استقطبت 30 ألف زائر بالمونديال.. تعرّف على مزرعة "حينة سالمة" القطرية
الدوحة- من المزرعة إلى المائدة، ليست مجرد عبارة، ولكنها واقع يمكنك معايشته فى إحدى المزارع التي تقع على بعد 30 كيلومترا شمالي العاصمة القطرية، حيث يتم تقديم وجبات بسيطة صحية يحضرها طهاة محترفون باستخدام منتجات طازجة وموسمية من هذه المزرعة التي تتميز جميع محاصيلها بأنها عضوية كاملة.
فمزرعة "حينة سالمة" -الواقعة في منطقة "الشحانية"- توفر تجربة فريدة بأجواء بيئية ذات طبيعة خالصة حيث الحياة البسيطة التي تعتمد على الطبيعة في كل شيء لتوفر وجهة سياحية مستدامة وبعيدة عن ضجيج المدن.
وتزامنا مع استضافة الدوحة لمعرض "إكسبو للبستنة 2023" والذي يركّز على تحويل الصحراء لأراض خضراء ومواجهة ندرة المياه وتطبيق أساليب حديثة بالري، تعتبر مزرعة "حينة سالمة" نموذجا لتحويل الأرض الصحراوية إلى بقعة خصبة خضراء باستعمال أقل الموارد المائية وبتطبيق نظام الزراعة "الأكوابونيك" وهو أحدث الأنظمة في توفير المياه.
وعند مدخل المزرعة تشعر بأجواء بيئية رائعة حيث الأشجار الورقية الكثيفة تحيط بالطريق وتصنع ما يشبه المظلة الخضراء التي تقي صاحبها من أشعة الشمس، وصولا إلى أروقة وأقسام المزرعة متعددة التخصصات بالزراعة والصناعات التقليدية والحرف اليدوية والعمارة التقليدية.
وجاء إنشاء المزرعة لتكون بمثابة المشروع الرئيس لمؤسسة "كارفان إيرث" الهولندية، حيث صممت مثل قرية متكاملة تشمل العديد من الاختصاصات وتنتج أكثر من 70 نوعاً مختلفاً من الفواكه العضوية والخضراوات، بالإضافة إلى منتجات الألبان والبيض والعسل.
وجبات صحية متكاملة
وخلال الوجود بالمزرعة، يمكنك التوجه إلى المتجر وشراء البيض العضوي والتمور والأطعمة النباتية والاستمتاع بوجبات صحية متكاملة في بيئة تجذب المهتمين بالشؤون البيئية والمتمسكين بالتقاليد الزراعية ومؤيدي المنتجات العضوية والطبيعية.
وتوفّر "حينة سالمة" أماكن للإقامة في خيام تقليدية، تقع حول فناء مركزي توقد به نار في المنتصف، مما يشير إلى التراث في تلك المنطقة من العالم.
وتعمل المزرعة على استخدام مجموعة متنوعة من التقنيات الزراعية المستدامة مستندة لوعي بيئي متكامل، ويمتد نشاطها إلى ما هو أبعد حيث تتجسد مهمتها في بناء حاضنة مجتمعية للتعليم والمشاركة الاجتماعية ونشر قيم الزراعة المُستدامة وفلسفة العمل المتصالحة مع البيئة من خلال إنشاء حيز جغرافي متجدد ودائم الخضرة ونظام بيئي زراعي فعال.
أقسام المزرعة
تضم المزرعة 6 أقسام، تشمل:
- قسم المأكولات والمشروبات، حيث تقدم مأكولات من المزرعة إلى المائدة حسب موسم المحاصيل الزراعية.
- قسم الفندقة: ويضم 60 خيمة تعمل موسميا خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول إلى مايو/أيار.
- قسم الزراعة ويشمل 25 هكتارا من أرض المزرعة التي تبلغ مساحتها الإجمالية 55 هكتارا.
- كما تشمل قسما خاصا بالفعاليات والمناسبات الذي يعمل مع العديد من الإدارات والمرافق والجهات الحكومية مثل مؤسسة قطر، ومتاحف قطر.
- بالإضافة لقسم الإقامة الإبداعية المختص بكل ما هو حرفي أو مصنوع بالأيدي حيث يدعم أكثر من 90 من الحرفيين حول العالم ومعظمهم موجودون بقطر، إلى جانب الحرفيات القطريات اللاتي ينشطن في النسج التقليدي "السدو".
150 زيارة مدرسية سنويا
تضم المزرعة أيضا قسما خاصا لصناعة نماذج خشبية مصنوعة بالأيدي دون ماكينات أو آلات، بالإضافة إلى قسم خاص للمعافاة أو قسم للصحة سواء النفسية أو البدنية حيث يتضمن أنشطة اليوغا وتمارين اللياقة البدينة والتأمّل.
ويتوافر قسم للتعليم ليكون بمثابة أكاديمية مصغّرة تُعنى بالتربية والتعليم حيث يتم استقبال طلاب المدارس والجامعات من خلال الشراكات مع المزرعة التي تستقبل سنويا حوالي 150 زيارة مدرسية لتطبيق العلوم النظرية على أرض الواقع.
وخلال كأس العالم "مونديال قطر 2022" استقطبت المزرعة أكثر من 30 ألف زائر، مما وفّر فرصة لإظهار ثقافة البلاد للزوار الأجانب سواء من خلال زيارة اليوم الواحد أو الإقامة والمبيت لعدة أيام، استطاعوا خلالها التعرف على البيئة القطرية والعربية عن قرب مع تقييم إيجابي للتجربة، حيث تعتبر هذه المزرعة نموذجا يحتذى في السياحة البيئية والزراعية والثقافية والتعليمية.
واحة سلام
ووفقا لمسؤولين بالمزرعة فإنهم يعملون على تطوير مرافقها وخدماتها باستمرار، ومنها العمل على مشروع لتعليم ركوب الخيل حيث يوجد حاليا العديد من أنواع الخيول التي يمكن للزائرين التفاعل معها بالإضافة لباقي الحيوانات الأخرى مثل النعام الأسترالي والغزال العربي والقطري والدجاج والأرانب.
و"حينة سالمة" تعني "واحة السلام" وقد جاءت فكرة إنشائها للتشجيع على الاستدامة والحفاظ على البيئة حيث بدأت كمزرعة خاصة لإنتاج التمور، وتحولت مع مرور الزمن إلى شكلها الحالي كمزرعة متعددة التخصصات ومشروع فريد من نوعه في الدوحة والخليج بشكل عام.
وتوفر المزرعة إمكانية استضافة الحفلات والفعاليات المختلفة مثل المؤتمرات وبرامج الاستشفاء والعديد من الأحداث الأخرى. ومن أهم ما يميزها أنها وجهة سياحية متكاملة تجمع الزراعة والتعليم والترفيه والورش الحرفية والفنية والراحة والنقاهة والاستشفاء والأطعمة لمختلف المراحل العمرية.
ومن خلال التنوع الذي توفرة "حينة سالمة" نجحت في التحول من مزرعة تقليدية محلية إلى مركز للزراعة المستدامة العضوية يزرع النباتات والخضراوات الصديقة للصحراء، وينوع إنتاج الغذاء المحلي، ويساهم في إمدادات غذائية متجددة ومحلية في قطر وخارجها حيث يتم تسويق العديد من منتجاتها في المجمعات والأسواق والفنادق والمنتجعات الصحية.
وتسعى المزرعة لأن تكون نموذجا يحتذى في السياحة البيئية والزراعية والثقافية والتعليمية، حيث إن تركيزها لا ينصب فقط على الاستدامة البيئية، بل الاستدامة الثقافية والاجتماعية أيضًا. كما أنها تقوم باستحداث تجارب فريدة تميز قطر كوجهة سياحية مستدامة وبعيدة عن ضجيج المدن.