هل يمكننا التغلب على الحرارة العالية أم أنها بداية النهاية؟

موجات الحر الشديد تتسبب في اندلاع حرائق ببلدان عديدة (الجزيرة)

حذر عالمان أميركيان من خطورة موجات الحر الشديد التي تجتاح دولا من الولايات المتحدة إلى الهند وجنوب آسيا، وحتى الصين وأوروبا.

وأوضح العالمان -وهما دوروود زيلكي، رئيس معهد الحوكمة والتنمية المستدامة والدكتورة غابرييل دريفوس، كبيرة العلماء بالمعهد، أن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة يجعل من ظاهرة الاحترار العالمي أكثر تواترا وأشد حدة وأطول أمدا.

وتساءل العالمان، في مقال مشترك بصحيفة "ذا هيل" (The Hill) الأميركية، عما إذا كان بالإمكان التغلب على هذا الحر الشديد، أم أنها نذير ببداية نهاية الحياة في كوكب الأرض.

وتواصل موجة الحر الشديد اجتياح مناطق عديدة من العالم مع تسجيل درجات حرارة قياسية في أوروبا والولايات المتحدة واندلاع حرائق ضخمة امتدت إلى شمال أفريقيا، في حين حذرت الأمم المتحدة من تواتر الظاهرة حتى 2060 بسبب تغير المناخ.

انتحار جماعي

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -في كلمة ألقاها أول أمس الاثنين في افتتاح اجتماع بألمانيا لبحث أزمة المناخ- من أن الحرائق المستعرة في أوروبا وغيرها من القارات في العالم، إضافة إلى موجات الحر الخانق، تشير إلى أن الإنسانية تواجه "انتحارا جماعيا".

إعلان

ووفق مقال "ذا هيل"، فإن الحر الشديد ومجافاة النوم إلى جانب ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تؤدي معا إلى خفض مهارات اتخاذ القرار الإستراتيجي إلى النصف بحلول نهاية القرن الحالي.

ويرى زيلكي ودريفوس في مقالهما المشترك أن هناك حدودا لقدرة البشر على احتمال مزيج من الحر والرطوبة تفوق طاقة أجسامهم على البقاء على قيد الحياة.

ورغم أنه من الصعوبة أحيانا تشخيص أسباب الوفيات الناجمة عن الحرارة، إلا أن موجة الحر التي ضربت أوروبا عام 2003 تسببت في 70 ألف حالة وفاة.

ويعتقد العالمان أن التأقلم على الظواهر المناخية قد يسمح للبعض بالتكيف مع الحر الشديد، لكن الزيادة السريعة في درجات الحرارة القصوى في المناطق التي لم تشهد تجارب سابقة لمثل هذه الظاهرة، ستختبر قدرة البشر الجماعية على التكيف معها، خاصة أن الاحتباس الحراري أحدث تغيرا في المناخات خارج النطاق الذي عزز تطور الحضارة الإنسانية.

ويشكك الكاتبان في قدرة أي شخص على التكيف مع هذه الظاهرة -التي أودت بالفعل بحياة عدد كبير جدا من الناس من الشباب وكبار السن والضعفاء- ما لم يتوقف تلوث المناخ.

التضخم الحراري

وتصيب الحرارة والجفاف والتأثيرات المناخية الأخرى أيضا المحاصيل الزراعية، وتفتك بالمواشي على نحو ما شوهد مؤخرا في ولاية كنساس الأميركية، وهي عوامل أدت بالفعل إلى رفع أسعار المواد الغذائية وتساهم في التضخم الحالي الذي تعاني منه الولايات المتحدة ودول أخرى من خلال ما يسميه العالمان "التضخم الحراري".

ووفقا للمقال الذي نحن بصدده، فقد بات مستقبل تغير المناخ أكثر وضوحا الآن بعد أن أصبح واقعا معاشا بالفعل مع تنقل موجات الحر الشديد في أرجاء المعمورة من الولايات المتحدة إلى الهند وجنوب آسيا والصين وحتى أوروبا.

وتشهد مناطق أوروبية كثيرة موجة حارة يقول العلماء إنها تتماشى مع تغير المناخ وارتفعت فيها درجات الحرارة إلى ما يزيد على 40 درجة مئوية في بعض المناطق مع اندلاع حرائق غابات في مناطق ريفية جافة بالبرتغال وإسبانيا وفرنسا.

إعلان

تدابير تقلل مخاطر موجات الحر

ويقترح الكاتبان بعض الحلول لتأثيرات المناخ، وهي حلول يقولان إنها أصبحت أكثر وضوحا وتأكيدا مثلما هي ظاهرة التغير المناخي.

ويؤكدان أن الطريقة المثلى والوحيدة المعروفة حتى الآن لإبطاء الاحترار في العقد أو العقدين المقبلين تكمن في خفض غاز الميثان وملوثات المناخ قصيرة العمر مثل غازات الهيدروفلوروكربون المسببة للاحتباس الحراري، والكربون الأسود (السخام) والأوزون الأرضي (الضباب الدخاني).

كما أن من الضروري -بنظر الكاتبين- إزالة الكربون من نظام الطاقة بأسرع ما يمكن لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عن طريق التحول إلى الطاقة النظيفة.

ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجية وحدها غير قادرة على إبطاء الاحترار حتى عام 2050. وعلى النقيض من ذلك، فإن خفض غاز الميثان الملوث للمناخ يمكن أن يجنِّب البشرية ما يقارب 0.3 درجة مئوية بحلول عام 2040.

وقد يؤدي تقليص معدلات جميع الملوثات الفائقة إلى تقليل نسب الاحتباس الحراري بمقدار 4 أضعاف بحلول عام 2050، مثل إزالة الكربون بضراوة، وبذلك يمكن إبطاء معدل الاحترار بمقدار النصف في جميع أنحاء العالم والثلثين في القطب الشمالي.

وهناك تدابير أخرى يقترحها العالمان الأميركيان يمكن أن تساعد في بقاء الناس آمنين في أثناء تعرضهم لموجات حر شديد، من بينها زراعة أشجار ظليلة قادرة على خفض درجات الحرارة القصوى بعدة درجات مئوية، مما يجعل الناس قادرين على مواجهة الحرارة الزائدة التي تحدث في المدن.

ومن بين تلك التدابير، طلاء أسطح المباني بألوان فاتحة، ورصف الشوارع بخرسانة عاكسة لأشعة الشمس بدلا من الإسفلت.

ثم هناك أجهزة تكييف الهواء التي تبقي الأجسام والأدمغة باردة ومنعشة. غير أن تلك الأجهزة -والقول ما يزال للعالمَين- تعد سلاحا ذا حدين، فهي تستهلك قدرا هائلا من الطاقة المنتج معظمها من الوقود الأحفوري؛ الأمر الذي يساهم في تفاقم الاحترار وزيادة الطلب على الكهرباء والمبردات التي تستخدم غازات الهيدروفلوروكربون الملوثة للمناخ.

إعلان

 

المصدر : هيل

إعلان