كنائس القدس.. كنوز أثرية ورحلة آلام متجددة

أسيل جندي، جبل الزيتون، صورة تظهر بها كنيسة الجثمانية(الجزيرة نت)
كنيسة الجثمانية في منطقة جبل الزيتون بالقدس (الجزيرة)

القدس المحتلة- منذ مطلع العام الجاري وثّقت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين 5 اعتداءات على الكنائس والممتلكات المسيحية في القدس، وسبقتها عشرات الاعتداءات منذ عام 1967.

وبُعيد الاعتداء الأخير الذي نفذه مستوطن متطرف داخل كنيسة "حبس المسيح" في البلدة القديمة للقدس في بداية شهر فبراير/شباط الجاري، أصدرت اللجنة بيانا أكدت فيه أن الاعتداءات والاقتحامات لدور العبادة في المدينة تصاعدت وأن ذلك نتيجة حتمية للتحريض الذي ترعاه الحكومة الإسرائيلية العنصرية تجاه كل ما هو غير يهودي.

أسيل جندي، صورة من داخل كنيسة القيامة في البلدة القديمة(الجزيرة نت).JPG
صورة من داخل كنيسة القيامة في البلدة القديمة للقدس (الجزيرة)

ما المنطلق الديني الذي يدفع المستوطنين المتطرفين إلى الاعتداء على الكنائس؟

تعدّ العقيدة اليهودية المسيحيين "عبدة أوثان" وتنبذها لأنها "وثنية"، وقد رفض اليهود قديما دعوة النبي عيسى عليه السلام لتخليصهم من شرورهم واعتناق الديانة المسيحية فأنكروه واضطهدوه ووشى أحدهم للرومان بمكانه قبل تقديمه للمحاكمة.

وبالإضافة إلى ذلك، يرى رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين الدكتور رمزي خوري أن ما يقوم به المستوطنون هو نتيجة طبيعية للتحريض الذي تقوده الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بوجه عام والحكومة الحالية برئاسة شخصيات أكثر تطرفا بوجه خاص.

وتهدف حملات التحريض هذه، وفقا لخوري، إلى تفريغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين، وتغيير الواقع التاريخي والجغرافي فيها، مع استمرار التغاضي عن الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية ورجال الدين.

ما أبرز الاعتداءات التي وُثقت ضد كنائس القدس منذ عام 1967 حتى يومنا هذا؟

وفقا للجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس، فإن أبرز الاعتداءات جاءت كالتالي:

  • كنيسة القديس يوحنا المعمدان (عين كارم)، عام 1967، حطم متطرفون أبوابها ونوافذها وسرقوا محتوياتها. كنيسة مار جريس للروم الأرثوذكس (حي الشماعة)، عام 1967، حوّل الجيش الإسرائيلي الكنيسة إلى بناية سكنية. كنيسة القيامة (البلدة القديمة)، عام 1967، اعتلى جنود إسرائيليون سطح الكنيسة واعتدوا على رجال الدين وحاولوا سرقة صليب.
  • وفي عام 1968 نفذ المستوطنون المتطرفون عملية سطو على الكنيسة ليلا، وتمكنوا من سرقة المجوهرات الموجودة على تمثال العذراء، ثم في 1969 نجح المتطرفون في تنفيذ عملية سطو ثانية وسرقوا التاج المرصع بالأحجار الكريمة الموضوع على رأس تمثال السيدة مريم العذراء، وفي 1971 اقتحم مستوطن متطرف الكنيسة وحطّم القناديل الأثرية على "القبر المقدس" وحاول حرقها لولا يقظة أحد رهبانها، وفي 2019 اقتحم مستوطن الكنيسة وأشهر سكينا بوجه المصلين والحجاج المسيحيين ولم تُسجل إصابات في هذا الاعتداء.
  • دير السلطان التابع لبطريركية الأقباط في البلدة القديمة، في عام 1970 اقتحمت قوات الاحتلال البطريركية بادعاء حماية احتفالات عيد الفصح، واعتدت على الرهبان وغيرت أقفال الأبواب المؤدية إلى الكنيسة، ومنعت الأقباط من الاقتراب من الدير.
  • المركز الدولي للكتاب المقدس (في جبل الزيتون)، عام 1973، أقدم متطرفون على حرق المركز بالكامل.
  • كنيسة دير الروم الأرثوذكس في جبل الزيتون، 1992، هدمت بلدية الاحتلال الكنيسة بحجة عدم استكمال إجراءات الترخيص.
  • كنيسة الجثمانية في جبل الزيتون أيضا، 1995، حاول مستوطنون إضرام النار داخلها، وفي عام 1998 اقتحم جنود إسرائيليون الكنيسة وأطلقوا النار على المصلين بداخلها، وفي عام 2020 اقتحم مستوطن الكنيسة وسكب الوقود محاولا إضرام النار في مقاعدها الخشبية.
    10-كنيسة الجلد التي تمثل المرحلة الثانية من درب الآلام في البلدة القديمة والتي تم الاعتداء الأخير داخلها على يد مستوطن متطرف(الجزيرة نت)
    كنيسة الجلد التي تمثل المرحلة الثانية من درب الآلام في البلدة القديمة والتي كان الاعتداء الأخير داخلها على يد مستوطن متطرف (الجزيرة)
  • كنيسة الشيّاح في جبل الزيتون، 1998، قتل متطرفون راهبا لاتينيا داخل الكنيسة.
  • كنيسة المصعد في جبل الزيتون، عام 2000، هدمت جرافات بلدية الاحتلال الكنيسة بادعاء بنائها دون ترخيص.
  • الكنيسة المعمدانية في غربي القدس، عام 2012، قام أفراد عصابات المستوطنين المسماة "تدفيع الثمن" المتطرفة بخط شعارات مسيئة للديانة المسيحية والمسيحيين على جدران الكنيسة.
  • كنيسة جبل صهيون (جنوب غرب سور البلدة القديمة)، 2015، أحرق أفراد من عصابة "تدفيع الثمن" المتطرفة الكنيسة وخطّوا عبارات مسيئة للديانة المسيحية على جدرانها.
  • كنيسة حبس المسيح (البلدة القديمة)، 2023، اقتحم مستوطن متطرف الكنيسة وحطّم بعض محتوياتها من بينها تمثال أثري للسيد المسيح حاول إضرام النار فيها.
  • بطريركية الأرمن (البلدة القديمة)، 2023، حاول متطرفون اقتحام البطريركية واعتدوا لفظيا وجسديا على الرهبان.
  • المقبرة البروتستانتية في جبل صهيون بالقدس، 2023، حطّم متطرفون صلبان وشواهد 30 قبرا تتبع للكنيسة الإنجيلية الأسقفية.

وتضاف إلى هذه الاعتداءات انتهاكات كثيرة أخرى تتعلق بحوادث مهاجمة رجال الدين المسيحيين وضربهم، والمحاولات غير الشرعية للاستيلاء على أراض وأملاك تعود للكنائس في العاصمة المقدسة.

كيف تؤثر اعتداءات المتطرفين على زيارة الحجاج المسيحيين للقدس؟

يعتقد الدكتور رمزي خوري أن تصاعد الاعتداءات ضد الكنائس ورجال الدين المسيحيين قد يثير المخاوف لدى بعض الحجاج بخاصة مع قرب عيد الفصح الذي سيحل هذا العام بعد سلسلة من الانتهاكات.

وتمثلت اعتداءات الشرطة الإسرائيلية على طقوس هذا العيد عام 2022 بمحاولة تغيير مسار مسيرة "أحد الشعانين" والاعتداء على المشاركين في احتفالات "سبت النور" ومنعهم من الوصول إلى كنيسة القيامة، وهذه عوامل إضافية قد تدفع السائح المسيحي إلى التردد وإلغاء زيارته للمدينة المقدسة.

ولمواجهة هذه الاعتداءات، توجّهت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين إلى قادة الكنائس في الولايات المتحدة وأوروبا وأميركا الجنوبية وإلى البطاركة في المشرق من أجل الضغط على حكوماتهم لتوفير الحماية للمقدسات الإسلامية والمسيحية التي تُستباح يوميا وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.

16-مجموعة من السياح المسيحيين يسيرون درب الآلام بجانب المرحلة الخامسة التي تسمى سمعان القيرواني وفي الصورة تظهر الكنيسة التي تجسد هذه المرحلة واسمها كنيسة المرحلة السادسة(الجزيرة نت)
سياح مسيحيون يسيرون في درب الآلام وفي الصورة تظهر كنيسة المرحلة السادسة (الجزيرة)

كم يبلغ عدد الكنائس في البلدة القديمة بالقدس؟

لا يوجد إحصاء دقيق لعدد لكنائس داخل البلدة القديمة لأن أديرة كثيرة تضم عددا من الكنائس بداخلها، فيضم دير الروم 12 كنيسة، ودير الأقباط 8، بينما يحتوي دير السريان على 3 كنائس.

ويضاف إلى ذلك كثير من الكنائس الصغيرة التي تقع داخل الأحياء السكنية في البلدة القديمة، وكانت هذه الطريقة هي المتبعة للحفاظ على الممتلكات في الحقبة العثمانية.

لكن المرشد السياحي المقدسي داود مناريوس يقول إن عدد الأديرة والكنائس في البلدة العتيقة قد يصل إلى 150.

ما أهم وأبرز الكنائس في القدس؟

  • كنيسة القيامة: تقع داخل البلدة القديمة وتعدّ أقدس كنائس العالم المسيحي لأنها المكان الذي صُلب فيه النبي عيسى عليه السلام ودُفن وقام منه، وفق المعتقد المسيحي.
    يعود بناؤها في الشكل الحالي إلى الحقبة الصليبية وبنيت فوق "الجلجلة" أي الصخرة التي يعتقد المسيحيون أن المسيح عليه السلام صُلب عليها، وتبلغ مساحتها نحو 1800 متر مربع، وتضم 5 طوائف هي الأقباط والسريان والأرمن والروم واللاتين الفرنسيسكان. ويقع داخل الكنيسة ما يعرف مسيحيا بالمراحل الخمس الأخيرة من رحلة "درب آلام" المسيح عليه السلام.
  • كنيسة القديسة حنّة: تقع في البلدة القديمة ويعود بناؤها في شكله الحالي للحقبة الصليبية، وحُوّلت في عهد القائد صلاح الدين الأيوبي إلى مدرسة أُطلق عليها اسم المدرسة "الصلاحية" نسبة له، واختصت بتعليم الفقه الشافعي، وبقيت كذلك حتى أتى السلطان العثماني عبد المجيد الثاني فأعطاها لنابليون الثالث عام 1852 الذي حوّلها إلى كنيسة وبقيت كذلك حتى يومنا هذا.
    11-كنيسة الجلد التي تمثل المرحلة الثانية من درب الآلام في البلدة القديمة والتي تم الاعتداء الأخير داخلها على يد مستوطن متطرف(الجزيرة نت)
    داخل كنيسة الجلد التي تمثل المرحلة الثانية من درب الآلام في البلدة القديمة (الجزيرة)
  • كنائس مراحل "درب الآلام": وهي الكنائس التي يجسّد بعضها إحدى محطات الطريق التي سار بها السيد المسيح عيسى عليه السلام منذ لحظة الحكم عليه حتى صلبه وإعدامه حسب الاعتقاد المسيحي، ويتكون الدرب من 14 مرحلة.
    وهذه الكنائس هي: كنيسة الجلد، وكنيسة فرض الحكم للآباء الفرنسيسكان، وبطريركية الأرمن الأرثوذكس، والكنيسة البولونية، وكنيسة المرحلة الخامسة (سمعان القيرواني)، وكنيسة المرحلة السادسة (فيرونيكا).
  • كنيسة الجثمانية: تقع خارج سور القدس التاريخي في أسفل منحدر جبل الزيتون، وتحتوي على "صخرة النزاع" التي يعتقد المسيحيون أن عيسى عليه السلام أدّى فيها صلاته الأخيرة قبل القبض عليه واعتقاله.
    بُنيت لأول مرة في العهد البيزنطي، ودُمّرت مرارا بفعل الزلازل التي ضربت مدينة القدس، ويعود بناؤها الحالي لعام 1919.
المصدر : الجزيرة

إعلان