صحف أوروبية: الفشل المرير لنتنياهو وأجهزة استخباراته
اهتمت صحف أوروبية عدة بهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل يوم السبت، فرأت فيه فشلا ذريعا لأجهزة استخبارات إسرائيل، وحملت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المسؤولية عن هذه الكارثة التي تثير غضب سكان المناطق المتاخمة لغزة المصدومين الذين ما زالوا يحصون قتلاهم ومفقوديهم، دون أن يفهموا كيف يمكن أن يكون جيشهم غير مستعد إلى هذا الحد.
وقالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية –في تقرير بقلم مارك هنري- إن السؤال عما كان "يفعله الجيش والشرطة وأجهزة الأمن" يعذب الإسرائيليين الذين كانوا يعتقدون أنهم آمنون، فاكتشفوا أنفسهم تحت رحمة بضع مئات من المسلحين الذين زرعوا الرعب في جنوب البلاد، دون أن يصدر أدنى إنذار قبل هذا الهجوم الذي فاجأ الجنود والسياسيين تماما.
ومع أن العملية التي نفذتها حماس تتطلب عدة أشهر من الإعداد، فقد مرت دون أن يلاحظها أحد على الإطلاق، لا الشين بيت المسؤول عن مكافحة الإرهاب ولا أجهزة المخابرات العسكرية.
عار كبير
وهذا يعني – كما يقول القائد السابق للبحرية الإسرائيلية إيلي مارون- فشلا "فادحا" للتسلسل الهرمي بأكمله و"كارثة" و"عارا كبيرا"، ولن ينسى الإسرائيليون الصور ومقاطع الفيديو للأمهات مع أطفالهن، وكذلك كبار السن الذين احتجزتهم حماس رهائن في قطاع غزة.
وقالت الصحيفة إن هذا يذكر الإسرائيليين بالفشل عام 1973، لأن القادة الإسرائيليين في الحالتين وقعوا أسرى مفاهيم تبين أنها كاذبة حول نوايا عدوهم، إذ اعتقد المسؤولون أن حماس ليست لديها خطط لتنفيذ عمليات توغل برية واسعة النطاق في الأراضي الإسرائيلية، خوفا من عمليات انتقامية واسعة النطاق في قطاع غزة، ومع ذلك، هاجموا مواقع عسكرية إسرائيلية سيئة الدفاع، والأسوأ أنهم تمكنوا من العودة مع رهائنهم دون تدخل سلاح الجو الإسرائيلي.
هل يتكرر الفشل؟
أما الخطأ الثاني، فيتعلق بالسياج الأمني المتطور الذي أقيم على طول الخط الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية، والذي تم تصويره على أنه غير قابل للعبور عمليا، ومن المؤكد أن التقنيات المستخدمة في هذا العمل حديثة، وقد كلفت مليار دولار، وبالفعل وضعت حدا لمحاولات التسلل عبر الأنفاق، لكن المقاتلين كانوا بسيطين قدر الإمكان في الالتفاف على العائق عن طريق ضرب السياج باستخدام الجرافات أو الشاحنات الصغيرة أو حتى السيارات.
وخلصت الصحيفة إلى أن السؤال الذي يؤرق الإسرائيليين الآن هو هل فشل أجهزة الاستخبارات في التعامل مع نوايا حماس سيتكرر على جبهات أخرى أكثر خطورة، مثل الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا، ناهيك عن إيران، العدو الأول لإسرائيل ببرنامجها النووي ووجودها العسكري المهيمن في سوريا.
قتلى ومفقودون
أما صحيفة لوتان السويسرية، فركزت على سكان منطقة غزة، وقالت إنهم يحصون قتلاهم ومفقوديهم، ولا يفهمون كيف يمكن أن يكون جيشهم غير مستعد إلى هذا الحد، مشيرة إلى أن البلدات الإسرائيلية المحيطة بغزة تحولت إلى مدن أشباح.
وقال شيلو، أحد سكان حي مشمور هغيفن بأوفاكيم، متحدثا عن المهاجمين صباح السبت "كانوا يعلمون أنه لن تكون هناك مقاومة"، مضيفا أنه سمع ضجيجا، فنظر من النافذة إلى المنزل المقابل، حيث أخذ 5 رجال زوجين متقاعدين حديثا رهائن، وبقي ابنهما وهو ضابط شرطة، يشعر بالارتياح لعلم أن والديه على قيد الحياة، ولكنه مع ذلك في حالة حداد.
يقول الخمسيني موشيه حامياس غاضبا "كيف يمكننا أن نفسر ما حدث؟، إذا اقترب أرنب من السياج نطلق النار عليه. أما هنا فلا شيء، عاد مئات الرجال ولا شيء".
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي تنتشر الشائعات بأن الحكومة هي التي تجاهلت التحذيرات الاستخباراتية، والجنرالات بدون رؤية.
شوكة في الخاصرة
ونبهت الصحيفة إلى أن الرهائن سيبقون شوكة في خاصرة نتنياهو، مشيرة إلى غضب وإحباط بين العائلات التي اختطف أفراد من أسرهم.
تقول أدفا أدار إن جدتها (85 عاما) اختطفت رهينة في كيبوتس نير عوز على الحدود مع غزة، وقد انتشرت صورتها على شبكات التواصل الاجتماعي وهي مبتسمة.
ويبدو أن الإحباط منتشر بين عائلات أخرى –كما تقول الصحيفة السويسرية- فالجميع يسأل نتنياهو مباشرة "نتذكر الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزوا لعدة سنوات، دون اتخاذ أي إجراء يذكر، ويبقى أن نرى كيف سيتعامل المستوى السياسي مع هذا الغضب المتزايد".
ومن ناحيتها، رأت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية –في افتتاحية بقلم دوف ألفون- أن هجوم حماس دليل على الفشل الكبير لبنيامين نتنياهو، وقالت إنه يتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية عن هذه الكارثة.
وخلصت الصحيفة إلى أنه سيكون هناك ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما بعده، في تاريخ إسرائيل، ولكن أيضا في تاريخ الدبلوماسية العالمية، لأن الهجوم المذهل الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، وعلى قواعد عسكرية إسرائيلية، بمئات المسلحين، يتميز بقدر كبير من الأهمية، في طريقة عملها والصرامة الشديدة في تنفيذه.