"إلى الأمام" الحزب الثالث في أميركا.. هل تنجح المحاولة هذه المرة؟

واشنطن- أعلن عدد من الساسة الأميركيين تدشين حزب سياسي بغية أن يصبح "حزبا رئيسا ثالثا" في الحياة السياسية الأميركية؛ اعتمادا على جذب ملايين الناخبين الذين يقولون إنهم مستاؤون مما يرون أنه نظام الحزبين المختلّ في أميركا.
وسيترأس الحزب الجديد الذي يحمل اسم "إلى الأمام" (Forward) المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة أندرو يانج، وكريستين تود ويتمان الحاكمة الجمهورية السابقة لولاية نيوجيرسي.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsمدير الاستخبارات الأميركية يدعو للتحقيق في "تجاوزات" شابت الانتخابات الأميركية
الانتخابات الأميركية.. ترامب يهاجم حاكما جمهوريا وقاضيان يرفضان دعاوى لإلغاء نتائج الانتخابات في جورجيا وميشيغان
ويمثل إعلان عدد من المسؤولين الجمهوريين والديمقراطيين السابقين تأسيس حزب جديد في الولايات المتحدة خطوة غير جديدة في سياقها التاريخي، إذ تعجّ الولايات المتحدة بعشرات الأحزاب السياسية، إلا أن العالم لا يعرف منهما إلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ويسيطر الحزبان على السياسة الأميركية منذ نشأة الدولة الأميركية رسميا عام 1776، ولم يمثل وجود أحزاب سياسية متعددة تحدّيا كبيرا للحزبين الرئيسين اللذين استمرت سيطرتهما على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس على مدار العقود الماضية.
عراقيل صعبة.. هل يمكن تجاوزها؟
ومن الصعب تصور أن يلعب ممثل الحزب الثالث دورا تنافسيا جادا في سباق انتخابات 2024 الرئاسي، فضلا عن الفوز بنسبة معقولة من أصوات الناخبين الأميركيين.
ويرجع السبب في ذلك إلى هيمنة الحزبين الرئيسين على الحياة السياسية بأدواتمها المالية الإعلامية والبحثية والفكرية، التي استغرقت عقودا حتى رسخت وأصبحت أكثر قوة.
ولم يسبق أن لعب أي مرشح من خارج الحزبين الرئيسين في دور انتخابي بارز باستثناء المرشح روس بيرو عام 1992 حين حصل على 19% من الأصوات.
وتشهد الانتخابات الرئاسية عادة وجود مرشحين، فضلا عن مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن أهم هذه الأحزاب حزب الخضر (Green) وحزب الأحرار (Libertarian) وعدد آخر من الأحزاب الصغيرة، ويحصل مرشحو الأحزاب الأخرى على أقل من 1.5%، ولم يسبق لهم أن لعبوا دورا حاسما في تحدي هوية الرئيس الفائز.
ويميز مرشحو الأحزاب الثالثة القدرة على التغريد خارج الخطاب السياسي الأميركي التقليدي حيث توجد مساحة واسعة للحديث المباشر والصريح، ويستغل مرشحو الأحزاب الثالثة شعور نسبة مهمة من المواطنين الأميركيين بالاستبعاد والعزلة السياسية وعدم الثقة بالنظام السياسي ولا برموزه السياسية.

صعوبات جمة في الطريق
وفي الوقت ذاته يواجه مرشحو الأحزاب الأخرى صعوبات كبيرة في النفاذ إلى وسائل الإعلام أثناء الحملات الانتخابية، فإما أن يكون المرشح ثريا ويستخدم ثروته الخاصة في شراء المساحة الإعلامية اللازمة للتعريف به وعرض برنامجه الانتخابي (حالة روس بيرو)، أو أن يكون مشهورا لدرجة تسمح له باستخدام نفوذه وعلاقاته الشخصية لدى الإعلام، أو يبقى في حلقة مفرغة دائرة لا تفضي إلى أي نتيجة، فعدم تغطيتهم إعلاميا يؤدي إلى ضعف قدرتهم على المنافسة.
ولا يسمح أيضا لمرشحي الأحزاب الأخرى بالمشاركة في المناظرات التلفزيونية بسبب عدم اجتيازهم الشروط والقواعد المنظمة لتلك المناظرات، وهي قواعد وشروط يضعها مموّلو تلك المناظرات والمشرفون عليها من الحزبين.
ومن الطبيعي ألا يريد الحزبان الكبيران مشاركة أي منافس آخر في المناظرات، وأن يهدد مرشحو الحزبين الرئيسيون بالانسحاب من المناظرات الانتخابية إذا سمح لمرشحي الأحزاب الأخرى بالمشاركة فيها.
إستراتيجية الحزب الجديد
وسيعقد قادة الحزب سلسلة من الفعاليات في 20 مدينة هذا الخريف لإطلاق برنامجه وجذب الدعم الشعبي، وسيشرع الحزب في تنظيم فعاليات شعبية لتعريف المواطنين به؛ تبدأ بحفل إطلاق ضخم تشهده مدينة هيوستن بولاية تكساس في 24 سبتمبر/أيلول القادم، على أن يعقد الحزب أول مؤتمر وطني له في مدينة أميركية كبرى في الصيف المقبل.
وجاء تشكيل الحزب الجديد من خلال اندماج 3 مجموعات سياسية ظهرت في السنوات الأخيرة كرد فعل على الاستقطاب المتزايد داخل النظام السياسي الأميركي.
ويستشهد قادة الحزب الجديد باستطلاعات الرأي المتكررة التي تؤكد أن أغلبية الناخبين يرون أن هناك حاجة كبيرة إلى حزب سياسي ثالث.
ويشمل الحزب الجديد 3 حركات، هي: "حركة تجديد أميركا" التي شكلها عام 2021 عشرات المسؤولين السابقين في الإدارات الجمهورية لرونالد ريغان وجورج بوش الأب وجورج دبليو بوش ودونالد ترامب، و"حزب إلى الأمام" الذي أسسه يانغ بعدما ترك الحزب الديمقراطي عام 2021 وأصبح مستقلا، وحركة "اخدموا أميركا" وهي مجموعة من الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين.
وتعتمد ركيزة الحزب الجديد بالأساس على "منح الأميركيين مزيدًا من الخيارات في الانتخابات، ومزيدًا من الثقة بأنفسهم، ومزيدًا من المشاركة في بناء مستقبلهم"، وعرف الحزب نفسه بأنه "حزب وسطي".
فرصة متاحة.. هل يمكن اغتنامها؟
ولا تعرف للحزب مواقف سياسية واضحة حتى الآن، إلا أن تركيبة قياداته تشير إلى اتجاه وسطي بين يسار الحزب الديمقراطي ويمين الحزب الجمهوري.
وكان رد فعل الجمهور على "تويتر" سريعا، وأعرب العديد من الديمقراطيين على منصة التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من أن يسحب الحزب الجديد مزيدًا من الأصوات بعيدا عن الديمقراطيين.
ويستهدف حزب "إلى الأمام" المشاركة في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس في عام 2024، بعد أن ينتهي من إجراءات التسجيل في الولايات الـ50، فضلا عن العاصمة (واشنطن). ويرمي إلى تقديم مرشحين للسباقات المحلية في خطوة تمهيدية؛ مثل انتخابات مجالس المدارس، ومجالس المدن، وكونغرس الولايات المحلي، وصولا إلى الكونغرس وانتخابات البيت الأبيض.