اقتحام مقار رئاسية وصدامات بين الأمن وأنصار الصدر.. ما الذي يجري في العراق وإلى أين تتجه الأحداث؟
بغداد- تأزم المشهد السياسي العراقي، بعد اعتزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، العمل السياسي، أعقب ذلك اقتحام أنصاره القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
بدأت قصة الأزمة السياسية، عندما أعلنت مفوضية الانتخابات، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، نتائج الانتخابات النيابية بفوز الكتلة الصدرية بـ73 نائبا، ورفض الصدر التحالف مع الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية البارزة، وذهب للتحالف مع السُّنة والأكراد لتشكيل تحالف أطلق عليه "إنقاذ وطن"، ورشح محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان والسياسي الكردي هوشيار زيباري رئيسا للجمهورية، وجعفر محمد باقر الصدر رئيسا للحكومة.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsمظاهرات وإغلاق طرق وعنف أسري وزيادة الجرائم.. لماذا يثير الصيف غضب العراقيين؟
ما تداعيات ضغط تيار الصدر على القضاء؟ وكيف ردّ الخصوم؟
وتعقد المشهد السياسي، بعد قيام المحكمة الاتحادية، باستبعاد زيباري من سباق رئاسة الجمهورية، بتاريخ 13 فبراير/شباط 2022، وذلك بسبب وجود تهم فساد.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، توضيحًا بشأن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والذي أكد أنه لا يكتمل إلا بأغلبية ثلثي مجموع أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائبا.
تعقد المشهد
أطلق الصدر، نداء إلى المستقلين، بضرورة التحالف معه، وتمرير رئيس الجمهورية، والمشاركة بعملية اختيار الحكومة المقبلة، ولكن المستقلين رفضوا ذلك، بسبب غياب الثقة بين الطرفين، خصوصا بعد مواقف الصدر، خلال مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019، بعد انقلابه على المتظاهرين وذهب لتشكيل حكومة مصطفى الكاظمي منفردا، وشارك بإنهاء الاعتصامات في بغداد وذي قار وبعض المحافظات الجنوبية الأخرى.
بعدها تعقد المشهد السياسي، وقرر الصدر، التنازل للإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة المقبلة، ولم يتمكن الإطار من جمع الأصوات المطلوبة لاختيار رئيس جمهورية، بسبب الثلث المعطل.
- قرر الصدر، بتاريخ 12 يونيو/حزيران، استقالة نواب الكتلة النيابية، وقام الإطار التنسيقي، والمستقلون بتعويض مقاعد الكتلة الصدرية، إذ أصبح الإطار التنسيقي الشيعي الكتلة الأكبر، في البرلمان، بـ130 نائبا من أصل 329 نائبا.
- أجرى الإطار التنسيقي مباحثات مع الأكراد والسُّنة، لتشكيل الحكومة، واختار بتاريخ 26 يوليو/تموز الماضي، محمد شياع السوداني، مرشحا لرئاسة الحكومة، وحدد يوم 31 يوليو/تموز موعدا لعقد جلسة البرلمان لتمريره.
- اقتحم أنصار الصدر مبنى البرلمان والاعتصام به بتاريخ 30 يوليو/تموز، إلى اليوم، وذلك لمنع الإطار التنسيقي من تشكيل أي حكومة.
- بتاريخ 23 أغسطس/آب الجاري، وسّع أنصار الصدر، اعتصامهم ليشمل مبنى مجلس القضاء، وذلك للمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ولكن القضاء قام بإصدار مذكرات القاء قبض بحق 3 من قيادات التيار الصدري، أبرزهم صباح الساعدي، مما أنهى بنفس اليوم، أنصار الصدر اعتصامهم.
- حدد الصدر، مهلة لمدة 72 ساعة، لإنهاء وجود الأحزاب السياسية الحاكمة منذ عام 2003 وحتى الآن، بينها التيار الصدري، عبر توقيع اتفاقية وفتح المجال أمام القوى السياسية الناشئة لتشكيل الحكومة المقبلة بخوض انتخابات مبكرة، ولمح الصدر بأن عدم الاستجابة، على هذه الدعوة، يعني تعليق نشاطه السياسي ويبقى الخيار للشارع.
- قرر الصدر، اليوم اعتزال النشاط السياسي، وبالتالي أعطى الضوء الأخضر، لأنصاره بتوسيع الاحتجاجات في جميع المحافظات باستثناء محافظة النجف مقر المرجعية الدينية الشيعية، واقتحم أنصار الصدر، مقر رئيس الجمهورية برهم صالح، ومقرات الحكومات المحلية بذي قار وميسان وواسط والديوانية.
- فرضت القوات الأمنية حظرا للتجوال في العاصمة بغداد، لمنع أنصار الصدر، من الوصول إلى مقار الحكومة والسفارات الأجنبية في المنطقة الخضراء، ولكن دون احتكاك عسكري مع المحتجين. كما فرضت القوات الأمنية حظرا للتجوال في باقي محافظات وسط وجنوب العراق.
- وعلق رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، جلسات مجلس الوزراء، إلى إشعار آخر، وذلك لدخول مجموعة من المتظاهرين مقر مجلس الوزراء.
السيناريوهات المتوقعة
وتعليقا على هذه الأحداث قال المحلل السياسي نبيل جبار العلي، للجزيرة نت، إن الأزمة الاحتجاجية الحالية ممكن أن تنتهي قريبا، بعد أن ينفس الصدريون عن غضبهم من خلال اقتحام للمقار الرئاسية، أو قد تتجه للتعقيد إذا ما استخدمت القوات النظامية القوة تجاه المحتجين الغاضبين.
وأضاف أن احتجاج اليوم دون قيادة ودون هدف ويرافقه غضب شعبي، وقد يشكل خطرا اجتماعيا وأمنيا، خصوصا مع وجود حكومة غير فاعلة ومتهمة بكونها جزءا من الأزمة، وفاقدة لثقة أطراف سياسية عدة.
ونوه إلى أن مخرجات الأزمة قد تكون مبادرات جديدة لإصلاح النظام السياسي، عبر إصلاحات جوهرية تجري خلال فترة محدودة ثم تجري انتخابات جديدة ومبكرة.
من جهته، قال المحلل السياسي، نجم القصاب، للجزيرة نت إن الصدر أخلى مسؤوليته من الأحداث الشعبية الحالية، وذلك بقراره اعتزال العمل السياسي.
وأضاف أن المحكمة الاتحادية لديها جلسة يوم غد الثلاثاء، وقد تحل الأزمة، من خلال إصدار قرار بحل البرلمان الحالي واختيار حكومة طوارئ تشرف على إجراء الانتخابات، مؤكدا أن استمرار الأزمة دون إصدار قرار بحل البرلمان قد يؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي وقد تتحول إلى تصادم.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن اعتزال الصدر للمشهد السياسي، بعد أن رأى عدم قدرة الطبقة السياسية على حل الأزمة وتفضيل مصلحة الوطن، مشيرا إلى أن الصدر طرح عدة حلول ولكن لم يستجب أحد، ما أدى إلى تعقد المشهد.
وأضاف أن الصدر ترك الخيار للشعب العراقي، وقام أنصاره بتوسيع الاحتجاجات، ولكن يتطلب من السياسيين التعامل مع هذه الأزمة بحكمة عالية وتجنيب البلد أزمة جديدة، مشيرا إلى أن الخيارات المطروحة فقط تتمثل بحل البرلمان وإجراء انتخابات، وهي الخطوة التي تسهم بإنهاء الأزمة وإرجاع أنصار الصدر إلى منازلهم. وبين أن عدم استجابة الطبقة السياسية الحالية للأزمة، قد يؤدي إلى إدخال البلد بنفق مظلم، وتبقى جميع الاحتمالات واردة.
أما المحلل السياسي، سرمد البياتي، فيقول للجزيرة نت، إن حل الأزمة يتطلب من السياسيين التنازل عن مطالبهم، والتوجه نحو قبول مقترح حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، مشيرا إلى أن سحب أنصار الصدر من الشارع يجري بسهولة جدا، بعد حل البرلمان من خلال تغريدة للصدر.
وأكد أن هناك تخوفا من وجود جهة تريد إشعال الحرب الأهلية داخل البلد، خصوصا أن سفك مزيد من الدماء عبر إنهاء المظاهرات قد يزيد من التوتر وتعقد المشهد السياسي في البلاد.