سياحة التعليم.. مصر تمضي قدما في جذب الدارسين الأجانب

القاهرة- تعول الحكومة المصرية على السياحة بوصفها أحد أهم مصادر العملة الأجنبية، وتستهدف القاهرة جذب 30 مليون سائح سنويا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وفي محاولة للوصول لهذا الرقم، تحرص على تنويع السياحة بين ترفيهية وثقافية وعلاجية، ومؤخرا هناك ما يمكن تسميته "السياحة التعليمية".
وشهدت السنوات القليلة الماضية إقبالا ملحوظا من غير المصريين على تلقي تعليمهم في الجامعات المصرية الحكومية والخاصة، في حين أطلقت الحكومة مبادرة رسمية لتشجيع السياحة التعليمية.
وتضم مصر حاليا 93 جامعة، بينها 27 حكومية و25 جامعة خاصة و20 جامعة أهلية و6 فروع لجامعات دولية و10 جامعات تكنولوجية إلى جانب 4 جامعات أهلية دولية و247 معهدا (بين عالٍ ومتوسط).
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال هشام فاروق مساعد وزير التعليم العالي للتحول الرقمي إن الحكومة موّلت مؤخرا 89 مشروعا جديدا للجامعات الحكومية والتكنولوجية؛ لدعم مشروعات الابتكار وتمييز المؤسسات والحصول على الاعتراف الدولي.
وفي هذا التقرير ترصد الجزيرة نت أبرز الأرقام والمعلومات المتعلقة بدراسة الأجانب في مصر.
ادرس في مصر
وأطلقت الحكومة في 2019 مبادرة "ادرس في مصر"، في محاولة لجعل مصر وجهة تعليمية إقليمية، وهي مبادرة تقول الحكومة إنها تهدف إلى دعم قوة مصر الناعمة وزيادة دخلها القومي.
ورفعت مصر نسبة الوافدين المسموح بقبولهم في الجامعات الحكومية والخاصة من 5 إلى 25%، وجعلت الحد الأدنى للقبول في الكليات النوعية أقل بكثير مما هو عليه بالنسبة للطلبة المصريين.
وتقبل كليات الطب الأجانب بمعدل نجاح 75% في الثانوية العامة، في حين تقبل كليتا الصيدلة وطب الأسنان 70%، وكذلك كليات العلاج الطبيعي والطب البيطري والهندسة.
في المقابل، كان الحد الأدنى لقبول المصريين بكلية الطب في الجامعات الحكومية خلال العام الماضي 91.7%، والهندسة 83.17%، والصيدلة 90.24%.
وتقدم مصر خصوما على المواصلات للطلاب الوافدين تصل إلى 50%، فضلا عن التأمين الصحي ضد حوادث السفر، وتخصيص مكاتب خاصة لتسهيل الحصول على الإقامة وتجديدها وشراء التذاكر.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال وزير التعليم العالي وقتها خالد عبد الغفار (وزير الصحة الحالي) إن السياحة التعليمية تساعد في زيادة الدخل القومي، وهي أيضا نوع من الدبلوماسية الناعمة.
وأوضح عبد الغفار أن الوافد يدفع 1500 دولار رسوما أولية للتقديم، ونحو 7 آلاف دولار سنويا للكليات العلمية مثل الطب، و3 آلاف للكليات النظرية، مشيرا إلى أن مصر تجمع ما يصل إلى 430 مليون دولار سنويا (الدولار يساوي نحو 30 جنيها)، أي نحو 8 مليارات جنيه سنويا.
قوة ناعمة وتعزيز للاقتصاد
ووقعت القاهرة العديد من الاتفاقيات وبرامج التعاون مع عدد من الجامعات الغربية لتعزيز خططها، بما في ذلك كليات: لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وبيركبيك بجامعة لندن، والملكية في لندن، وجامعة الأمير إدوارد الكندية.
وتقوم هذه الجامعات بتدريس تخصصات بينها: الهندسة والعلوم المعمارية، وهندسة السيارات، والاتصالات والتصميم، وهندسة الفضاء وإعداد الطيارين، والميكاترونيكس، والأجهزة الذكية.
وخصصت الحكومة برامج لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتعليم اللهجة المصرية والخط العربي، كما ربطت مكتبات الجامعات بمكتبة الإسكندرية لتسهيل الوصول إلى محتوياتها.أ
وقدم المركز المصري لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها 50 منحة لدول أفريقيا و33 لأوروبا و156 منحة لروسيا وآسيا ودول الكومنولث، و33 لأميركا الشمالية و6 منح لأستراليا ونيوزيلندا، وفق ما أكدته هاجر سيف النصر القائمة بأعمال رئيس الإدارة المركزية لشؤون الطلاب الوافدين لوسائل إعلام محلية.
الطلاب الوافدون
تصدّر السودانيون قائمة الوافدين العرب الذين يدرسون في مصر بـ7 آلاف و377 طالبا، في حين حل الكويتيون والجزائريون تاليا بـ3 آلاف و314 طالبا لكل دولة، وفق ما صرح به رئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات بوزارة التعليم العالي أشرف العزازي في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتصدر الكويتيون قائمة دارسي الدراسات العليا بـ773 طالبا، تلاهم السوريون بـ116 طالبا، حسب المسؤول المصري الذي أكد أن كليات القطاع الطبي ما تزال تضم العدد الأكبر من الوافدين.
ومع تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، فإن مصروفات الحياة في مصر تعد أقل كلفة قياسا بدول أخرى تفتح أبوابها للدارسين الأجانب.
عوامل جذب
هناك العديد من الأمور التي تجذب الوافدين للدراسة في مصر، خاصة العرب منهم، وفي مقدمتهم تراجع الجنيه أمام الدولار، وهو ما يجعل تكاليف المعيشة قليلة جدا في حال احتسابها بالعملات الأخرى. فلو افترضنا أن الطالب سينفق 500 جنيه مصري في اليوم الواحد، وهو مبلغ كبير، فهذا يعني 15 دولارا (450 دولارا شهريا).
إلى جانب ذلك، فإن دولا مثل روسيا وتركيا وماليزيا وغيرها تفرض تجاوز اختبارات اللغة الإنجليزية أو اللغة المحلية، وهو ما يتطلب عاما على الأقل قبل بدء الدراسة. كما أن الحصول على إجازة في تخصص من بلد مثل روسيا يتطلب قضاء مرحلة "الإقامة الطبية" التي تتراوح مدتها بين عامين و4 أعوام حسب التخصص.
ومن بين المميزات أيضا أن العديد من الجامعات المصرية تحظى بالاعتراف الدولي، مثل جامعات 6 أكتوبر، والعلوم والتكنولوجيا، والقاهرة، وعين شمس.
وانعكست هذه الخطط على الطلبة المصريين الذين كانوا يسافرون للدراسة في الخارج، إذ أكدت وزارة التعليم العالي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تراجع أعدادهم بنسبة 70% عن 2021، بسبب الالتحاق بالجامعات الأهلية والخاصة المصرية.
وتم قبول 71 ألف طالب يمثلون 13% من الحاصلين على الثانوية العامة بهذه الجامعات خلال العام الدراسي الحالي، وفق تقرير قدّمه وزير التعليم العالي الحالي أيمن عاشور.
بدوره، لفت عادل عبد الغفار المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي إلى قبول 11 ألفا و500 طالب بالبرامج الدراسية التي أتاحتها الجامعات الأهلية كمرحلة أولى هذا العام، وذلك بنسب إشغال بلغت 100% من الأماكن المتاحة بتلك الجامعات.
وحققت الجامعات الأهلية الدولية (الجلالة، والملك سلمان الدولية، والعَلَمين الدولية، والمنصورة الجديدة) نسب إشغال كبيرة، وبلغ إجمالي من أدوا الاختبارات في الجامعات الأربع 18 ألفا و800 طالب.
ورأت الوزارة أن هذه الأرقام تؤكد جودة التعليم بالجامعات المصرية، وتوفيره النفقات.
وتقل مصروفات الجامعات الخاصة في مصر عن مثيلاتها في دول أخرى، بنسب تتراوح بين 30 و40%، وفق تصريح سابق لأمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية محمد حلمي الغر.