انتخابات البنجاب ترسم ملامح المشهد السياسي في باكستان وتضع مستقبل عمران خان على المحك
إسلام آباد- يستعد إقليم البنجاب -أكبر أقاليم باكستان- لإجراء انتخابات فرعية اليوم الأحد، للتصويت على 20 مقعدا أصبحت شاغرة بعد حرمان أصحابها من أعضاء حزب حركة الإنصاف من عضوية البرلمان المحلي، بسبب تغيير الولاءات.
وكانت لجنة الانتخابات المركزية قد أصدرت قرارا بعدم أهلية النواب من حزب الإنصاف -الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عمران خان- في برلمان إقليم البنجاب، بعد أن صوتوا ضد حزبهم لصالح حمزة شهباز شريف من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية/ جناح نواز شريف، في انتخابات رئاسة وزراء البنجاب.
وضع سياسي ملتهب
وتشهد باكستان في الأشهر الأخيرة وضعا سياسيا حرجا، في أعقاب سقوط حكومة عمران خان في أبريل/نيسان الماضي، بعد حجب الثقة عنها قبل إكمال فترتها القانونية، وتلا ذلك مسيرات لأنصاره ضد الحكومة الجديدة بقيادة زعيم حزب الرابطة الإسلامية شهباز شريف.
وقاد حزبا الإنصاف والرابطة الإسلامية حملات انتخابية قوية في إقليم البنجاب، تجهيزا للانتخابات.
وفي خطابه أمام أنصاره في مدينة فيصل آباد غربي مدينة لاهورعاصمة الإقليم يوم الجمعة، استمر عمران خان في توجيه رسائله والتركيز على انتقاده للحكومة الائتلافية التي يصفها بـ"المستوردة والفاسدة"، وفقا لصحيفة "دون" (DAWN) الباكستانية.
وقال خان إنه سيواجه منافسيه "حتى الكرة الأخيرة"، وأصرّ على أن حزبه سيخرج منتصرا في الانتخابات الفرعية في الإقليم، لكنّه حذر من لجوء حزب الرابطة إلى تزوير الانتخابات لتحويل النتائج لصالحهم.
في المقابل، حثت مريم نواز شريف نائبة رئيس حزب الرابطة الإسلامية، سكان لاهور على التصويت لصالح حزبها، وقالت إن الانتخابات الفرعية في البنجاب لم تكن حربا بين حزب الرابطة وحزب حركة الإنصاف، لكنها كانت "معركة من أجل تطوير لاهور".
موقف صعب لحزب الإنصاف
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن فرص حزب حركة الإنصاف في الفوز بتلك الانتخابات ضئيلة إلى حد كبير.
وفي هذا السياق، رجّح الصحفي والمحلل السياسي حذيفة فريد أن يحصل حزب الرابطة على 12 مقعدا، وحزب الإنصاف على 7 مقاعد فقط، وتوقع أن يذهب المقعد الأخير لأحد المستقلين.
وحول الأسباب التي تقلل من فرص فوز حزب الإنصاف، قال فريد للجزيرة نت "نحن نتكلم عن انتخابات تتم في معقل حزب الرابطة الإسلامية، وهذا سوف يلعب دورا كبيرا في هزيمة حزب الإنصاف، نظرا لعدم وجود داعمين للحزب في البنجاب"، مضيفا أن صراع المؤسسة العسكرية مع حزب الإنصاف سوف يلعب أيضا دورا مهما في هزيمة الحزب هناك.
من جهته، أحال المحلل السياسي رانا افتخار التوقعات بهزيمة حزب الإنصاف إلى عدة أسباب، أولها أن غالبية قيادات حزب الإنصاف في الإقليم ساخطون وغير راضين عن أداء الحزب، ومن المرجّح أن يقدموا الدعم لمرشحي حزب الرابطة.
أما السبب الثاني -كما يقول افتخار- فيعود إلى أن أداء حكومة حزب الإنصاف في الإقليم برئاسة عثمان بوزدار تسبب في تآكل قاعدة الدعم لحزب الإنصاف في الإقليم، "فأداء تلك الحكومة لم يخيب آمال سكان البنجاب فحسب، بل أدى أيضا إلى إبطاء تقدم المقاطعة وتطورها".
يضاف إلى ما ذكر، أن حزب الرابطة الإسلامية قدم مرشحيه الأقوياء، ونفذ حملة فعالة لحشد الدعم العام من خلال تسليط الضوء على المناطق الرمادية ونقاط الضعف لدى حزب الإنصاف في الإقليم، مشيرا إلى أن الحزب قدّم دعما سخيا وحزم إغاثة للمواطنين في الإقليم.
المشهد السياسي
ولهذه الانتخابات أهمية كبيرة، إذ تعدّ اختبارا صعبا لحزب الإنصاف وزعيمه عمران خان، وستكون مؤشرا لقياس مدى نجاح حملته في زيادة التأييد الشعبي، والتجهيز للانتخابات العامة المقبلة.
ونقلت قناة "جيو نيوز" (Geo News) عن المعلق السياسي حسن عسكري، قوله إنه إذا فاز عمران خان فسوف يزيد الضغط لإجراء انتخابات جديدة، أما إذا خسر، "فسوف يسميها بالتأكيد انتخابات مزورة".
من جهته، قال حذيفة فريد إنه في حال فوز حزب الرابطة الإسلامية بالانتخابات فإن ذلك سوف يلعب دورا كبيرا في استقرار الحكومة الحالية واستكمال فترتها حتى الانتخابات القادمة العام المقبل، أما في حال فوز حزب الإنصاف فيمكن اعتبار ذلك مقياسا لفوزه في الانتخابات العامة.
وأوضح فريد أنه وفقا للمعطيات المترتبة في حال فوز حزب الإنصاف في البنجاب، فإن المؤسسة العسكرية لن تستطيع التدخل لهزيمته في الانتخابات العامة. لكن في حال الخسارة، فهذا يلعب دورا في هزيمة الحزب في الانتخابات العامة في العام المقبل.
بينما قال رانا افتخار، إن هذه الانتخابات سوف تؤثر على السياسة المستقبلية لباكستان، إذ ستحدد رئيس وزراء البنجاب، كما ستوضح نتائج الانتخابات الشعبية العامة لكلا الحزبين.
ويحتاج حزب الرابطة الإسلامية للفوز على الأقل بنصف المقاعد المتاحة حاليا في البنجاب، وإلا فإن خسارته من المحتمل أن تؤدي إلى سيطرة حزب الإنصاف على المجلس بالشراكة مع حلفائه.
ويأتي هذا الصراع الانتخابي في الوقت الذي تواجه فيه قيادات من حزب الإنصاف تهما بـ"الخيانة العظمى"، حيث قالت وزيرة الإعلام مريم أورنغزيب -يوم الجمعة- إن مجلس الوزراء وافق على تشكيل لجنة لبحث إمكانية توجيه تهمة "الخيانة العظمى" لكبار قادة حزب الإنصاف، بمن فيهم عمران خان، وذلك في تداعيات قضية سحب الثقة من رئيس الوزراء في أبريل/نيسان الماضي.
في المقابل، يواجه قيادات من حزب الرابطة الإسلامية -وعلى رأسهم رئيس الحكومة شهباز شريف، ونائبة رئيس الحزب مريم نواز شريف، والمرشح الأبرز لرئاسة وزراء البنجاب حمزة شهباز شريف- اتهامات بالفساد، حيث لا تزال المحاكم الباكستانية تنظر في تلك القضايا الموجهة لقيادات الحزب.