انتشال الضحايا لا يزال مستمرا.. شهود عيان يروون لحظات انهيار أحد أكبر مباني اللاذقية

اللاذقيةـ "لقد كان دوي الانهيار مفزعا، هرعت إلى الشارع فورا، فوجدت سحابة ضخمة من الغبار تعم المكان، وبعد انقشاع الغبار تبين لي أن البناء قد سُوي بالأرض، شُلت حركتي تماما، بينما النساء من حولي يصرخن بأعلى أصواتهن والرجال يهرعون لمكان الانهيار".
بهذه العبارات يصف مصطفى (53 عاما) -أحد الناجين من الهزة الأرضية التي ضربت محافظة اللاذقية السورية فجر الاثنين الماضي- أولى مشاهداته لموقع انهيار مبنى "الموبيلي توب" في منطقة أوتستراد دمسرخو في المدينة.
وانهار بناء "الموبيلي توب" -حديث الطراز والمؤلف من 8 طوابق- بشكل كامل على رؤوس ساكنيه بعد دقائق معدودة من الهزة الارتدادية التي ضربت المحافظة، على الرغم من صمود المساكن القديمة المجاورة له في وجه الزلزال، ليخلف بذلك كارثة إنسانية هي الأكبر على مستوى المحافظة.

انتشال الضحايا لا يزال مستمرا
ولا تزال فرق الإنقاذ والدفاع المدني في منطقة المشروع العاشر تواصل -لليوم الخامس- رفع ركام وأنقاض مبنى "الموبيلي توب" لإنقاذ الناجين وانتشال ضحايا الهزة الارتدادية التي ضربت المحافظة فجر 6 فبراير/شباط الجاري.
وكان قائد فوج الإطفاء في محافظة اللاذقية أعلن -الخميس الماضي- انتهاء عملية البحث تحت أنقاض المبنى، ليقوض بذلك أمل الأهالي بوجود المزيد من الناجين الأحياء.
في حين رصدت الجزيرة نت -في زيارتها لموقع البناء المنهار- مجموعة من الأهالي يترددون إلى موقع الانهيار أملا بوجود مزيد من الناجين.

وقال أحد عناصر الدفاع المدني المشاركين بعملية الإنقاذ في مبنى "الموبيلي توب" للجزيرة نت "معظم سكان البناء قضوا بالانهيار، ولم أشهد إلا عمليات إنقاذ طفلين ورجلين و3 نساء تمكنوا من النجاة والتماسك تحت الأنقاض".
وأضاف "تم نقل الجثامين إلى المستشفى الوطني في اللاذقية ومن ثم تسليمهم إلى ذويهم بعد التعرف عليهم".
وكانت عائلات بأكملها قد قضت بانهيار "الموبيلي توب" مثل عائلة رامز خير الدين شحرور الذي توفي وزوجته وطفلاه، وعائلة زينب نصر التي توفيت وشقيقتها وابنها.

هل الزلزال وحده المتسبب بانهيار المبنى؟
وكان "الموبيلي توب" -الذي تم تشييده قبل نحو عام فقط- من المباني الأولى التي انهارت إثر الهزة الارتدادية التي ضربت المحافظة على الرغم من حداثة طرازه وعمارته، وعمر بنائه القصير.
وأرجع أحمد (مهندس مدني وصاحب مكتب عقاري بالمنطقة، 40 عاما) سبب انهيار "الموبيلي توب" لطبيعة الأرض التي شُيد فوقها المبنى وسائر مباني المشروع العاشر بالمحافظة، حيث إن الأرض تعتبر "من أخصب الأراضي الزراعية بالمنطقة، ورغم أن الأبنية نظامية وغير مخالفة، لكن الأراضي الزراعية لا تحتمل الصعود بكل هذه الطوابق، فلو حفرنا قليلا تحتها لوجدنا مياها".
وأضاف "وغالبا ما يغض المتعهدون ومعهم شركات البناء النظر عن هذه المعطيات ويصعدون بأبنية لها طوابق عديدة دون الأخذ بأدنى شروط السلامة والأمان، ناهيك عن رخص البناء التي يتم الحصول عليها أحيانا بطرق ملتوية، وهذه هي النتيجة".
ويرى عدد من أبناء مدينة اللاذقية أن حادثة انهيار "الموبيلي توب" وأبنية المشروع العاشر ليست مجرد حادثة انهيار مبان إثر زلزال، بل جريمة يجب أن يعاقب فاعلوها من متعهدين ومهندسين ولجان مشرفة ومسؤولين في البلدية.
وقد بلغ عدد الأبنية الطابقية التي انهارت بشكل كامل في اللاذقية 65 بناء، أما الآيلة للسقوط فهي أكثر بكثير، بحسب قائد الدفاع المدني العميد جلال داود.