منذ "طوفان الأقصى".. إسرائيل تحتجز آلاف العمال من غزة كرهائن
القدس المحتلة- لا تقتصر جرائم الاحتلال الإسرائيلي على قصف قطاع غزة فقط، حيث تعتقل إسرائيل آلاف العمال الغزيين ممن تواجدوا داخل الخط الأخضر قبل بدء معركة "طوفان الأقصى"، في مراكز خاصة أقيمت قرب بعض السجون، وبمقرات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة.
وتتكتم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أماكن اعتقال العمال الغزيين وظروف اعتقالهم، حيث تعزلهم عن العالم الخارجي، وتمنع مندوبي الجمعيات الحقوقية من تفقد العمال واللقاء بهم، رغم أنهم دخلوا إسرائيل بموجب تصاريح عمل، وهو ما يخالف القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، بحسب منظمات حقوقية قدمت التماسا للمحكمة العليا في إسرائيل.
ويأتي الاعتقال للتحقيق بشأن مزاعم الاحتلال اعتماد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على العمال خلال التحضير للهجوم المفاجئ، وذلك بالحصول على معلومات منهم عن مستوطنات "غلاف غزة".
وفي سياق تبرير الاعتقال، قال الباحث والمحاضر بقسم الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية في جامعة حيفا، يارون فريدمان "لقد خططت قيادة حماس لعملية على عدة مراحل، حيث اعتمدت بالتحضير على معلومات من الغزيين الذين عملوا داخل إسرائيل".
وزعم فريدمان في مقال نشره في صحيفة "غلوبس"، أن هذه المرحلة من التحضير استمرت إلى عامين من جمع حركة حماس المعلومات الاستخبارية، على الأقل من قبل العمال من غزة، "الذين عادوا إلى بيوتهم في القطاع بتقارير مفصلة"، على حد زعمه.
ملاحقة واحتجاز
وحسب الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، فإن 18500 فلسطيني من سكان قطاع غزة لديهم تصاريح للعمل والمكوث داخل الخط الأخضر، بيد أنه لا يوجد معطيات دقيقة عن عدد العمال الغزيين الذي مكثوا بإسرائيل خاصة في "غلاف غزة" ومنطقة الجنوب وتل أبيب الكبرى والنقب، مع بدء معركة "طوفان الأقصى".
وتشير تقديرات المؤسسات الحقوقية إلى أن آلاف العمال الغزيين من حملة التصاريح، وجدوا أنفسهم محاصرين وملاحقين في إسرائيل بعد تدمير معبر بيت حانون "إيرز"، والكثير منهم توجهوا إلى الضفة الغربية خشية الانتقام منهم.
وفي إجراء عقابي أولي للعمال الغزيين ممن مكثوا بإسرائيل بتصاريح، قرر منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة، في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلغاء جميع التصاريح التي أصدرها للعمال من قطاع غزة، وأكد أنه لن يتم تفعيلها وإعادتها مجددا.
هذا القرار حوّل العمال الغزيين إلى "سكان غير شرعيين"، وهو ما شكل خطرا على حياتهم في ظل الحرب، حيث أعطى الضوء الأخضر للأجهزة الأمنية الإسرائيلية لملاحقتهم.
وبحسب إفادة عامل فلسطيني من الضفة، فإنه بعد اعتقاله في منشأة عسكرية في منطقة عانوت مع مئات العمال الغزيين، يقول "في أحد الأيام، جاء أحد الضباط وأبلغ العمال أنهم محتجزون لوجود مختطفين إسرائيليين في غزة، وأنه طالما أن المختطفين الإسرائيليين في غزة، فلا يوجد احتمال للإفراج عنهم".
دعوى والتماس
من جانبها، قدمت 6 مؤسسات وجمعيات حقوقية، هذا الأسبوع، التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإصدار أمر احترازي يلزم سلطات الاحتلال العسكرية الكشف عن تفاصيل احتجاز آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة بالسجون الإسرائيلية، دون أي مسوغ قانوني وخلافا لإرادتهم.
وجاء في التماس المؤسسات الحقوقية الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، أنها تطالب بتسليمها أسماء العمال وأماكن تواجدهم وإطلاق سراحهم إلى الضفة الغربية.
ونيابة عن المؤسسات الحقوقية، استعرضت مديرة القسم القانوني في "مسلك" المحامية أوسنات كوهين ليفشيتس، والمحامية نادية دقة من مركز "هموكيد"، فحوى الالتماس المؤلف من 23 صفحة تضم أيضا قائمة بأسماء 408 عمال من غزة وتفاصيلهم الشخصية وأماكن سكناهم، حيث تم تأكيد اعتقالهم.
ودلت الإفادات التي قدمتها الجمعيات الحقوقية للمحكمة العليا، أنه تم تنفيذ الكثير من الاعتقالات بشكل عنيف داخل إسرائيل، وعند نقاط التفتيش والمعابر والحواجز، وحتى في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة المدنية والأمنية للسلطة الفلسطينية.
وأكدت المحاميتان أنه "انقطع الاتصال مع معظم العمال ولا تعرف عائلاتهم مكان وجودهم. وعلمت الجمعيات بوجود منشأتين في معسكري عوفر وعناتوت بالضفة الغربية، وتستخدمان لاحتجاز العمال الفلسطينيين من غزة خلافا لإرادتهم".
وشددتا على أن سحب تصاريح المكوث والعمل وسجن العمال، يشكل بموجب القانون الدولي، "عملا انتقاميا محظورا". كما أن "الاعتقالات الجماعية دون فحص كل حالة بشكل منفصل، ودون أي مراجعة قضائية، هي اعتقالات تعسفية، ومخالفة حتى للقانون الإسرائيلي".