هل يقلب رئيس المالديف المنتخب معادلة العلاقة مع الهند والصين؟
"إن نتيجة الانتخابات اليوم تمنحنا فرصة لبناء مستقبل الوطن، وتعزيز حرية المالديف واستقلالها"، أتت تلك الكلمات في بيان الفوز المقتضب للرئيس المالديفي المنتخب محمد معز، التي يمكن أن تشير إلى شكل السياسة المستقبلية لحكومته المنتظرة.
وكان معز، الوزير السابق ورئيس بلدية العاصمة "ماليه"، قد تصدر حملة تطالب بالتخلص من النفوذ الهندي من الأرخبيل الذي يحتل مساحة إستراتيجية واسعة في المحيط الهندي، رغم أن عدد سكانه القليل الذي يقدر بنصف مليون نسمة.
ويتفق مراقبون أن الهند تلقّت صفعة قوية بفوز مرشح المعارضة في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أجريت السبت الماضي، وخسارة حليفها الرئيس المنتهية ولايته إبراهيم محمد صليح، والذي أقام معها حلفا عسكريا وأمنيا تحت شعار "الهند أولا"، على حساب العلاقات التقليدية مع الصين وقوى إقليمية ودولية أخرى.
وما كان لمعز الذي يبلغ من العمر 45 عاما، أن يتقدم للرئاسة لو لم يسجن الرئيس السابق عبد الله يامين، بعدما وُصف بانقلاب قضائي، وخسارته انتخابات عام 2018، وإدانته من قبل المحكمة العليا بتهم فساد يقول أنصاره إنها لُفّقت له بدوافع سياسية، وهو الذي كان قد فتح المجال أمام استثمارات صينية ضخمة ضمن مبادرة "الحزام والطريق".
تدخل هندي وخسارة صليح
في هذا السياق، يرجع القيادي في حزب العدالة المالديفي محمد ديدي، خسارة الرئيس صليح إلى ضعف ملكاته الشخصية بالدرجة الأولى، ذلك أن تعليمه الأكاديمي متدنٍ ويظهر ذلك في خطابه العام، وضعف طاقمه في الحكومة، مقارنة بالحكومات السابقة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف ديدي أن الوجود العسكري والأمني الهندي الواسع أحد أبرز أسباب خسارة صليح لشعبيته، لا سيما إقامة قواعد عسكرية وأمنية دون الحصول على موافقة البرلمان، معتبرا أن وجود الطائرات الهندية العمودية لأسباب إنسانية لم يقنع المواطن العادي، ورغم أن هذه الطائرات العسكرية تحمل العلم المالديفي، فإن من يقودها طيارون هنود.
وأوضح القيادي الحزبي أن النفوذ الهندي الواسع، أظهر الحكومة المالديفية أمام مواطنيها بالتبعية للهند والاستجابة الدائمة لإملاءاتها وفقدان الشعور بالحرية والاستقلال، فضلا عن سلوك السفير الهندي الذي يتصرف ويتحرك بعيدا عن التنسيق مع وزارة الخارجية، كما يقتضي البروتوكول الدبلوماسي.
وكان تنازل حكومة صليح عن أجزاء واسعة من المياه الإقليمية لصالح جزيرة "موريشيوس" القشة التي قصمت ظهر البعير برأي ديدي، الذي يؤكد أن الهند هي من حركت ملف المياه الإقليمية وتبنته، وهي المستفيد الأكبر من هذا التنازل بما يعطيها مجالا واسعا للصيد البحري. وقد أظهرت وثائق مسربة تواطؤ الرئيس السابق في مسألة تحكيم دولي لصالح "موريشيوس".
أما العوامل الأخرى فتتمثل في تراجع الاقتصاد، ونقص العملة الأجنبية في البنوك وارتفاع الديون الخارجية إلى نحو 4 مليارات دولار، وزاد الطين بلة -برأي ديدي- القروض التي أخذت بفوائد عالية جدا من الهند في السنتين الأخيرتين.
أولويات الرئيس الجديد
من جهته، يرى وزير الشؤون الدينية السابق أحمد زياد، أن إعادة التوازن في العلاقات الدولية للمالديف تعد أحد أبرز الملفات التي تنتظر الرئيس الجديد، خاصة ما يتعلق بالنفوذ العسكري والأمني للهند، وكذلك استعادة العلاقات مع الدول الإسلامية، وهي التهم التي كالتها المعارضة للحكومة السابقة بتجاهل العالم الإسلامي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى زياد –المقرب من الرئيس المنتخب- أن الحكومة المقبلة تواجه تحدي التراجع عن الاتفاقيات العلنية والسرية الموقعة مع الهند، وإعادة ضبط البوصلة مع العالم الإسلامي والصين.
ويقارن الاستثمارات الصينية الضخمة السابقة التي أسهمت في تنمية البلاد من خلال إقامة بنية أساسية متقدمة دون أن تكلف المالديف عبئا، بالقروض الهندية ذات الفائدة العالية التي تتجاوز 7%.
أما على المستوى الداخلي، فإن ملف الحريات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بمن فيهم الرئيس الأسبق عبد الله يامين، يضع الرئيس الجديد أمام تحدّ آخر، يليه إصلاح النظام القضائي ومعالجة التضخم وآثار التغير المناخي على مستقبل البلاد.
لكن القيادي في حزب العدالة محمد ديدي، يرى أن التعامل مع القضاء يتطلب حذرا كبيرا، لكي لا تُتهم الحكومة المقبلة بالتدخل في القضاء، كما هو حال الحكومات السابقة.