من الملا عبد القيوم ذاكر؟ ولماذا عينته طالبان قائدا عسكريا لجبهة بنجشير؟

كابل- عيّن زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده الملا عبد القيوم ذاكر مسؤولا عسكريا جديدا لولاية بنجشير ومديرية أندراب في ولاية بغلان (شمالي أفغانستان).
وحسب مصادر أفغانية، فإن الملا ذاكر كان من أوائل الذين دخلوا القصر الرئاسي في العاصمة الأفغانية (كابل) بعد ساعات من هروب الرئيس الأفغاني السابق محمد أشرف غني عقب سيطرة الحركة على العاصمة في 15 أغسطس/آب 2021، وأثار تعيينه بمنصب مسؤول عسكري خارج تشكيلة القوات الأمنية تساؤلات عدة بشأن ما يحدث في ولاية بنجشير ومديرية أندراب شمالي أفغانستان.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهكذا بدأت قصة بنجشير مع طالبان.. وهكذا يمكن أن تنتهي
بنجشير والمصير المجهول.. تكون أو لا تكون تحت راية طالبان
أحداث أفغانستان.. منذ دخول طالبان كابل إلى بنجشير
يعدّ الملا عبد القيوم ذاكر أحد أهم قادة حركة طالبان في العقدين الأخيرين في أفغانستان، ورغم الانسحاب الأميركي من أفغانستان ووصول طالبان إلى السلطة لم يظهر أمام الكاميرات مثل زعيم الحركة، ولم تنشر أي معلومات عنه، ولا توجد صور له في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
من الملا عبد القيوم ذاكر؟
ولد الملا عبد القيوم ذاكر عام 1973 في مديرية كجكي بولاية هلمند (جنوبي أفغانستان)، واسمه الحقيقي غلام رسول، ويبلغ من العمر 50 عاما، وعاش جزءا من حياته في ولاية جوزجان بشمال البلاد، وينتمي إلى قبيلة علي زاي التي تعيش في ولاية هلمند ولها نفوذ كبير، حيث تشكل 40% من سكان ولاية هلمند.
درس في مدرسة دينية في أفغانستان، قبل أن يسافر إلى باكستان حيث التحق بمدرسة "دينية" في مدينة كويتا في بلوشستان الباكستانية، وكانت المدرسة تابعة لمنظمة زعيم جهادي سابق هو المولوي محمد نبي محمدي.
انضم ذاكر إلى حركة طالبان عام 1997، وشارك في حربها ضد فصائل المجاهدين السابقين بقيادة زعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار وأحمد شاه مسعود، وزعيم حزب الجمعية الإسلامية برهان الدين رباني، وشغل مناصب عسكرية عدة أهمها نائب قائد الجيش ومسؤول الجبهة الشمالية.
وبعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان عام 2001 وانهيار حكومة طالبان الأولى، اعتقل الملا ذاكر مثل غيره من القيادات الميدانية في حركة طالبان في مدينة مزار شريف على أيدي مليشيات تابعة للجنرال عبد الرشيد دستم، ونقل بعد ذلك إلى معتقل غوانتانامو، قبل أن يعاد عام 2007 إلى السجن المركزي بشرق العاصمة كابل، وأطلق سراحه عام 2008 في عملية تبادل للمعتقلين بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.
عقب إطلاق سراح الملا عبد القيوم ذاكر، رجع إلى ساحة القتال وكان يشرف على العمليات العسكرية في ولايتي هلمند ونيمروز، ثم أصبح مسؤولا عسكرية لـ18 ولاية جنوبية وشمالية.
ويقول مصدر في حركة طالبان للجزيرة نت "ينظر داخل حركة طالبان إلى الملا ذاكر أنه شخصية عسكرية، فمنذ حكومة طالبان الأولى كان لديه أكثر من 3 آلاف مقاتل، وكانت القيادة العسكرية ترسله إلى المكان الذي يصعب على الآخرين السيطرة عليه أو صدّ هجمات العدو عنه".

علاقته بالمؤسس والزعيم الأول لحركة طالبان
تمكن الملا عبد القيوم ذاكر من كسب ثقة مؤسس حركة طالبان الملا محمد عمر لدوره في القتال في ولاية هرات والولايات الشمالية، وبعد الإفراج عنه عام 2008 عيّنه الملا محمد عمر رئيسا للجنة العسكرية، وبعد وفاة الملا محمد عمر برزت خلافات بينه وبين خلفه الملا أختر محمد منصور وأقاله منصور من منصبه.
يقول الكاتب والباحث السياسي خالد جليلي للجزيرة نت "صعد نجم الملا ذاكر في عهد الملا محمد عمر، ولكن بعد وفاته اختلف معه الملا أختر محمد منصور، وسحب منه صلاحياته، وأعلن الاعتزال لأسباب صحية عام 2014 ولكنه عاد وتصالح معه وبايعه أميرا للمومنين، والآن يتمتع بعلاقات جيدة مع الزعيم الحالي لحركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده".
يتمتع الملا عبد القيوم ذاكر بنفوذ واسع في حركة طالبان، وتردد أنه كان سيتولى منصب وزارة الدفاع الأفغانية في الحكومة التي ستشكلها حركة طالبان بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان إلا أنه لم يتم تعيينه، وعاد إلى مسقط رأسه في ولاية هلمند بجنوب أفغانستان. وحسب مصادر في حركة طالبان، فقد فُتش منزله في مديرية سنغين وصدرت منه كمية كبيرة من الأسلحة.
ويقول مصدر حكومي -للجزيرة نت- إن تعيين الملا عبد القيوم ذاكر قائدا عسكريا لجبهات القتال في ولاية بنجشير ومديرية أندراب لسببين رئيسين: الأول: خبرة الرجل ومعرفته بجغرافيا الولايات الشمالية، وثانيا رغبة الحكومة الأفغانية الجديدة بالقضاء على ما يسمى المقاومة في ولاية بنجشير وغيرها من المناطق قبل أن يستفحل أمرها وتدخل جهات أجنبية على الخط تجرّ أفغانستان إلى حرب داخلية أخرى".
نواة مقاومة جديدة
تمكنت حركة طالبان من السيطرة على كامل التراب الأفغاني، ولكن بعد مدة ظهرت في ولاية بنجشير حركة باسم "جبهة المقاومة الوطنية" بقيادة أحمد مسعود نجل القائد السابق أحمد شاه مسعود. وحسب مصادر بوزارة الدفاع الأفغانية، إنها أرسلت عددا كبيرا من قواتها إلى ولاية بنجشير ومديرية أندراب لاحتواء من تسميهم الحكومة الأفغانية الجديدة المتمردين.
ويرى خبراء في الشأن الأفغاني أن على الحكومة الأفغانية الجديدة أن تشارك القوى السياسية الأخرى في حكومتها حتى تنعم البلاد بالاستقرار النسبي الذي وفرته حركة طالبان، وأن مشاركة الآخرين في السلطة والحكومة تقطع الطريق على جهات أجنبية ولا تسمح لها بمدّ يد العون والمساعدة. يقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت "إن ما تسمى بجبهة المقاومة في ولاية بنجشير تريد أن يكون لها دور في أفغانستان، وقيادتها الحالية تعيش خارج البلاد، وتستطيع أن تثير قلاقل للحكومة في حال حصولها على مساعدات عسكرية ومالية، حينئذ سيكون الأمر صعبا على طالبان".
وفي العام الماضي، زار كل من نائب رئيس الوزراء الملا عبد الغني برادر ووزير الدفاع الملا محمد يعقوب وقائد الجيش الأفغاني قاري فصيح الدين فطرت وكذلك مسؤولون آخرون ولاية بنجشير لتقييم الوضع الأمني، وبناء العلاقات مع أهلها منعا لحدوث قتال أو فوضى.