في ظل صراع هو الأشد في العراق.. جبهات سياسية جديدة تطفو على السطح

وفق مؤسسي جبهة نخوة العراق؛ فإنها تأتي بديلا من أحزاب السلطة الحالية التي "فشلت في إدارة البلد" خلال الـ20 عاما الماضية، وتأتي أيضا ضمن محاولة إيجاد بدائل مدنية عابرة للطائفية والعرقية.

20 حزبا من الأحزاب المدنية والليبرالية اجتمعت في بغداد للإعلان عن تأسيس تجمع باسم "نخوة العراق" (الجزيرة نت)

بغداد– أُعلن في العاصمة العراقية بغداد مؤخرا عن تشكيل جبهة سياسية عابرة للطوائف تهدف إلى عرض بدائل سياسية لإصلاح وتغيير الوضع السياسي المتأزم في البلاد. ويرى محللون أن تشكيل تجمعات وجبهات جديدة يمثل ظاهرة صحية بهدف الخروج من "النمطية الطائفية والمحاصصاتية" التي تعتمد عليها الكثير من الأحزاب السياسية العراقية، بينما يرى آخرون صعوبة مقدرتهم على مواجهة المال السياسي وجذوره الممتدة لعقدين من الزمان.

مأمول السامرائي: تأسيس جبهة نخوة العراق يأتي كمسعى لتعديل النظام السياسي في العراق (الجزيرة نت)

جبهة عابرة للمذاهب

20 حزبا من الأحزاب المدنية والليبرالية اجتمعت في بغداد للإعلان عن تأسيس تجمع سياسي يحمل اسم "نخوة العراق". وهذه الجبهة الجديدة تضم عددا من الأحزاب السياسية من بينها "حزب الاتفاق" و"العراق هويتنا" و"المبادرة الوطنية"، إضافة لشخصيات سياسية مستقلة كالنائب السابق يونادم كنا.

ووفق مؤسسي الجبهة فإن هذا التجمع يأتي بديلا ممّا سموه "فشل أحزاب السلطة في إدارة البلد خلال الـ20 عاما الماضية، ومحاولة إيجاد بدائل مدنية عابرة للطائفية والعرقية، بهدف إصلاح الواقع السياسي المتأزم"، كما يقول رئيس الجبهة مأمول عبد الرحمن السامرائي وهو رجل أعمال معروف ورئيس حزب الاتفاق الوطني.

ويبين السامرائي أن الجبهة قد تم تسجيلها في مفوضية الانتخابات، والفكرة منها هي في أن "تكون بديلا يسعى لتعديل النظام السياسي عبر وجود تجمع ليبرالي قوي يتكون من جميع ألوان العراق". مضيفا "لا يهم أن تكون يهوديا أو مسيحيا أو مسلما، الجبهة باسم العراق فقط وليس بالانتماء".

وحول الظروف السياسية الحالية والاعتصامات، يرى السامرائي أن هدف تشكيل الجبهة الأساسي هو خلق قوى جديدة تمزج بين الاقتصاد والسياسة، وتعرض وجوها ليس عليها إشكال، للمساهمة بإنهاء الخروقات الدستورية والصراع السياسي على أساس المصلحة وليس على أساس الوطن، مشيرا إلى أن "الصراع الحالي صراع إرادات سياسية لم تنجح في إدارة البلاد خلال عقدين، وأن التغيير ضروري ولكن ليس من نفس المنظومة".

الغريري رأى أن الأحزاب الحاكمة في العراق أخفقت منذ 2003 وحتى اليوم في الحكم (الجزيرة نت)

على حافة الهاوية

كما تضم الجبهة إلى جانب الأحزاب، رجال أعمال واقتصاديين وشخصيات ثقافية تسعى لعرض "المدنية" بديلا من العناوين السياسية الإسلامية والخروج من مفهوم الطائفية عبر وضع خارطة طريق تبدأ بالاجتماعات ودراسة الظروف الراهنة، ومن ثم المشاركة في الانتخابات القادمة بعناوين مدنية ليبرالية تحل كمنافسة للأحزاب الإسلامية التي حكمت البلاد.

كامل الغريري النائب السابق والأمين العام لحزب "العراق هويتنا" أحد أعضاء الجبهة؛ يشير إلى أن الأحزاب الإسلامية سواء سنية أو شيعية قد أخفقت منذ 2003 وحتى اليوم في الحكم وفي كل الجوانب، وأوصلت البلاد إلى الهاوية، وهو ما دفع للتجمع وتشكيل هذه الجبهة من أحزاب وشخصيات بعيدة عن الصورة النمطية المبنية على أساس الانتماء والطائفة والدين، مؤكدا أن ذلك الإخفاق الذي أوصل البلاد لهذه المرحلة من الانغلاق وتعطيل المصالح؛ هو ما دفع للبحث عن البديل المدني.

تحركات "تشرينية"

وإلى جانب "جبهة نخوة العراق"؛ أعلنت حركات وأحزاب أخرى عن تحركها لتشكيل جبهات وتجمعات جديدة لتدخل موحدة للمعترك السياسي والانتخابي مستقبلا، حيث أعلنت حركات منبثقة عن "احتجاجات تشرين" عن سعيها هي الأخرى لتشكيل جبهة تضم 12 حزبا وحركة سياسية أبرزها "نازل آخذ حقي" و"البيت الوطني" و"حزب الأمة"، كنواة لتحالف انتخابي وسياسي قادم للقوى المدنية والوطنية و"التشرينية"، وفق قولهم.

السياسي رائد فهمي وصف انبثاق الجبهات الجديدة بالأمر الصحي في ظل الوضع الساخن الذي يمر به العراق (الجزيرة نت)

ظاهرة صحية

ويرى سياسيون ومحللون أن تشكيل التجمعات والجبهات الجديدة ظاهرة صحية يأمل منها أن تقود مستقبلا لتغير الواقع المتدهور للعملية السياسية في البلاد.

ويصف سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراق رائد فهمي؛ انبثاقَ تلك الجبهات بالأمر الصحي في ظل الوضع الساخن الذي يمر به العراق، منوها إلى أن ظهور قوى مدنية تمتلك مشروعا خاصا بعنوان المواطنة وبعيدا عن المحاصصة شيء مشجع في ظل الأزمات التي تعيشها العملية السياسية والبلاد منذ تغيير 2003.

وطالب فهمي تلك الجبهات بالبحث عن أساس وقواعد العمل المشترك وبلورة مشروع مدني متكامل ينتهي بدولة مدنية ومن ثم مزاحمة أحزاب السلطة انتخابيا في المستقبل لا سيما مع التصعيد الخطير الذي يعيشه العراق اليوم.

أما المحللة السياسية سهاد الشمري فترى أن الفرصة قائمة أمام القوى والأحزاب الناشئة الجديدة لإحداث التغيير خصوصا في ظل الشيخوخة التي تعيشها الأحزاب الكلاسيكية القديمة في العراق وشريطة أن يكون هناك مواءمة وتجسيد للأهداف التي تنطلق منها مشاريع تلك الأحزاب في العمل على إصلاح الوضع وعرض بدائل تقنع الشارع بها كبديل من الأحزاب الحالية.

الباحث مخلد حازم نصح الجبهات الجديدة بالتحالف مع أحد أطراف القوى السياسية الحالية للتمكن من دخول في المنافسة (الجزيرة نت)

مواجهة بعيدة المدى

في المقابل يستبعد مراقبون قدرة تلك الجبهات والأحزاب على مواجهة نفوذ وسلطة الأحزاب الحاكمة وتجذرها في منظومة الحكم وتغلغلها في المرافق العامة والشارع العراقي، كما يوضح الباحث في الشأن السياسي مخلد حازم، مشيرا إلى أن دخول تلك الجبهات والأحزاب في معترك مع الكتل السياسية في الوقت الراهن أمر صعب، كون أن الأحزاب الكبيرة تمتلك باعا طويلا وتمتلك المال والسلاح، بينما المجموعات الجديدة تعمل بمفردها وتحتاج إلى ضمانات وإلى سند يدعمها في الدخول بمنافسة مع الكتل السياسية المسيطرة على السلطات التشريعية والتنفيذية.

حازم أضاف أن التجمعات سواء الليبرالية أو المدنية والاحتجاجية إذا ما أرادت اختراق المنظومة السياسية فعليها الدخول بتحالفات مع أحد أطراف القوى السياسية الحالية للتمكن من الدخول في المنافسة والمعترك السياسي المحتدم على الأمد المتوسط والبعيد.

وبيّن أن ظهور التجمعات والجبهات المدنية وتشكلها في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد؛ يسعى إلى أن يكون نواة لتحقيق معادلات جديدة على المدى البعيد في المشهد السياسي المعقد في ضل تواصل محاولات ومساعي إصلاح العملية السياسية المتعثرة عبر تشكيل أحزاب وتجمعات جديدة وفق أسس وقواعد تختلف عن أسس التجمعات الحالية القائمة في معظمها على المذهب الديني أو القومية.

المصدر : الجزيرة

إعلان