لوموند: لا بديل للمساعدات الغربية الضخمة سوى استسلام أوكرانيا

تقول التجربة إن الحروب نادرا ما تسير كما هو مخطط له، وبالفعل تغيرت أبعاد الحرب التي اختارها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة مرات، خلال عام واحد، فبعد أن صارت وجودية بالنسبة لسيد الكرملين فقد أصبحت الآن تهدد المصداقية العسكرية والسياسية لحلفاء أوكرانيا.

هكذا افتتح جيل باريس افتتاحيته بصحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية، ليوضح أن الخطط التي توضع في زمن السلم البارد لتستوفي مواصفات الانتصار العسكري لا تضمن النجاح، كما أثبت الفشل المزدوج للولايات المتحدة -القوة العسكرية الرائدة في العالم- في أفغانستان والعراق، كما أن نبذ التدخل لم يؤد إلى نتائج مرضية أكثر لمصالح واشنطن وحلفائها.

ومع دخول الحرب التي فرضتها روسيا في أوكرانيا شهرها الـ 12 -كما يقول الكاتب- تتراجع الحدود التي وضعها داعمو كييف الغربيون لأنفسهم، من حيث المساعدة العسكرية، حتى أصبح من الضرورة تسليم دبابات ثقيلة ألمانية الصنع لأوكرانيا.

ويشير كل شيء -حسب جيل باريس- إلى أنه سيتم تجاوز الخطوط الحمراء الأخرى الأشهر المقبلة، ما لم يحدث انهيار روسي مفاجئ غير محتمل، خاصة مع استمرار الاستغاثات الأوكرانية الملحة والارتجال، دون شرح القرارات بشكل كافٍ للرأي العام في البلدان المعنية.

التصعيد مستمر

غير أن النقاش -الذي فتح حول شرعية وأهمية هذه المساعدة الغربية- ساعدت المقاومة الأوكرانية غير المتوقعة في تجاوزه في البداية، خاصة أن تجاهل المعتدي لأبسط قوانين الحرب أدى إلى دعم المساعدات المتزايد باستمرار، لكن الهدوء النسبي الذي لوحظ في كييف أخيرا أعاد إحياءها.

ويصطدم هذا الجدل دائما في النهاية -كما يقول الكاتب- بحقيقة تفيد أن البديل الوحيد لاستمرار المساعدات الغربية هو استسلام كييف، حيث يتجلى ذلك في الخطاب الروسي الرسمي والمسار الذي يتبعه بوتين بعناد، إلا أن التشكيك في هذه المساعدات الضخمة يذكر بحقيقتين يخفيهما ضباب الحرب.

الحقيقة الأولى تتعلق بخطر المشاركة الحربية التي تطرح بانتظام للتحذير من العواقب غير المقصودة، وهي تحيل إلى الطبيعة غير المتوقعة لديناميكيات الحرب والتصعيد الأعمى الذي قد يؤول إلى انفجار يتجاوز حدود الحرب أوكرانيا.

والحقيقة الثانية أن تقييم روسيا لهذه القضية سياسي بحت -حسب الكاتب- إذ إن الخطوط الحمر التي من شأنها أن تحول حلفاء كييف إلى محاربين بسبب شحنات الأسلحة التي يقدمونها غير واضحة، باستثناء إنشاء منطقة حظر طيران تستهدف الطائرات الروسية، أو الطابع الهجومي أو الدفاعي للأسلحة، ولذلك فإن التصعيد مستمر والمبادر بالحرب لم يفعل أي شيء لمنعه.

المصدر : لوموند