محللون إسرائيليون: "طوفان الأقصى" حرب "يوم غفران" ثانية
القدس المحتلة- شنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجوما مفاجئا وغير مألوف على إسرائيل في مستوطنات "غلاف غزة" وفي النقب بالجنوب، في عملية سميت "طوفان الأقصى".
الهجوم المفاجئ -صباح اليوم السبت- الذي بدأته حماس، وربما أيضا الجهاد الإسلامي من غزة، وفقا لتقديرات إسرائيلية، فاجأ إسرائيل تماما، وأظهر أنها غير مستعدة لمواجهة شاملة مع غزة أو حتى حرب على عدة جبهات.
وبدأ الهجوم من دون سابق إنذار بينما كان انتباه الجيش الإسرائيلي ومؤسسته الأمنية موجها نحو الضفة الغربية، في وقت كانت فيه الاستعدادات على حدود غزة ومحيطها روتينية مؤخرا.
وهذه المشاهد التي تعيشها البلدات الإسرائيلية -وتحديدا في مناطق الجنوب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري- تعيد إلى الأذهان أول مشاهد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، من حيث عنصر المفاجأة، وهو ما اعتمدته حركة حماس وكتائب القسام.
فعند الساعة السادسة والنصف صباحا اليوم السبت، دوّت صافرات الإنذار في مناطق مختلفة في ما تُعرف بمستوطنات "غلاف غزة" والجنوب، وسرعان ما توسعت دائرة الصافرات لتطلق في منطقتي القدس وتل أبيب.
لم يكن إطلاق صافرات الإنذار بالأمر المفاجئ، وفقا لمحللين إسرائيليين، فهو أمر اعتاده سكان الجنوب و"غلاف غزة"، لكن حماس باغتت إسرائيل وشنت حربا من جميع الجهات من البحر، ومن الجو، ومن البر.
وتمكن عشرات المقاتلين من كتائب القسام من التسلل من قطاع غزة والدخول إلى المستوطنات في الجنوب، والسيطرة لساعات طويلة على 21 موقعا إسرائيليا في عملية عسكرية وصفت بـ"النوعية" حتى من قبل المحللين الإسرائيليين أنفسهم.
وخلافا للعمليات العسكرية السابقة، أطلقت المقاومة في الساعات الأربع الأولى من عملية "طوفان الأقصى" 2200 قذيفة صاروخية من غزة صوب البلدات الإسرائيلية، وهي الحصيلة التي كانت تطلقها سابقا طوال عملية عسكرية كانت تستمر لعدة أيام.
وعلى وقع الصدمة في المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيليتين، تضاربت الأنباء في وسائل الإعلام العبرية حيال حصيلة الساعات الأولى لهجوم المقاومة.
انتصار منذ اللحظة الأولى
ووصف المراسل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية ألون بوكير ما وقع صباح اليوم السبت في "غلاف غزة"، والبلدات الإسرائيلية في الجنوب، بـ"حرب شوارع"، مشيرا إلى أن عشرات المسلحين من حماس تسللوا بمعدات وآليات عسكرية وشرعوا بعملية لم تعهدها إسرائيل حتى منذ حرب 1948.
وأوضح بوكير أن عنصر المفاجأة الذي وظفته حماس أحدث صورة انتصار من اللحظات الأولى لإطلاق الرشقات الصاروخية، إذ سيطر العشرات من مسلحي كتائب القسام على بلدات إسرائيلية، في عملية نوعية لم تعهدها إسرائيل من قبل.
وأشار إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية بمختلف أذرعها لم يكن لها أي حضور ميداني في الساعات الأولى، إذ كانت السيطرة في تلك المرحلة لكتائب القسام في "غلاف غزة" وبلدات الجنوب، وهذا إخفاق لقيادة الجبهة الداخلية.
وأكد أنه لم يكن هناك أي حضور لقوات الجيش في البلدات الإسرائيلية، وأن من تعامل مع الأحداث في بدايتها هم قوات الشرطة المدنية، في حين لم توفر قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل أبسط الاحتياجات لمئات العائلات اليهودية التي كانت تستغيث، إذ تحصنت بالملاجئ والمنازل، وكانت تحت سيطرة "المسلحين"، قائلا إن "حماس احتلت مناطق في جنوب إسرائيل".
مفاجأة وصمت
الطرح ذاته تبناه المحلل العسكري ألون بن دافيد الذي أكد أن إسرائيل -سواء على المستوى العسكري أو الأمني- كانت متفاجئة ومصدومة من "الحرب التي شنتها حماس على الجنوب". وقال إن "هناك صعوبة في فهم ما حدث، فلم يتوقع أحد في إسرائيل حرب يوم غفران ثانية، وبالذات من غزة".
وأضاف بن دافيد أنه "رغم مرور 5 ساعات، فلم يخرج أي مسؤول إسرائيلي رسمي للجمهور الإسرائيلي الذين التزموا الصمت، وخرجوا للجمهور عبر كلمات مسجلة".
وأشار إلى أن هذا النهج للقيادة الإسرائيلية، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، يعكس حجم المفاجأة ويؤكد عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة شاملة مع غزة، مشيرا إلى أن حماس "احتلت" مناطق في الجنوب، وهذا لم تقم به في السابق جيوش عربية.
وألمح المحلل العسكري بن دافيد إلى وجود "مختطفين" إسرائيليين لدى القسام، إذ رجحت الأنباء وجود 35 مختطفا إسرائيليا من دون الكشف عن حصيلة كاملة أو إذا كانوا عسكريين أو مدنيين، "وهي ورقة ضغط لحماس على إسرائيل من أجل إرغامها على صفقة تبادل واسعة على غرار صفقة جلعاد شاليط".
جهوزية حماس
وفي حين أطلقت وزارة الجيش الإسرائيلي اسم "السيوف الحديدية" على عملية الرد على حماس في قطاع غزة، يرى المختص بالشؤون العربية والفلسطينية الباحث ألون أفيتال أن حركة حماس كانت في أعلى جهوزية لمثل هذه المعركة، وأن إسرائيل تصرفت، في المقابل، بنوع من "الكبرياء" وروّجت دائما لمجتمعها أنه تم ردع حماس وهي غير معنية بالتصعيد.
وأوضح أفيتال أن عنصر المفاجأة وتمكّن عناصر ومسلحي حماس من السيطرة على 10 بلدات إسرائيلية لعدة ساعات طويلة يؤكد أن لدى الحركة إستراتيجية في التعامل مع الأحداث والقتال وحتى اختيار وقت التصعيد، مشيرا إلى أن حماس فرضت "حربا على إسرائيل" وهو ما يعيد إلى الذاكرة حرب "يوم الغفران" 1973.
وبخلاف التقديرات الأمنية بأنه تم ردع حماس ولن تتجرأ على شن أي عملية ضد إسرائيل، يقول أفيتال إن "حركة حماس مستعدة لدفع الثمن من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية لتحرير فلسطين، وغير مستعدة للاستسلام أو تقديم أي تنازلات".