حي بطن الهوى في سلوان.. كابوس قنابل الغاز يخلّف الرعب بين الأطفال والمرضى
يعد "بطن الهوى" جزءا من الحارة الوسطى، إحدى حارات بلدة سلوان. وتدعي جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية ملكية 5 دونمات و200 متر مربع فيه. وتسلم الأهالي حتى الآن أوامر إخلاء 87 منزلا فيه يسكنها 750 مقدسيا.

القدس المحتلة- أمام منزل عائلتها بحي بطن الهوى في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، وقفت الطفلة دارين الرجبي (12 عاما) تروي لحظات مرعبة في ذاكرتها الصغيرة عاشتها قبل أيام مع اقتحام قوات إسرائيلية البيت ورش والديها بغاز "الفلفل".
بعد ساعتين من تدهور وضع الأب والأم الصحي جراء إصابتهما بالحروق والاختناق، اضطرا للخروج مع أطفالهم بمركبتهما نحو المستشفى، حيث منع الاحتلال وصول سيارة الإسعاف إلى المكان.
اقرأ أيضا
list of 4 items“فيها سريري وألعابي”.. طفلة فلسطينية من حي سلوان تعترض على هدم الاحتلال غرفتهاسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدة
مخططات تهويد متسارعة.. ما الذي يجري تحت أرض سلوان حامية الأقصى؟
قصة من سلوان.. هكذا يعيش أبناء عائلة أبو صبيح محاطين بالمستوطنين
تستذكر دارين الحادثة، وتقول للجزيرة نت "ركبت مع أمي وأبي وشقيقي في سيارتنا وفوجئنا بهجوم وحدة خاصة من قوات الاحتلال علينا، واستهدفونا برذاذ الفلفل مجددا، قبل أن يصوبوا أسلحتهم نحو رأس والدي وشقيقي.. أخرجوني مع أمي من السيارة ثم اعتقلوا أبي وشقيقي وهما مصابان".
وصفت هذه الطفلة ما شعرت به في تلك اللحظات بالقول "اعتقدت أنها النهاية.. لم أتوقع أننا سننجو مما حدث"، لكن دارين، مثل المئات من أطفال الحي، مضطرة للملمة جراحها كل ليلة، استعدادا لمجابهة الرعب ذاته على مدار ساعات.

تصاعد هجمة الاحتلال والمستوطنين
قبل سنوات، كان المقدسيون يتجولون بحرية تامة في هذا الحي المقابل للمسجد الأقصى، وكان الأطفال يلهون في الأزقة الضيقة حيث تعلو ضحكاتهم، ومع مرور الوقت خفتت أصواتهم وحلت محلها صرخات رعب جراء تصاعد هجمة الاحتلال ومستوطنيه.
ومنذ نحو شهر، تشتعل المواجهات الليلية في هذا الحي الذي يسكنه 7 آلاف مقدسي يفشلون في إغماض جفونهم كل ليلة، مع تصاعد استفزازات المستوطنين وتكرار اعتداءاتهم.
وبحلول الظلام، تشتد المواجهات لساعات طويلة، حيث يهرع الأطفال قبل اشتعالها إلى منازلهم التي لم تعد جدرانها ولا أبوابها تحميهم مع تعمد الاحتلال اقتحامها وإمطارها بالقنابل الغازية.

كوابيس المرضى
على بعد أمتار من منزل الطفلة دارين، تعيش أم ناصر الرجبي (66 عاما) التي تعاني من متاعب صحية في الجهاز التنفسي، وباتت المواجهات الليلية كابوسا تتمنى أن ينتهي.
لا تخشى أم ناصر على مصيرها وحدها، بل أيضا على مصير حفيدها عوض الذي يعيش في غيبوبة منذ 3 أعوام داخل منزل العائلة التي تتجند لحمايته من القنابل الغازية بعد إمطار المنزل بها يوميا.
تقول هذه المسنة "نموت كل يوم 100 مرة، خوفا على ابننا الذي دخل في غيبوبة نتيجة حادث عمل، وعلى استهدافنا من قوات الاحتلال والمستوطنين المجاورين لمنزلنا وحراسهم، الذين يسعون لطردنا بكافة الوسائل".

يواجه سكان الحي كافة المصير القاتم ذاته، ويؤكدون أن استفزازات المستوطنين تصاعدت الأسبوع الأخير في محاولة للانتقام الجماعي من السكان بعد صدور قرار من المحكمة الإسرائيلية العليا يقضي بتأجيل طرد عائلة دويك من منزلها في الحي لصالح المستوطنين، وهو واحد من عشرات المنازل المهددة بالطرد والإخلاء في بطن الهوى.
يقول ابن الحي مازن دويك إن الآباء في بناية عائلته باتوا عاجزين عن توفير الأمن لأطفالهم، أو الإجابة عن أسئلتهم المتكررة التي تنم عن عدم استقرارهم وعن شعورهم بالخوف العميق.
ويضيف "لا يجرؤ أحد من أطفالنا السبعة على الخروج من المنزل من دون مرافقتنا، خاصة أنهم يشاهدون بأم أعينهم الاعتداءات الوحشية من جنود الاحتلال على أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 أعوام. ولذلك، يعاني أطفالنا أيضا من اضطرابات في النوم في الآونة الأخيرة".
رئيس لجنة حي بطن الهوى، زهير الرجبي، كان له النصيب الأكبر من الاعتداءات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، فبعد اعتقاله الأسبوع المنصرم والإفراج عنه بشرط الحبس المنزلي أعادت قوات الاحتلال اعتقاله مع نجله حمزة قبل يومين، وهو والد دارين التي روت تفاصيل ليلة الرعب التي عاشوها في الحي.
استفزاز وعربدة
يقول الرجبي إن المواجهات تشتعل يوميا بسبب عربدة المستوطنين الذين يتعمدون شتم نساء وأطفال الحي وسرقة ألعابهم والبصق عليهم خلال ترددهم على الكنيس الذي افتتحوه بقوة الاحتلال في بطن الهوى عام 2018.
ومع تجدد المواجهات، تتعمد قوات الاحتلال اعتقال عدد من الشبان والإفراج عنهم بشرط الإبعاد عن مكان السكن أو الحبس المنزلي في محاولة لإفراغ الحي المشتعل من فئة الشباب بالتحديد.
ويعد حي بطن الهوى جزءا من الحارة الوسطى، إحدى حارات بلدة سلوان. وتدعي جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية ملكية 5 دونمات و200 متر مربع فيه (الدونم يساوي ألف متر مربع). وتسلم الأهالي حتى الآن أوامر إخلاء 87 منزلا، يسكنها 750 مقدسيا، وفقا للرجبي.
وبدأ التغلغل الاستيطاني في الحي عام 2004 بإقامة بؤرتين استيطانيتين، ثم تصاعد عام 2014 لتصل الآن إلى 6 بؤر تعيش فيها 23 أسرة من المستوطنين.
وتدعي "عطيرت كوهانيم" أن ملكية المنازل في الحي تعود ليهود من أصول يمنية قبل عام 1948. وافتتحت فيه عام 2018 "مركز تراث يهود اليمن" بادعاء أن كنيسا يعود لهم كان قائما في المكان وكان يحمل اسم "بيت العسل".