رأس السنة في أوكرانيا.. احتفالات حذرة مع "هدايا روسية" عنيفة

كييف- كان بعضهم يهتف على شرفة منزله وعشرات يردون من مسافات قريبة وبعيدة "المجد لأوكرانيا، المجد للأبطال، المجد للأمة، الموت للأعداء.. بلادنا فوق الجميع"، هكذا احتفل أوكرانيون بليلة رأس السنة.
وبادر البعض كذلك بعزف ألحان النشيد الوطني، ليردد آخرون كلماته من الشرفات أيضا، في مشهد بات يتكرر عند كل خطر وبعد كل قصف، وهذه المرة في مناسبة احتفالية.
لكن احتفالات الأعياد التي اتخذت طابعا وطنيا تبددت سريعا في العاصمة كييف بعد نحو 30 دقيقة فقط من حلول رأس السنة بصوت انفجار ضخم تردد صداه في سائر المدينة.
وما هي إلا دقائق أخرى حتى توالت أصوات الانفجارات واستمرت على مدار 4 ساعات، لتعلن الإدارة العسكرية أن العاصمة استهدفت بواسطة 23 طائرة مسيرة إيرانية الصنع بعد منتصف الليل.
وتكون كييف بذلك قد استهدفت خلال 24 ساعة سبقت وتلت رأس السنة 32 مرة، سواء بالصواريخ المجنحة أو بالطائرات المسيرة، ونتيجة لذلك قُتل شخص وأصيب 20 آخرون، نُقل 14 منهم إلى المستشفى.
وفي المجمل، وخلال الفترة ذاتها تشير هيئة الأركان الأوكرانية إلى إسقاط 12 من أصل 20 صاروخا بعيد المدى فوق عدة مقاطعات، و46 طائرة إيرانية من طراز "شاهد 136".

هدية متوقعة
وتوقع أغلبية الأوكرانيين "هدية سيئة" من روسيا بمناسبة عيد رأس السنة الميلادية الجديدة 2023، ولا سيما أن القصف الروسي أخذ طابعا يوميا منذ الأيام الأخيرة لديسمبر/كانون الأول الماضي بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة.
ومع ذلك، حاول الأوكرانيون إحياء المناسبة والاحتفال بها حتى وإن كان ذلك بصورة متواضعة وحذرة، في ظل الظروف والقيود الكثيرة التي فرضتها الحرب وتداعياتها.
نعيم الكهرباء
لم يستطع الأوكرانيون استقبال السنة الجديدة أمام أشجار العيد المضاءة في وسط المدن كما جرت العادة، فالسلطات رفضت رفع حظر التجول المفروض لهذا الغرض، وهكذا كانت الشوارع بعد الـ11 ليلا بالتوقيت المحلي خاوية تماما إلا من الحواجز العسكرية ودوريات الشرطة.
وهكذا، لم يطلق الراغبون ألعابا نارية في الشوارع، فهذا التقليد خلال العيد منع بشدة، ووصلت عقوبة من يخرقه حد السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات.
لكن أغلبية الأوكرانيين في البيوت نعموا بإمدادات لم تنقطع من الكهرباء خلال ليلة رأس السنة واليوم الأول فيها، فاستطاعوا الطهي والاستمتاع بمشاهدة البرامج الاحتفالية على الشاشات، الأمر الذي كانت قد تعهدت به الجهات المعنية.
ويبدو أن الحرب فرضت نفسها بقوة على كيفية استقبال الأوكرانيين رأس السنة الميلادية في بيوتهم، ففي كثير من الأحيان تحولت النوافذ إلى منابر للتواصل والتهاني.
وهذه المرة أخذت التهنئة طابعا يحاكي الواقع، فغابت عنها عبارات الأماني المعتادة أمام سيل من الهتافات الوطنية، ومهاجمة روسيا والرئيس بوتين الذي يعتبرون أن "الحرب حربه".

بداية حذرة لأول يوم
وقد أسكت القصف الروسي هتافات الأوكرانيين وألزمهم البيوت، لكنهم عادوا مع ساعات الصباح إلى ما تعودوا عليه في مثل هذه الأيام رغم المخاوف الكبيرة من تجدد القصف.
وأمام شجرة رأس السنة الرمزية التي نصبتها إدارة المدينة وأطلق عليها "شجرة الصمود" تجمع العشرات بدل الآلاف صباح أمس السبت، لالتقاط الصور وتناول الحلوى وبدء العام الجديد بزيارة الكنائس المجاورة لنيل "البركة".
وقالت نتاليا -وهي سيدة من سكان كييف- للجزيرة نت "نحن على أعصابنا طوال الوقت، أعتقد أن الخطر موجود حتى داخل البيوت، كل حركة يجب أن تكون بحذر حتى انتهاء الحرب".
وتضيف "2023 هو عام النصر، هذا هو اسم العام كما نرى، آمل أن يكون كذلك، وأن يعود الأمن والأمان إلى بلادنا والعالم بعد أن نهزم روسيا ونستعيد السيطرة على كامل أراضينا".