحفر من العمل اليدوي والآليات الثقيلة، وفي الأخير تم دفنهم في مرعش لصعوبة نقلهم إلى الداخل السوري.

الوالد أحمد لاطة وطفلاه يوسف وناصر قبل شهرين من الحادث
الوالد أحمد لاطة وطفلاه يوسف وناصر قبل شهرين من الحادث (الجزيرة)

نتيجة البطء والإهمال

في فرانكفورت كان ثمة حديث عن مأساة أخرى، حيث قضت أسرة نحبها ونجا منها طفلان مصابان.

الجزيرة نت التقت بأبناء الراحل أحمد لاطة من قرية البارة بريف إدلب في عزاء والدهم وإخوتهم الذين قضوا في مدينة آيدمان التركية.

يقول صبحي أحمد لاطة إنه وصل إلى ألمانيا عام 2016 عن طريق لم الشمل، موضحا أن والده (64 سنة) -رحمه الله- كان مصابا بشلل نصفي ولديه زوجتان كل واحدة تعيش مع أولادها ببيت في آيدمان.

وأضاف "لكن الموت أخذ الوالد ومعه زوجته فاطمة برهوم 36 سنة وإخوتي الثلاثة موسى وميس وناصر، فيما تم إنقاذ ريم بعد إصابتها بـ3 كسور في الجمجمة، حيث وجدناها بعد أيام في مستشفى بالعاصمة أنقرة، وكذلك يوسف، وهو مصاب وموجود عند خالته زوجة الوالد".

الأشقاء صبحي وبشار ومحمد وغازي وفؤاد لاطة في عزاء والدهم وزجته وأولاده الثلاثة - فرانكفورت - الجزيرة نت
5 أشقاء في عزاء والدهم أحمد لاطة وباقي أفراد الأسرة الذين قضوا في الزلزال (الجزيرة)

بدوره، يقول بشار أحمد لاطة "اليوم الأول بعد حدوث الزلزال وصلت أختي لبيت الوالد، وأخبرتنا أن يوسف وريم أحياء، وناصر ما زال حيا لكن تحت الأنقاض، وأرسلت لنا فيديو لناصر يقول فيه لأخته: أريد أمي، ثم فيديو آخر يقول فقط: ماما ماما".

من جهته، يقول محمد أحمد لاطة "بعد الزلزال تمكن شاب من الجيران من دخول البيت وإنقاذ أختي ريم وأخي يوسف، وعاد لإنقاذ البقية لكن هزة ارتدادية أدت لانهيار الدرج وموت الشاب".

وأضاف "كان بالإمكان إنقاذ ناصر الذي ظل حيا نحو 42 ساعة ومات بعد إخراجه بدقائق، فقد كان هناك بطء في عمليات الإنقاذ، وقد وصل أخي حبوش من إسطنبول بعد معاناة في السفر استغرقت 22 ساعة بسبب تقطع الطرق، وبعد وصوله احتاج العمل لونش ولكن صاحب الونش اعتذر لأن العمل يحتاج لونش أكبر، وحين جاء بآخر طلب موافقات الشرطة وموافقة خطية من أخي بعدم مسؤوليته عن أرواح العالقين تحت الأنقاض".

المحامي مصطفى قرجوم - باد فيلد باد - الجزيرة نت
مصطفى قرجوم: مات آلاف من السوريين وتشرد مئات الآلاف ولم تدخل المساعدات إلا في اليوم السادس (الجزيرة)

اتهام للأمم المتحدة

بدوره، أقام المحامي مصطفى حسين قرجوم من جسر الشغور عزاء في مدينة "باد فيلد باد" لأقاربه الذين لقوا حتفهم في مدينة أنطاكيا التركية.

الجزيرة نت زارته في منزله، حيث ذكر أن أسرته قدّمت 11 ضحية من أسرة أخته وأولادها وأسرة ابن عمه.

وعن بطء عمليات الإنقاذ والمساعدات للشمال الغربي السوري، قال قرجوم إن "الأمم المتحدة شريك رئيس في الجريمة، فقد تذرعت بحالة الطرق والمعابر وتركت الناس لمصيرهم، وبعد 3 أيام ظهر المبعوث الأممي بيدرسون ليتحدث عن إمكانية دخول مساعدات للشمال السوري"، وفق تعبيره.

وأضاف "للأسف فقد مات آلاف من السوريين تحت الأنقاض وتشرد مئات الآلاف في العراء في أجواء باردة تدنت درجاتها لتحت الصفر، ولم تدخل المساعدات إلا في اليوم السادس، في حين تعاونوا مع النظام السوري، وهو السبب الرئيس في تهجير السوريين".

المصدر : الجزيرة