لمدة 5 سنوات إضافية.. هكذا يوظف نتنياهو تمديد حالة الطوارئ في تسريع الاستيطان بالضفة الغربية

توظيف المبررات الأمنية والعسكرية لتوسيع وإقامة المشاريع الاستيطانية بالضفة
توظيف المبررات الأمنية والعسكرية لتوسيع وإقامة المشاريع الاستيطانية بالضفة (الجزيرة)

القدس المحتلة ـ حملت مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءات الثلاث على تمديد سريان أنظمة الطوارئ وفرض القوانين الإسرائيلية في الضفة الغربية في طياتها رسائل تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو تتجه نحو توسيع المشروع الاستيطاني والضم المتدرج للضفة وإضعاف السلطة الفلسطينية.

ومدد الكنيست الإسرائيلي أمس الأربعاء قانون الطوارئ في الضفة الغربية لمدة 5 سنوات إضافية بتأييد 39 عضوا بالكنيست مقابل معارضة 12، وينص القانون -الذي سن عام 1967 ويجري تمديده كل 5 سنوات- على معاملة المستوطنين بالضفة الغربية معاملة المواطنين في إسرائيل.

وعكس تسريع مصادقة حكومة اليمين المتطرف على أنظمة الطوارئ بالضفة الاتفاقيات التي مهدت إلى تشكيل الائتلاف الحكومي الحالي بشراكة الليكود وتحالف الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية التي ترفض أي تسوية مع السلطة الفلسطينية وتعارض إقامة أي دولة فلسطينية بالضفة حتى لو كانت منزوعة السلاح.

ويوحي ذلك أيضا أن حكومة نتنياهو ترى الضفة جزءا لا يتجزأ من "أرض إسرائيل"، حيث تؤكد على أن الاستيطان في فلسطين هو "حق حصري للشعب اليهودي"، وذلك من خلال اعتمادها أجندة وبرنامج حزب "تحالف الصهيونية الدينية" برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش الداعي لتفكيك ما تسمى "الإدارة المدنية" وضم الضفة إلى السيادة الإسرائيلية.

صورة 4 مشاريع استيطانية زراعية بمسافر يطا على الأراضي الفلسطينية
مشاريع استيطانية زراعية في مسافر يطا على الأراضي الفلسطينية (الجزيرة)

صلاحيات واسعة

يمنح نظام حالة الطوارئ المعمول به منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقدس في العام 1976 صلاحيات واسعة لسلطات الجيش والقيادات العسكرية للتفرد بالضفة والفلسطينيين، علما أن سريان هذا القانون الذي بات يعرف بـ"قانون الأبارتهايد" يشكل رافعة لتوسيع المشروع الصهيوني، وهو وجه آخر لتهجير الفلسطينيين وتثبيت الاستيطان.

ويتناغم تمديد سريان حالة الطوارئ في الضفة مع برامج الأحزاب المركبة للائتلاف الحكومي والاتفاقيات الائتلافية بوضع المشروع الاستيطاني على رأس أولويات الحكومة الإسرائيلية، ومنح صلاحيات واسعة للمستوى السياسي وقادة الأحزاب والوزارات الإسرائيلية للبناء الاستيطاني لليهود مقابل الهدم ومصادرة أراضي الفلسطينيين.

ويقطن حوالي 725 ألف مستوطن بالضفة الغربية في 176 مستوطنة حاصلة على ترخيص من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وسلطات جيش الاحتلال، إضافة إلى 283 بؤرة استيطانية دون الحصول على موافقة سلطات الاحتلال.

ودأبت المنظمات الاستيطانية -التي تعتبر الذراع التنفيذية السياسية للحكومة والذراع العسكرية لجيش الاحتلال- على إقامة البؤر الاستيطانية، وذلك من أجل وضع اليد على المناطق "ج" وتحويلها لليهود والاستيطان، وتوطين نحو 300 ألف مستوطن خلال العامين المقبلين.

مرحلة مفصلية

بدوره، يرى مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس أن تمديد سريان أنظمة الطوارئ على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 يمنح الحكومة الإسرائيلية وسلطات الاحتلال الأمنية والعسكرية صلاحيات واسعة من أجل تسريع عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة -خاصة المنطقة "ج"- إلى السيادة الإسرائيلية.

وأكد دغلس في حديثه للجزيرة نت أن الضفة الغربية توجد في مرحلة مفصلية في ظل حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف التي كشفت عنها أجندتها، وأنها توظف كل القوانين من أجل توسيع المشروع الصهيوني في كل فلسطين التاريخية وتثبيت الاستيطان في الضفة الغربية على حساب السكان الفلسطينيين.

وأوضح مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة أن حكومة نتنياهو تسابق الزمن لتكريس الاستيطان والوجود الصهيوني الديني في الضفة لخلق أمر واقع ومستجدات تحاصر الوجود الفلسطيني الذي بات في دائرة الاستهداف والهدم والتشريد مع تجديد سريان حالة الطوارئ.

الكتل الاستيطانية

ويعتقد دغلس أن تمديد سريان حالة الطوارئ وتطبيق القوانين الإسرائيلية في مستوطنات الضفة يعطيان الضوء الأخضر لشرعنة البؤر الاستيطانية وخلق تواصل جغرافي بين الكتل الاستيطانية، وأيضا يمنحان صلاحيات واسعة للمستويين السياسي والعسكري للاحتلال في اتخاذ قرارات وتنفيذ إجراءات ضد الفلسطينيين.

وحذر دغلس من تداعيات تمديد سريان أنظمة الطوارئ على الوجود الفلسطيني في الضفة، قائلا إن "الخوف لدى الفلسطينيين أن تعود حكومة الاحتلال للمشاريع الاستيطانية شمالي الضفة عبر العودة إلى 3 مستوطنات انسحبت منها إسرائيل بالعام 2005، وربط نابلس وجنين بالمستوطنات".

وأكد أن حكومة الاحتلال ومن خلال تمديد حالة الطوارئ ستمنح الغطاء القانوني لعصابات المستوطنين وجرائمهم دون أي عقاب، وستقوم بإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية على أراض بملكية خاصة للفلسطينيين، خصوصا شمال الضفة.

غيتوهات محاصرة

ويرجح دغلس أن تمديد سريان حالة الطوارئ سيسارع في توسيع المشروع الاستيطاني في الضفة والأغوار، وذلك بوضع اليد على أكبر مسطح من الأراضي في المنطقة "ج" وتخصيصها للاستيطان العسكري تمهيدا لمصادرتها.

ويبين مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة أن التجمعات السكنية والوجود الفلسطيني ستتحول خلال فترة سريان حالة الطوارئ في السنوات الخمس المقبلة إلى غيتوهات محاصرة بالاستيطان، وهو ما يعني تكريس الأبارتهايد بعد توسيع الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية بالكامل على الضفة.

ويعتقد أن شمال الضفة الغربية سيكون في عين العاصفة الاستيطانية لحكومة اليمين المتطرف، مشيرا إلى أن حالة التصعيد التي خلقها الاحتلال بالعامين الماضيين وما زالت متواصلة في محافظتي نابلس وجنين من خلال الاقتحامات اليومية وسياسة الإعدامات الميدانية تهدف إلى ترويع الفلسطينيين وإضعاف السلطة الفلسطينية لتكثيف الاستيطان شمال الضفة.

السيادة الإسرائيلية

وفي الجانب الإسرائيلي، يتفق الصحفي الإسرائيلي المختص في الشؤون الفلسطينية والعربية يواف شطيرن مع طرح مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة، قائلا إن تمديد سريان حالة الطوارئ في الضفة يعكس أجندة ومشاريع ومخططات حكومة نتنياهو السادسة بالضم المتدرج للضفة وتثبيت الوجود الاستيطاني في المنطقة "ج" على حساب الفلسطينيين.

وأوضح شطيرن للجزيرة نت أن مصادقة حكومة نتنياهو على سريان أنظمة الطوارئ تعكس الهدف المعلن للحكومة بالضم المتدرج للضفة، وأيضا بمثابة رسالة للمجتمع الإسرائيلي بأن هذه الحكومة مستقرة ومتينة، وذلك رغم الأزمة الدستورية عقب إقالة أرييه درعي زعيم "شاس" من منصبه الوزاري بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية.

ويعتقد أن ائتلاف حكومة نتنياهو الذي سرع عملية مصادقة تمديد سريان حالة الطوارئ -وهو الائتلاف ذاته الذي أفشل القانون أبان حكومة "بينيت- لبيد"- يسابق الزمن لفرض السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية، وفي المقابل التفكيك المتدرج للسلطة الفلسطينية وإضعافها.

المصدر : الجزيرة