أول جهاز لعلاج السرطان.. هل يلبي احتياجات المرضى شمالي سوريا؟
شمال سوريا- فرحة بالغة غمرت حسن الدريبي (60 عاما) لحظة تلقيه خبر دخول أول جهاز لعلاج الأورام السرطانية إلى مدينة عفرين بريف حلب شمالي سوريا.
يعاني الدريبي سرطان الحنجرة، ويتلقى العلاج الدوري في المشافي التركية عبر معبر باب الهوى، لكنه واجه مؤخرا إغلاق المعبر، مما أسهم في تفاقم مرضه.
ويقول -في حديث للجزيرة نت- إن دخول هذا الجهاز يسهم في وقف تحكم المشافي بحياة المرضى، وكذلك التخلص من المصاريف الباهظة التي يحتاجها المريض لحظة دخوله من معبر باب الهوى باتجاه تركيا.
وأضاف المريض السوري أن الجهاز يلبي احتياجات معظم المرضى، ويوجد في منطقة تُعتبر في المنتصف جغرافيا للمرضى الذين يعيشون في ريفَي حلب وإدلب، لذلك فإنه سيوفر كثيرا من تكاليف المواصلات.
تخفيف المعاناة
والسبت الماضي، أدخلت منظمة الأمين للمساندة الإنسانية، بالتعاون مع منظمة الصحة التركية، جهازا إشعاعيا لمعالجة الأورام السرطانية إلى المشفى العسكري في مدينة عفرين الواقعة بريف حلب.
وحسب المنظمة، فإن الهدف من إدخال هذا الجهاز هو تخفيف المعاناة عن مرضى السرطان في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.
في هذا السياق، قال المنسق الطبي للمنظمة الإنسانية طراف الطراف إنه تم تسليم الجهاز إلى مشفى عفرين العسكري بالتنسيق مع وزارة الصحة التركية، ومن المقرر بدء العمل به بعد 3 أشهر، عند اكتمال البناء، ومن المتوقع أن يتم استقبال المرضى مطلع العام المقبل 2024.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الطراف أنه سيتم استقبال المرضى من جميع مناطق شمال غرب سوريا، ويمكن أن تقدَّم لهم خدمات طبية وعلاجية عن طريق هذا الجهاز، وذلك ضمن المركز المخصص لعلاج الأورام السرطانية.
وتوقع أن يوفر هذا الجهاز على المرضى عناء الذهاب إلى المشافي التركية وتقديم العلاج لهم بتقنيات حديثة، حيث يتم توفير كوادر متدربين وفق أحدث المعايير، وكادر طبي تقني مدرب بأحدث المعايير لتقديم العلاج اللازم.
لا يكفي وحده
ويُعد هذا الجهاز أول جهاز إشعاعي لعلاج الأورام السرطانية يتم إدخاله إلى الشمال السوري، بعد حملة شعبية واسعة للتضامن مع مرضى السرطان، إثر إغلاق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ويُقدّر مدير الصحة في إدلب الدكتور زهير قراط، عدد مرضى السرطان الموثقين شمال غربي سوريا بنحو 6000 مريض، وحوالي 3100 في منطقة إدلب (شمال) وحدها. ومن بين المرضى نحو 600 شخص وُثّقت إصابتهم بالسرطان بعد الزلزال الذي ضرب شمال البلاد في فبراير/شباط الماضي.
وفي هذا الإطار، يشرح قراط خصائص الجهاز الطبي، قائلا إن "الجهاز يُدعى المسرع الخطيّ، ويستعمل لعلاج بعض الأنواع السرطانية التي تحتاج تدخلا شعاعيا مع الكيميائي، وكذلك تم إدخال جهاز البتسكان وهو جهاز لأخذ صور شعاعية لكامل الجسم، للتحري والكشف المبكر لكامل السرطانات".
وأشار قراط -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الجهاز لا يلبي احتياجات جميع مرضى السرطان، ولكنه يلبي 70% منها، وهناك بعض أنواع العلاج الكيميائي والمناعي غير متوفرة، وتحتاج للعلاج في المشافي التركية.
وأضاف "نحن في المستقبل بحاجة إلى جهاز آخر في مناطق إدلب، أما بالنسبة للكلفة التشغيلية فهي ليست عالية، ويمكن تأمينها، ولكنه يحتاج لصيانة دورية، لأنه حسّاس جدا".
أنقذوا المرضى
وكان نشطاء سوريون يعملون في المجال الطبي والإنساني والإعلامي والإغاثي قد أطلقوا حملة يوليو/تموز الماضي بعنوان "أنقذوا مرضى السرطان"، وذلك لحثّ السلطات التركية على السماح لمرضى السرطان في مناطق شمال غربي سوريا بالدخول إلى تركيا لتلقي العلاج.
وتداول عدد من الإعلاميين السوريين تسجيلات مصورة يحلقون فيها رؤوسهم تضامنا مع الأطفال المصابين بالمرض، الذين أبدى بعضهم الخجل والرهاب من المجتمع عقب تساقط شعرهم.
وأكد الناشط السوري محمد الفيصل الذي شارك في الحملة، للجزيرة نت، أن دخول هذا الجهاز يُعتبر ضمن سلسلة من الإنجازات في ملف مرضى السرطان شمالي سوريا، وذلك بعد الحملة الإعلامية التي تكللت بالنجاح، وتمكنت من إعادة إدخال المرضى للمشافي التركية.
وأضاف الفيصل أنه تم جمع مبلغ قدره 500 ألف دولار عبر حملة على مواقع التواصل، من أجل مصاريف إعالة المرضى الذين يذهبون للعلاج في المشافي التركية، إذ يتم تسليم كل مريض مبلغا قدره 4 آلاف ليرة تركية قبل الذهاب للعلاج، وكذلك ثمن شراء جرعات دواء للمرضى.